أطلق معالي وزير الصحة (الدكتور عبد الله بن عبدالعزيز الربيعة) صيحة تحذير، وقرع جرس إنذار في الآذان، عندما أعلن أن الخدمات الصحية خصص لها (3.3%) من الناتج الوطني الإجمالي، فيما تنفق دول أخرى 15.3 % (صحيفة الحياة، 3 ذو القعدة 1431ه، ص4) وما دام الوضع كذلك، فطبيعي ألا يجد المرضى أسرة في المستشفيات، وتغلق مراكز الرعاية الصحية الأولية أبوابها، ويحزم الأطباء حقائبهم إلى حيث الرواتب المرتفعة، والحوافز التشجيعية المغرية، وليس مهما حصول المواطن على الدواء، كما أن على الحوامل من النساء العودة إلى عصر «الدايات».!! الوضع في وزارة الصحة الآن على النحو التالي: مراكز الرعاية الصحية، لم تعد قادرة على تقديم خدمات للمواطنين، بسبب عدم وجود اعتمادات مالية لها. غالبية تجهيزات هذه المراكز، وصلت إلى نهاية عمرها الافتراضي. 42 % فقط من تلك المراكز، تضم عيادات أسنان. 81% من مراكز الرعاية الصحية الأولية، مستأجرة. 2.2 سريرا لكل ألف مواطن، وهو أقل من المعدل العالمي. تطبيق معايير الجودة، يحتاج إلى موارد عالية، وتطوير آلي، وحل الإشكالات. وزارة الصحة كما جاء في خطة التنمية الثامنة هي الجهة الرئيسة، التي تتولى مسؤولية الرعاية الصحية، والعلاجية، والوقائية، والتأهيلية، وهي التي تقوم بتقديم خدمات الرعاية الصحية الأولية، من خلال شبكة من المراكز تضم زهاء (1900) مركز صحي، منتشرة في جميع أنحاء المجتمع السعودي، وهي التي تطبق نظام الإحالة، الذي يحقق الرعاية الطبية العلاجية لأفراد المجتمع، إلى جانب الإشراف على الأنشطة ذات العلاقة بالرعاية الصحية، التي يقوم يها القطاع الخاص. إزاء هذه المسؤوليات، كيف تلبي وزارة الصحة حاجات السكان من: الرعاية، والعناية الطبية، والعلاج، إذا كانت ميزانيتها ( 3.3 % ) من الناتج الوطني الإجمالي؟ وعلى أي البنود تنفقها ؟ أعلى الصيانة ؟ أم التشغيل ؟ أم الدواء ؟ أم القوى البشرية ؟ أم الأجهزة والمختبرات الطبية ؟ أم الهيئة التمريضية ؟ وكيف تتصدى الوزارة للحالات الطارئة، والمجتمع السعودي يواجه زيادة سكانية كبيرة ؟ لماذا لم يظهر إلى حيز الوجود المجلس الوطني، لتنسيق الخدمات الصحية، الذي طالبت به خطة التنمية الثامنة (ص 323) وأناطت به مهام صحية، ورعائية، وبحثية، وتنظيمية كثيرة ؟ ألم يحن الوقت بعد لظهوره، ومزاولة ما نيط به من مسؤوليات؟ ومتى سيظهر إن لم يظهر في الوقت الحالي ؟ وقد تكالبت على المواطن أمراض العصر، حتى إن بعضها أقعده عن الحركة، ومنعه من أداء دوره في التنمية المستدامة. أن تعلن وزارة الصحة أنها «غير قادرة على تقديم خدمات للمواطنين في مراكز الرعاية الصحية» فقضية في منتهى الخطورة، ومسألة في غاية الأهمية، ولا تتماشى مع التخطيط الواعي للدولة للقطاع الصحي من حيث: مواجهة زيادة الطلب على الخدمات الصحية، نتيجة الزيادة السكانية المضطردة، والتوسع في المرافق الصحية، وحصول المواطنين على حقوقهم الصحية، حتى إذا عجزت الوزارة عن تقديم خدماتها للمواطنين، وتلبية زيادة الطلب على القوى البشرية العاملة، وزيادة الطاقة الاستيعابية لكليات: الطب، والصيدلة، والعلوم التطبيقية، فإن الانتقادات الحادة توجه إليها، واتهامها بالتقصير يطالها، والمواطن ينتظر، والقضية لا تحتاج إلى إثبات، لأن أدلتها واضحة، وحلها ممكن. هل بوسع المواطن، أن يحصل على حقوقه الصحية، التي كفلتها له الدولة، ونصت عليها خطة التنمة الثامنة، في ظل ميزانية (3.3%) من الناتج الإجمالي الوطني ؟ وفي ضوء الخدمات المطلوبة من الوزارة وهي: الاستمرار في تنفيذ برامج الرعاية الصحية الأولية، وجعل مراكزها القاعدة الأساسية للخدمات الصحية، وإعطاء الأولية للفئات الأكثر عرضة للمخاطر، وبخاصة النساء، والأطفال، وزيادة أسرة المستشفيات، والاهتمام بعمليات صيانة المستشفيات القائمة، وتحديثها، وتزويدها بالتجهيزات الأساسية. مجلس الشورى بوصفه الجهة التشريعية، يستطيع تحقيق التوزيع العادل لموارد الدولة، على القطاعات كافة التي تقدم خدماتها للمواطنين، وكفالة حقوقهم الإنسانية، وحمايتها، ورفع مستوى حياتهم المعيشية. في واشنطن، وعلى هامش اجتماعات صندوق النقد الدولي التي عقدت قبل أيام، توقع معالي وزير المالية (الدكتور إبراهيم العساف) أن يزيد حجم الإنفاق الحكومي عن التقديرات الواردة في موازنة 2010م البالغة (540) مليار ريال (صحيفة الوطن السعودية،3 ذو القعدة 1431ه، الصفحة الأولى) فهل ينال الإنفاق على القطاع الصحي أولية، توازي حاجة المواطنين إلى الرعاية، والعناية، والعلاج ؟. الكرة الآن في مرمى وزارة المالية، وعليها أن تعيد النظر في الموازنة، بما يمكن المواطن من الحصول على حقوقه الصحية، دون عناء أو مشقة، وأن تكون إنقاذا للمرضى، وسندا لوزارة الصحة، وطالبي الدواء، ولكل داء دواء. *إعلامي وعضو مجلس شورى سابق.