«كلية» بنيت أربع مرات على الورق محمد الصالحي وحكاية سكان القنفذة مع المؤسسة العامة للتدريب التقني تستحق أن تروى، لا لشيء سوى أنها إحدى غرائب مشاريع الورق. يصرح نائب محافظ المؤسسة بحر الأسبوع الماضي باعتماد مشاريع (جديدة) لهذه المحافظة الساحلية، وعند مفردة (جديدة) ألف قصة وسؤال وابتسامة بريئة. يتحدث سعادة النائب عن كلية تقنية جديدة برقم مليوني وعن معهد تدريب عال للبنات بأكثر من ذاك الرقم، والمشروعان، لمن لا يعلم، ظلا لأربع سنوات سطرا يتصدر أخبار المؤسسة وبجانبه مفردات: (جديدة، وتم تسليم المشروع للمقاول، وستنتهي قريبا) فيما الواقع يشير إلى أنها بقيت حبرا على ورق منذ ذاك الوقت. لا أثر لكلية أو معهد رغم الاعتمادات المليونية وحفلات التصريح. وسأنصفهم إذا جئت بذكر لوحة من خشب أبيض منصوبة أمام قطعة أرض خاوية منذ سنوات مكتوب عليها: الكلية التقنية بمحافظة القنفذة، وعند اللوحة غبار. وقفت كثيرا عند تصريح نائب محافظة المؤسسة متسائلا: إن كان سعادته يعني مفردة (جديدة) بحرفها ونقاطها فهذا يعني أن في رقبة المؤسسة أكثر من كلية لمواطني القنقذة اعتمادا على أخبارهم في السنوات الماضية والتي تعتمد كلية تقنية جديدة كل عام، وإن كان سعادته يقصد بها مشروعا جديدا حديثا اعتمد هذا العام: فأين ذهب مشروع الأمس وقبله والذي تحدثوا عنه وعلقوا لأجله لوحة ولاكوا أرقامه طوال أربع سنوات. يتساءل مواطنو القنقذة وهم يراقبون أبناءهم وإخوتهم يداومون في عمارتين استأجرتهما المؤسسة ككلية تقنية على بعد أمتار، وأقول أمتار، من خزانات وقود شركة كهرباء تهامة، ولكم أن تتخيلوا حجم الكارثة لو وقعت. يتساءلون عن بناتهم الموعودات بمعهد ينتشلهم من قاع البطالة إلى العمل الشريف. يتساءلون عن مشاريع تعتمد عشرات المرات على الورق وتنفذ تصريحات على الورق، وتنسى على الورق. هذا جزء من حكاية مشاريع يطالب مجلس الوزراء دوما بسرعة تنفيذها ويتساءل عن سبب تأخرها، فيما هي في حضرة بعض المعالي والسعادة مجرد سطر في تصريح يقدموه للصحفيين كلما اعتلوا منبرا.