قولوا للناس حسنا 7 البيانات الجلية لمتاهة الأخطاء الطبية(3) أعتذر عن التأخير ولكني كلما بدأت أكتب في هذه الجزئية من الموضوع يأبى القلم إلا التحالف مع المشاعر و أنا أريده أن لا يحمل شنآن القضية الا ان يعدل بين المشاعر و التحليل المنطقي السليم، و الآن أجدني قد توصلت معه لحل وهو الإلتزام بالتحليل العلمي المنطقي و السماح للتعبير عن المشاعر دون المساس بحيادية الطرح فوافق قلمي وإرتاحت مشاعري و إطمأن ضميري و قبل عقلي التطرق لقضية أداء الأطباء (وهم أهم المهم في أداء منظومه التطبيب) بتوازن الطرح بين المنطق و المشاعر و الضمير وهكذا كتب فريق العمل(القلم و المشاعر و العقل و الضمير) هذه الجزئية المحوريه في قضيتنا في 7 مقالات تتوالى تباعا (بدايتها اليوم قولوا للناس حسنا7 و نهايتها قولوا لناس حسنا 13) وبهذا نكون كتبنا 11 مقال عن المتاهه وكان من الممكن نشر كل ذلك دفعة واحدة و لكني أريد البعد عن الملل و مناقشة الجزئيات فكان تقسيم القضايا ليسهل النقد و المراجعة،وسنتبع ذالك ببحث علمي قدم في مؤتمر يقترح آلية حل و بالله التوفيق . الأداء كلمة عربية فصيحة و هي تحمل نفس معنى(performance) باللغة الإنجليزيه ومن معانيها(هو الإتيان بالشيء لميقاته) و(دفع ما يحق دفعه) و الأداء الكامل هو (ما يؤديه المكلف على ما أُمر به) وهكذا نلحظ مصطلح يحمل في طيات معانيه مزيج من الأمانه و الجودة وكلاهما خصلتان لا غني عن تواجدهما في الطبيب خاصة وفي كل صاحب مهنه أو وظيفة بصورة أعم، وفي مجال التعلم الأداء هو(القراءة بحضرة الشيوخ عقيب الأخذ من أفوههم لا الأخذ نفسه) كل طبيب يعلم أن هذا هو ما يحصل في دراسة الطب و التقييم المرحلى و النهائي و المستمر، وفي المجال الشرعي و بالتالي القضائي القانوني الأداء هو (تسليم عين الواجب في الوقت) وهو الأساس الذي يعاقب على التقصير فية الأطباء. لعلنا نلحظ أن حياة الأطباء المهنية كلها أداء منذ فترة الدراسة ثم التقييم مرورا بالتدريب ثم الممارسة و المحاسبة. و الجميل في مصطلح الأداء أنه مصطلح (unisex) و (all sizes) يعني ينطبق على كل من له شأن في أي عمل ومن ضمنه العمل في منظومة التطبيب أو أي منظومة أخرى وليس خاص بالاطباء وهو في نفس الوقت يشملهم وله شاهد مهم في السنة في قوله صلى الله عليه وسلم كلكم راع و كلكم مسؤول عن رعيته.........الحديث، وقمة الأداء هو الإتقان و ذروة سنامه هو الإتقان بإحسان فيؤدي المكلف ما أمر به أو يسلم عين الواجب في الوقت ليس فقط بأمانة و جودة وهما الواجبان بل يتعداهما للإتقان ويتوج كل ذالك بإحسان الإتقان أي يؤدي المهمة و كأن الله يراه. ويتكون الأداء من ثلاثة أركان لا يمكن تسميته أداء بدونها وهي :- أولا : االمهمة ، وهي النشاط أو السلوك الواجب الإتيان به على المكلف ثانيا : الوقت،وهو التوقيت الذي يجب أن تنفذ فيه المهمة ثالثا : القياس،وهو المرجعية التي يحتكم إليها لتقييم تنفيذ المهمة في وقتها ويكفي ماسبق لتبيان المقصود بالاداء و منه يتضح الحساسية المفرطه و الخطورة البالغة عندما نحاسب على مصطلح يحمل معنى مصطلح آخر ويتبين لنا أن صرف الوقت لتأصيل المصطلح ليس من قبيل التكلم السفسطائي الذي لا يقود لعمل. ننتقل للوقوف قليلا أمام مصطلح "طبيب" ، باللسان العربي المبين الطبيب هو ( الحاذق بلأمور و العارف بها و