إنطلاقاً من مبدأ المهنية التي ينبغي أن تسود بيئة العمل في سبيل الرقي بالخدمات الوقائية والعلاجية المقدمة للمواطنين والمرضى والمراجعين. ونظراً لما لاحظته وآلمني شخصياً ما لمسته على أرض الواقع من تدني في وعي كلٍ من العامة والمختصين تجاه تخصص الطب الوقائي أوما يسمى بطب المجتمع. وجدت أنه من واجبي وبحكم تخصصي إيضاح نقاط مهمة متعلقة بتخصص الطب الوقائي. حيث انقسم الطب الوقائي حسب تصنيف"الجمعية الأمريكية للطب الوقائي " إلى شقين وهما كالآتي: شق سريري وآخر غير سريري. فالشق السريري يتضمن الطب المهني مثل الطب العسكري وطب الطيران و كذلك صحة الأم والطفل والصحة المدرسية وصحة المسنين والمراهقين والتثقيف الصحي واللتي يمكن تطبيقها جميعاً سريرياً من خلال تخصص طب الأسرة أو يمكن أن يمارسه في بعض الأحيان المختصين مثل أطباء الأطفال والنساء أو حتى الممارسين من التمريض المؤهلين تأهيلاً كافياً. أما الشق الثاني وهو الغير سريري أو ما يسمى بتخصص طب المجتمع والصحة العامة، والذي ينضوي في مجمله على إدارة وتخطيط وقياس وتقييم فاعلية وأداء البرامج الصحية على مستويات عدة ؛ انطلاقاً من المجتمع ووصولاً عند تقييم معايير خدمات الرعاية الصحية بمستوياتها الأولية والثانية والتخصصية. بل و يتعدى ذلك إلى المشاركة مع الهيئات العلمية المحلية والدولية "كمنظمة الصحة العالمية" في سبيل المساهمة في دراسة المشاكل الصحية المحلية والدولية وطرح حلولاً للتغلب عليها. شريطة أن يدرك المختص في هذا لنوع من الطب بعلوم مختلفة مثل علم الوبائيات للأمراض المعدية، كوبائيات مكافحة العدوى ونواقل الأمراض ووبائيات الأمراض الغير المعدية كالسرطانات وأمراض القلب الوعائية. وكذلك فإن المختصين في هذا الطب يدركون أيما إدراك كيفية تطوير السياسات الصحية والإحصاء الحيوي و منهجيات البحث العلمي. وكذلك طرق تدريب العاملين الصحيين بجميع فئاتهم. نهاية أتمنى أن أكون قد رسمت صورة واضحة عن بعض المهارات الأساسية لدى القائمين على هذا الفرع الحيوي من الطب والذين يمكن اعتبارهم جند مجهولين، ومن خلال مشاهداتي في بعض البرامج وإذا ما توفرت لديهم بيئة العمل الصحيحة لكي ينجزوا، كانوا سبباً في الحفاظ على رقي الخدمات والبرامج الصحية المقدمة. أخيراً: أتمنى أن يكون هناك خطة استراتيجية واضحة المعالم تتضمن احتياج الدولة من مثل هذا التخصص من أطباء وفريق عمل متكامل برؤية عشرة سنوات قادمة. وإلا فسوف يتلاشى هذا الطب رويداً رويداً وسنظل نئن من عواقب وخيمة مثل زيادة في معدل انتشار الأمراض وتردي في الخدمات وضحالة في مخرجات البحث العلمي. وبالله التوفيق. بارك الله لكم في العشر وكل عيد أضحى وأنتم بخير،