ما حدث في مدينة جدة يعتبر كارثة يجب أن نقف عندها مطولاً و ننظر لها من كل جانب فهناك آثار سيئة لما حدث و هناك عواقب وخيمة يجب أن نتجنب حدوثها ، لقد شاهدنا على أرض الواقع ما حدث و الجميع رأى حجم الكارثة أو سمع عنها .... كان هناك خسائر بشرية كبيرة نتيجة حدوث عدد كبير من حالات الوفاة نتيجة الغرق أو الصعق بالماس الكهربائي ، وكان هناك هدم للمنازل و تشريد لألاف من السكان و جعلهم بلا مأوى ، وراينا الآثار التدميرية في المباني والمنشآت والطرق والجسور القائمة في موقعها , وحصل توقف جزئي للخدمات الصحية في بعض المستشفيات. إن آثار الامطار و مستنقعات المياه افضل بيئة لانتشار الامراض المعدية كالكبد الوبائي والملاريا الصفراء وحمى الضنك كما ان هناك العديد من الفيروسات التي قد تظهر في مثل هذه الظروف ولا يتم التعرف عليها بشكل سريع وأن ناقلات الأمراض، مثل الفيروسات والبكتيريا، تكون عادة مقيدة بالظروف الموسمية والجغرافية وبالعلاقات المناخية في الطبيعة. ويؤدي تغير المناخ والاخلال بهذه الأنظمة ، مثل تكون المستقعات وبرك المياه ، الى كسر هذه القيود وانتقال الأمراض وانتشارها بين البشر. مثال على ذلك تفشي الكوليرا وحمى الضنك و تعتبر حمى الضنك (dengue) أخطر الأمراض الفيروسية بحسب منظمة الصحة العالمية، التي تقدر حصول ما بين 50 و100 مليون إصابة سنوياً وتعرض نحو 2,5 بليون نسمة حول العالم لخطر العدوى. وهي تنتقل بواسطة البعوض. وفي حالتها الحادة، أي الحمى النزفية، قد تكون الاصابة قاتلة. و يسهم تزايد برك المياه و المستنقعات التي تجتاح هذه المناطق في تكثيف المخاطر الصحية المحدقة بالآلاف من الناس ، إذ بإمكان هذه المستنقعات أن تتسبّب في استفحال الأخطار الصحية، بما في ذلك الملاريا والإسهال وغيرهما من الأمراض السارية القادرة على الفتك بالناس.وهناك مخاوف من التعرّض لحمى الضنك وأمراض الإسهال وأنواع العدوى التنفسية و الطفيليات ، خصوصاً بين الأطفال. و يجب أن نلقي نظرة على مسئلة تلوث المياة وتحولها إلى مياة غير صالحة للشرب في بعض المناطق فالكثير من السكان أكدو وصول مياه طينية عبر شبكة المياة إلى منازلهم ، فمياه المنازل الملوثة إما ان تكون بمياة الصرف الصحي و هذه كارثة و إما ان تكون بمياه الامطار و التي تكون ملوثة ب أكسيد النتروجين و أكسيد الكبريت و ذرات التراب , و تلوث المياة قد يؤدي إلى انتشار الأمراض و الأوبئة في المناطق المنكوبة و بين السكان مثل انتشار مرض الإسهال عند تلوث مياه الشرب و أكثر الأمراض المعروفة تاريخيا بإنتشارها بتلوث المياة التيفويد و الكوليرا و نحن شاهدنا أمثلة عليهما اليوم عند حدوث الفيضانات و الأمطار الغزيرة في أماكن مثل بنجلاديش و اندونيسيا. و أخيرا يجب أن لا نتغافل عن بحيرة الصرف الصحي ، هذه البحيرة اليوم تعتبر أكبر كارثة بيئية صنعتها أمانة جدة تهدد حياة السكان بأشد الأخطار، إن بحيرة الصرف الصحي شمال شرق جدة والسدود المحيطة بها لها امكانيات محددة حيث ان السد الترابي الموضوع هو 8،25 م ويوم السيول وصل ارتفاع المياه في البحيرة الى 10،80م ، و مع هذا الارتفاع في منسوب المياه وقفت مياه بحيرة الصرف الصحي عند السد الاحترازي وعندما ارتفعت المياه بعد توافد السيول عليها وصلت المياه لمستوى 14م و انتقلت بعد السد الاحترازي إلى حفرة تتسع لكمية 5 ملايين متر مكعب فقط ، و أرى ان هناك خطورة من فيضان البحيرة على سكان مدينة جدة و عند ذلك سوف يحصل أكبر كارثة يمكن أن تمر على تاريخ المنطقة . إن الاستئناف المناسب لخدمات الصحية العامة مثل الصرف الصحي ، والتخلص من النفايات ، ونوعية المياه ، والسلامة الغذائية و مكافحة الأمراض الوبائية قبل تفشيها ستضمن السلامة العامة للجميع. و دمتم سالمين