يبدو أن الفكرة السائدة عن سلامة استخدام الهاتف النقال وأمانه أثناء القيادة باستخدام تقنية «البلوتوث» من دون الحاجة إلى الإمساك به باليد، هي فكرة خاطئة، فقد.. أشارت نتائج ما يقرب من 30 دراسة علمية، تضمنها تقرير «المجلس العلمي للسلامة الوطنية» بالولايات المتحدة الأميركية (مارس 2010)، إلى خطر استخدام الهاتف النقال حتى من دون حمله في اليد أثناء القيادة، وتأثيره السلبي على توافق المهام المعقدة للدماغ، وإلهاء السائق عن التركيز المطلوب لقيادة آمنة. ويصف هذا التقرير الحديث كيف أن الذي يتحدث بالهاتف النقال أثناء القيادة يمكن أن «ينظر» بعينيه، لكنه «لا يرى» حقيقة ما ينظر إليه، فالعقل البشري لا يمكنه من الناحية العلمية، تحليل وإدارة عمليتين تنفيذيتين في آن واحد، بل بالتعاقب، الواحدة تلو الأخرى، فإما التركيز في القيادة، وإما الاهتمام بالتحدث. ونتيجة لزيادة معدل حوادث السيارات لدى مستعملي الهاتف النقال أثناء القيادة إلى أربعة أضعاف مقارنة بغيرهم، أكد التقرير على ارتفاع عدد الحوادث الناتجة عن استعمال الهاتف النقال أثناء القيادة إلى 1.6 مليون حادثة، وهي تمثل نسبة مرتفعة «28 في المئة» من مجموع الحوادث عام 2008 في المجتمع الأميركي. وبمسح شامل، تبين أن «11 في المئة» من السائقين في المجتمع الأميركي يستعملون الهاتف النقال في وقت من أوقات اليوم أثناء القيادة، وأن «18 في المئة» منهم يكتبون ويبعثون برسائل نصية من هاتفهم النقال، وخلال هذه الأوقات الحرجة، التي تتطلب صفاء الذهن، وسرعة البديهة، وتوافق الجهازين العصبي والعضلي، يعمل الهاتف الخلوي على إلهاء الشخص بوسائل عدة، وهي: تشتيت انتباه الرؤية عن الطريق، واستعمال إحدى اليدين بعيداً من الإمساك بعجلة القيادة أو ناقل الحركة، إضافة إلى إلهاء الفكر بتحليل الكلمات المسموعة والرد عليها، عن الاهتمام بالإشارات والعلامات التحذيرية. ولعل هذا التقرير الجدير بالاهتمام، يجذب انتباه التربويين وعلماء الاجتماع، ووسائل الإعلام والمشرعين في المجتمع السعودي، وغيره من المجتمعات العربية، إلى ظاهرة فرط استخدام الهاتف النقال أثناء القيادة، والتأثيرات السلبية لمثل هذا السلوك الاجتماعي الخطر، ما يسهم بشكل فعال في ارتفاع نسبة حوادث السيارات، التي تفوق نظيرتها في المجتمعات المتقدمة صاحبة السبق في إجراء الدراسات الميدانية، ونشر الوعي، وتعزيز القوانين والتشريعات التي تحفظ مقدرات شعوبها. *استشاري الأمراض الصدرية واضطرابات النوم