به يسمى الذي يعالج المرض و يصلح البدن) و لفظة يعالج بالفصحي تعني التعامل مع الشيء و ليست مقصورة على وصف الدواء للداء(treatment) فالطبيب هو الذي يكون حاذقا بكيفية التعامل مع المرض(management) وليس فقط كيف يداويه. و تقول العرب "الطب من الإبل أي هو الذي لا يضع خفه إلا حيث يبصر" فأستعير المعنى ليصف أفعال الذي يعالج (أي يتعامل مع) المرضى ليصلح أبدانهم ، وتقول العرب "فحل طبيب أي هو الفحل الرفيق بالناقة" ، وقد أستعيرت كلمة الطب للدلالة على المسحور (المطبوب) تفاؤلا بشفائه لأن السحر أخبث علل البدن وهي كما تقول العرب للأعمى بصير و للديغ سليم . وكما تلحظون للطب معنى واسع كبير يحمل معاني ضمنية كبيرة وتجد نفسك تلج لعالم الأدب و الفلسفة و الجمال و الشهامة و الأخلاق و الحكمة وكثير من أبواب الخير ولن تجد معنى سلبي لهذه اللفظة ابدا بل هي حميدة لدرجة إستعارتها تفاؤلا. ولم أجد في اللغة الإنجليزية لفظة تحمل المعاني كلها مجتمعة كما في طبيب التي في لغة العرب، فعندما تقول طب فأنت مباشرة ترسم صورة ذهنية لتفاعل إنساني راقي لحب الخير و التفاني من الطبيب للإنسان و الإحترام و التقدير من عقلاء بني الإنسان لمن أحب الخير وتفاني في فعله لهم كبني إنسان و ليس للعقلاء منهم فقط، ولولا هذا التعامل المتبادل بين محبي الخير و المتفانين فية و بين عقلاء بني الإنسان لما وجد أطباء ولما سعدت البشرية بوجودهم. فيمكننا تعريف أداء الطبيب بأنه هو(قيام المكلف بإصلاح البدن بمهام محددة بأمانة و جودة في زمن معلوم و إستنادا لمرجعية قياسية معلومة) هذا الأداء أما إحسان الأداء فليس من شأن البشر وأقصي ما يمكنهم المطالبة به هو الإتقان.و المجتمع الذي يعطي زمامة للعقلاء يجتهد ليبحث عن المحسنين ليقلدوهم وسام اداء مهمة الطب ويقبل المتقنين وحده الأدني المجيدين. دعوني أتساءل كيف تقاس المدنيات؟ بالجيوش و قدراتها؟ الجواب نعم ولكن هذا مقياس القوة ، هل تقاس بالعلم و تطبيقاته؟ الجواب نعم ولكن كمقياس للرفاهية، هل تقاس بالمال ووفرة الموارد؟ الجواب نعم كمقياس للترف، هل بكثرة المكتبات و الكتب و التأليف و الترجمة؟ الجواب نعم ولكن كمقياس للمعارف،ولكن هل إجتماع ماسبق في مجتمع يصنع حضارة ؟الجواب تأكيدا لا، إلا بشرط واحد أن تخدم تلك المعارف عقل،و يريح ذلك الترف جسم، وتهديء تلك الرفاهية نفس الإنسان وتحمي القوة المجتمع الذي يضم كل ماسبق وبهذا يعيش الإنسان السليم المعافى في جسمه وعقله و نفسه في مجتمع قوي آمن فإن علم الإنسان (قيمة صحة الروح) وعمل لها صار سعيدا، مقصدي ان أقول انه من أمسى أمنا في سربه معافى في بدنه عنده قوت يومه فقد حيزت له الدنيا،فمن علم قيمة إرسال الرسل و شكر النعم من المنعم عاش سعيدا، وطالما دخل الإنسان(كائن بجسم و عقل و نفس و روح يعيش في مجتمع) في المعادلة دخل الطب والأطباء و منظومة التطبيب فيها،ولذلك يعتبر الطب هو مقياس تقدم الحضارات و المؤسسات الطبية هي مقياس تقدم المدنيات،لا تقدر المدنيات مهما حاولت أن ترتقي لمستوى الحضارة بدون مؤسسات طبية في منظومة تطبيب،ولن تكون منظومات تطبيبية بدون أطباء ومن أراد أن تثكله ثقافته فليخطئني!!. *عضو المجلس الإستشاري بصحيفة عناية الصحية الإلكترونية. *أستاذ و إستشاري جراحة الكبد والمرارة بكلية الطب والمستشفى الجامعي بجدة.