شدد وزير الصحة الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة على عدم تحميل المواطن أي اعباء مادية كركن وقاعدة أساسية في تطبيق التأمين الصحي وأكد على اهمية... عدم ربط جودة الخدمة الصحية أو توفيرها بتمويل الخدمة ومن الخطأ ربطهما ببعض وذلك في كلمته التي ألقاها في مؤتمر التأمين الصحي "خيارات وآفاق" والتي جاء فيها : بسم الله الرحمن الرحيم اَلحَمْدُ لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ضيوفنا الكرام، أيها الإخوة والأخوات، الَسَلامُ عَلَيْكُمْ ورَحَمة ُ الله ِ وبَرَكَاتُه، إنه لمن دواعي سروري أن أشارككم افتتاح هذا المؤتمر الذي تنظمه وزارة الصحة تحت عنوان (التأمين الصحي خيارات وآفاق)، والذي سعت إلى عقده إيماناً منها بالدور الفاعل الذي تقوم به المؤسسات التي تعنى بالتأمين الصحي في المجتمع، حيث ستتناول محاور المؤتمر دراسة النظم والتجارب العالمية لتمويل وتشغيل القطاع الصحي بطريقة اقتصادية ذات جدوى وكفاءة عالمية، مع الوضع في الاعتبار الاستفادة من السلبيات التي مرت بها العديد من دول العالم. ضيوفنا الكرام، إن حكومتنا الرشيدة، وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين، والنائب الثاني - حفظهم الله - تولي القطاع الصحي جل اهتمامها وعنايتها من أجل تقديم رعاية صحية عالية الجودة لا يتحمل المواطن الكريم فيها أي كلفة أو عناء البحث عنها.. وما المخصصات التي يتم إدراجها ضمن ميزانية الدولة لهذا القطاع إلا شاهد على مدى تلك العناية والاهتمام، كما أن توجيه خادم الحرمين الشريفين حفظه الله ببناء خمس مدن طبية عالمية تخدم مناطق المملكة يُعد تأكيداً لهذا التوجه الكريم. أيها الحفل الكريم، يجب علينا جميعاً أن نحدد مفهوم التأمين والهدف من تطبيقه والنتائج المرجوة منه، كما يجب علينا أن نميز بين التأمين الصحي التجاري والتأمين الصحي التعاوني، وأن مفهوم التأمين ليس بالضرورة أن يرتبط بخصخصة القطاع الصحي. ولعلنا نستفيد من تجارب الدول المتقدمة التي سبقتنا في هذا المجال، وما تعانيه من تحديات ومشكلات جراء تطبيق التأمين الصحي التجاري، وخصخصة القطاع الصحي، حيث أدى ذلك إلى ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية لأرقام أثقلت كاهل المؤسسات والشركات العاملة في تنمية المجتمع، بل وتعدتها إلى مواطني تلك الدول، كما أنها لم توفر الغطاء الصحي الشامل الذي يتطلع إليه الفرد والمجتمع. ضيوفنا الكرام، تتعدد أوجه تمويل القطاع الصحي وتختلف من دولة لأخرى، ولكنها جميعاً تتفق في أن الرعاية الصحية أصبحت ذات كلفة عالية، حيث تنفق عليها الدول جزءاً كبيراً من مواردها نظراً لأهميتها، كما اتخذت بعض الدول من التأمين الصحي التعاوني أحد أوجه التمويل للرعاية الصحية، وتم ربط ذلك بالجودة والإنتاجية للحد من الهدر مع الاستفادة من الموارد المتاحة. ولقد كان الهدف الأساسي من الأخذ بفكرة التأمين الصحي التعاوني في وطننا الحبيب هو تطوير وتنمية القطاع الصحي ورفع جودته والحد من الهدر والازدواجية، وأن يتم ذلك بطريقة تكافلية تستمد من ديننا الحنيف ومجتمعنا نهجها وهدفها، دون إرهاق