لم يفلح باحثون إنكليز في إيجاد علاقة بين نوع جديد من الفيروسات الارتجاعية ومتلازمة التعب المزمن، في دراسة تتناقض مع نتائج سبق وأن ادعى فيها باحثون أميركيون أنهم وجدوا سببًا فيروسيًا محتملاً لتلك الحالة التي يصاب فيه جسم الإنسان بالوهن. وتشير صحيفة الإندبندنت البريطانية في هذا الإطار إلى أن الباحثين الإنكليز لم يتمكنوا من الكشف عن فيروس مكتشف حديثًا يعرف اختصارًا ب "XMRV" في أي من عينات الدم التي تم سحبها من 186 شخصًا مصابًا بمتلازمة التعب المزمن، التي تعرف اختصارًا ب ME. ما دفع الباحثون للقول إن ذلك يوضح عدم لعب فيروس XMRV أي دور في احتمالات الإصابة بالمرض، في بريطانيا على الأقل. هذا وقد قامت إحدى الباحثات اللواتي شاركن في تلك الدراسة بتوجيه موجة من الانتقادات كذلك للعلماء الأميركيين الذين أجروا الدراسة السابقة، بعدما أكدت على أنهم استعجلوا في نشر النتائج التي توصلوا إليها في مجلة العلوم، قائلة إنها نتائج "سابقة لأوانها"، وأن المجلة كان يتعين عليها الانتظار إلى أن تتوافر أدلة أقوى يكون بإمكانها أن تبرهن على وجود مثل هذه العلاقة. ونقلت الصحيفة في هذا الشأن عن البروفيسور ميرا مكلور، عالمة الفيروسات في امبريال كوليدج في لندن وإحدى العضوات البارزات في فريق البحث البريطاني، قولها :" عندما تتوصل لنتيجة مذهلة مثل هذه، عليك أن تتأكد من أنك على صواب بنسبة 1000 % علمًا بأن هناك أشياء في تلك ( الدراسة السابقة ) لم أكن لأفعلها. وكان من الأجدر بي أن أنتظر، وأن أتريث قليلاً". وهنا، تلفت الصحيفة إلى أن متلازمة التعب المزمن تصيب ثلاثة تقريبًا من بين كل ألف شخص، وتؤدي للإصابة بحالة من الإرهاق الشديد على الصعيدين البدني والعقلي. ولدى الإعلان عن نتائج الدراسة الأميركية الآنف الحديث عنها، ( التي سبق لها أن ربطت بين المرض وبين فيروس XMRV، بدأ يستفسر كثيرون من المرضى من أطبائهم عن إمكانية الخضوع لاختبار خاص بالكشف عن هذا الفيروس وما إن كان بمقدورهم تلقي عقاقير مضادة للفيروسات أم لا. وكان الأطباء الأميركيون قد سبق لهم العثور في دراستهم التي أجروها بمعهد بيترسون في مدينة رينو بولاية نيفادا الأميركية، ونشرت نتائجها في تشرين الأول / أكتوبر الماضي، على فيروس "XMRV" في عينات دم 68 شخصًا من بين 101 مريضًا شخصت إصابتهم بمتلازمة التعب المزمن. وحينها أكدت للصحيفة الباحثة الرئيسية في الدراسة وتدعى، جودي ميكوفيتس، على أن مزيدًا من اختبارات الدم أظهرت لهم أن الفيروس يتوافر لدى 95 % من المرضى المصابين بمتلازمة التعب المزمن. ومع هذا، فقد فشل الفريق البحثي الإنكليزي بقيادة مكلور في العثور على أي أدلة تبين وجود الحمض النووي الخاص بفيروس XMRV في عينات الدم التي جرى سحبها من 186 مريضًا شُخِصت حالتهم بمتلازمة التعب المزمن لمدة أربعة أعوام على الأقل. ولم يفلح الباحثون كذلك في إيجاد أية فيروسات ذات صلة بفيروس XMRV. وتابعت مكلور حديثها هنا بالقول :" نحن على ثقة من أن نتائجنا تبين عدم وجود علاقة بين فيروس XMRV ومتلازمة التعب المزمن، على الأقل في المملكة المتحدة. أما الدراسة الأميركية فقد تمخضت عن بعض النتائج المثيرة التي تضمنت على إمكانية معالجة المرضى المصابين بتلك الحالة بمضادات الفيروسات. ونصيحتنا للمرضى هي ألا يغيروا نظامهم العلاجي، حيث أظهرت نتائجنا أن الأدوية المضادة للفيروسات لن تكون علاجًا فاعلاً لتلك الحالة". وختمت مكلور حديثها بالإشارة إلى أنهم قاموا بإجراء دراستهم في ظل ظروف اختبارية بالغة الدقة، وأنهم أجروا الدراسة من بدايتها وحتى نهايتها دون أن يكونوا على دراية بأي عينات الدم التي تم سحبها من المرضى وأي عينات الدم الأخرى التي تم سحبها من الأشخاص الأصحاء. وقال أنطوني كلير، قارئ في علم الغدد الصماء العصبي المتعلق بالطب النفسي في كلية كينغز في العاصمة البريطانية لندن، إن الارتباط الواضح بين متلازمة التعب المزمن وفيروس XMRV تسبب في حدوث حالة من الإثارة بين الأطباء والمرضى على حد سواء، لكن الدراسة الأخيرة فشلت في تكرار تلك النتائج.