من أروع الأمثال الشعبية: «اللي تجمعه النملة يأكله البعير» فالنملة تتعب وتشقى وتجمع مؤونتها حبة بعد حبة طوال العام ويأتي البعير ويبتلع كل المستودع بقضمة واحدة، لو كان لدى البعير ذرة من الحياء لأكل مستودع النملة على دفعات! ففي ذلك مراعاة لمشاعرها، فما دام سيأكل كل مستودعها ويتركها تأكل التراب بعد ذلك، فليس ثمة داع لأن يوجه لها رسالة ملخصها أن كل تعبها وشقائها طوال العام كان أضحوكة يمكن أن تنتهي في لحظة واحدة. طبعا كل هذا أصبح تراثا لا قيمة له، فبعير اليوم لا يعطي أصلا فرصة للنملة كي تجمع الحبوب في مستودعها، فقد أصبح يتمتع بتقنية الشفط التلقائي التي تمكنه من أكل الحبة بمجرد ما تحملها النملة وقبل أن تصل بها إلى المستودع، فأسماء مستحقي المنح التي أعلنت عنهم أمانة جده قبل أيام قليلة أغلبهم باسم الله ما شاء الله من ذوي الجاه والمناصب ورجال الأعمال الذين لا يحتاجون مثل هذه المنح، ومع ذلك لم تترك هذه الجمال الكبيرة لأي نملة صغيرة أن تستمتع بهذه الحبة الصغيرة التي يسمونها منحة أرض، رغم أنها في الغالب ستكون أراضي بلا خدمات والذهاب إليها يشبه الهبوط على سطح القمر. وأجمل ما في الموضوع أن الأسماء المعلنة من أصحاب المناصب المرموقة والأرصدة الضخمة، لم يكتف أصحابها بمزاحمة المواطنين البسطاء على هذه المنح بل إن كل بعير منهم جاء (بكم حوار وكم بكرة) من أبنائه وبناته ولم يعد للنمل حفرة تستظل بها من المطر ورياح الشتاء، فثمة بعير جاء ومعه أكثر من عشرة من أبنائه وبناته ليشرد النمل في كل اتجاه بينما اكتفى بعير آخر بثمانية من أولاده لأنه حنون أو لأن المدام حفظها الله لم تنجب أكثر من هؤلاء. ولأن النملة صغيرة فقد اعتقدت الجمال أن عقلها صغير، فتم تفريق الأسماء التي تنتمي إلى أب واحد وإبعادها عن بعضها البعض في القوائم المعلنة كي لا تلاحظ النملة أن الجمال الكبيرة والصغيرة قد استباحت فرصتها في حياة كريمة، وهذا سلوك خاطئ بالطبع، لأنها نملة وليست «حمارة»! فالنملة دؤوبة بطبعها وتستطيع جمع الأسماء المتشابهة وإلصاقها ببعضها البعض، والأسماء المتشابهة كثيرة للأسف الشديد. أيها المسؤولون إذا كنتم تريدون حقا محاربة العشوائيات في جدة فنحن معكم، ولكن أوقفوا هذه الجمال الهائجة التي لم تترك جحر نملة إلا واستولت عليه، ما هذه (الطفاسة) يا قوم؟ أين سيسكن عباد الله؟ [email protected]