للمواطن، أو ترتيب أعباء خلقت سلبيات في العديد من الدول مما أثقل كاهل مواطنيها. لقد أثبتت التجارب العالمية أن التأمين الصحي لا يعني جودة أو توفير الخدمات الصحية، وأنه من الخطأ ربط أحدهما بالآخر، كما أن تلك التجارب أوضحت أن تطور الخدمات الصحية مرتبط بإيجاد أنظمة للممارسة والجودة والإنتاجية والسلامة والتطوير, وربط مخرجات هذه البرامج بالتمويل الذي تتعدد أساليبه. كما أنه من الواجب علينا جميعاً أن نجعل المواطن الكريم هدفنا وغايتنا كما هو نهج الوزارة، وأن لا نتعجل بنقل بعض التجارب التي لم تثبت جودتها ونجاحها إلى مجتمعنا فتصبح عبئاً كبيراً على خدماتنا الصحية المتعددة، وتزيد من معاناة المواطن، وبالتالي فإننا لا نحقق بذلك رضى الله ثم توجيهات قيادتنا الحكيمة وتطلعات المستفيدين مما يقدم لهم من هذه الخدمات. أيها الحفل الكريم، لا يخفى عليكم أن التأمين التجاري قد لا يحقق سقفاً مفتوحاً للرعاية الصحية، أو شمولية أو تنوع التغطية، أو سرعة في الحصول على الخدمات. وقد بينت الدراسات الأولية التي اطلعت عليها وزارة الصحة أن التأمين الصحي التجاري يؤدي إلى رفع تكلفة الخدمات الصحية، كما هو حاصل في تجارب الدول المتقدمة, وقد يشكل عبئاً إضافياً على الدولة والمواطن. كما أن تجربة المملكة العربية السعودية مع التأمين الصحي التجاري ما زالت حديثة ومحفوفة بالكثير من التحديات والمصاعب، التي يجب أن نتأنى في دراستها والتعامل معها قبل التوسع فيها. الإخوة والأخوات، لقد سعت وزارة الصحة إلى تنظيم هذا المؤتمر إيماناً بأهميته، وتمشياً مع حرص القيادة الحكيمة على إعطاء هذا الموضوع الدراسة الكافية والمتأنية، للوصول إلى توصيات يمكن تحقيقها على أرض الواقع، من خلال تطبيق أنظمة وبرامج تؤدي إلى رعاية صحية متكاملة وشاملة ذات جودة عالية ومردود اقتصادي جيد، وسوف يكون هذا المؤتمر نقطة البداية لدراسة شاملة يتم من خلالها عقد ندوات وورش عمل، مستفيدين في ذلك من التجارب العالمية والتطبيقات الحديثة، بالتعاون مع الخبرات الوطنية والعالمية والجهات ذات العلاقة. كما تؤكد الوزارة أن ذلك لن يوقف عجلة البناء والتطوير الذي تشهده أروقة الوزارة في كافة مرافقها وتشمل كل مناطق مملكتنا الغالية. وختاماً.. أتقدم بكل الشكر والتقدير للمتحدثين والمشاركين من الخبراء المحليين والعالميين، الذين يؤمل أن يثروا هذا المؤتمر بتجاربهم، وأتمنى للمؤتمر الوصول إلى توصيات هادفة وشاملة تفيد الوطن والمواطن. كما أتوجه بالشكر والتقدير لشركاء الوزارة في هذا المؤتمر، وهم: البنك الدولي، وأمانة الضمان الصحي التعاوني، وشركة معارض الرياض، وكل من دعم وساهم وشارك هذا التجمع العلمي الهام. وأتمنى لهذا المؤتمر الهام كل التوفيق، وأن يكون ذا فائدة، وأن نصل من خلاله إلى صياغة توصيات تعكس مفهوم الهدف من التأمين الصحي التعاوني، والله أسأل أن يحفظ راعي نهضتنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين والنائب الثاني... وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. وفق الله الجميع، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.