لما في مهنة الطب من وجدانيات عالية ومعان انسانية كبيرة تهدف لعلاج المرضى أحيانا و وقايتهم من الأمراض في أحيان أخرى انطلق مجموعة من الأطباء يساندهم مجموعة من الخيّرين ووجهاء المجتمع لإنشاء منظمات المجتمع المدني التي لها نشاط متعلق بصحة المجتمع ليتحقق جوهر وسمة هذه المهنة وهي الإنسانية ولعل أبرز الأمثلة على ذلك مركز عبداللطيف للكشف المبكر عن السرطان الذي كان نتاج إصرار من الجمعية السعودية الخيرية لمكافحة السرطان ليحق نجاحا لافتا بحسب الاحصائيات الصادرة عن المركز نفسه ولعل آخر نجاحات هذا المركز هو إشادة وزيرة الصحة بجمهورية المالديف د. آمنة جميل خلال زيارتها مؤخرا لهذا المركز مؤكدتا أن مارأته من تجهيزات في هذا المركز تضاهي تجهيزات مراكز متقدمة حول العالم وأنه بحسب تقديرها فإنه يعد من بين أفضل عشرة مراكز متخصصة على مستوى العالم وكأن هذا النجاح والإبهار هو مصداق لمقولة أن الله يبارك في العمل الخير . إذا كان هذا المركز فكرة وأصبح بفعل الإصرار واقع وتعدى ذلك حتى صار علما بارزا في وقاية المواطن بجهد غير حكومي فلابد أن لاتقف الأفكار عند هذا الحد فإشراك منظمات المجتمع المدني من جانب الحكومة حاجة مهمة تضع على عاتق المواطن جزء من المسؤلية للرقي بالمجتمع إلى جانب المسؤليات الملقاة على عاتق الحكومة . لم يكن مركز عبداللطيف جميل هو الوحيد من منظمات المجتمع المدني التي لها نشاطات متعلقة بالصحة بل على سبيل المثال جمعية (شفاء) الخاصة برعاية المصابين بالأمراض المزمنة و مركز الشيخ محمد حسين العمودي للتميز في رعاية سرطان الثدي وغيرها من المنظمات والجمعيات الخيرية التي تؤدي مهام هذه المهنة سواء من ناحية الوقاية أو العلاج . إن وجود منظمات المجتمع المدني لم يعد أمرا خاصا بالدول الفقيرة أو التي تتعرض لأزمات من حروب وكوارث وغيره بل أصبح وجودها ضرورة لكل المجتمعات مهما كان الإقتصاد فيها نشط حتى أنه مؤخرا باتت هذه الجمعيات سمة من سمات المجتمعات المتقدمة ويثبت ذلك أحد احصائيات البنك الدولي التي ذكرت أن عدد منظمات المجتمع المدني في العالم ازدادت من6,000 منظمة في عام 1990 إلى 26,000 منظمة في عام 1999 أي بالزيادة 4 أضعاف عما كانت عليه وبالتالي في ظل تزايد قناعات دول العالم بهذه المنظمات أصبح من المحتم زيادة وجود الضمانات الدستورية والقانونية التي تجعل لوجودها هنا صفة الشرعية خصوصا أن وجودها يفيد من جهة في تقديم خدمات لشرائح متعددة في المجتمع ومن جهة أخرى تسد بعض الثغرات الناشئة عن عجز الحكومة في تغطية الخدمات ، من هنا نقول أن الدعوة لزيادة عدد هذه المنظمات أمر إيجابي ، والأهم من ذلك أن يكون عددها وانتشارها ملائم لعدد وتوزيعة السكان داخل المجتمع . بكالريوس طب وجراحة جامعة القاهرة *