لا يزال ملف المرأة يتربع على قائمة الجدل في السعودية، خاصة بعد قرار وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد تشديد الرقابة على مناشط الدعوة النسائية وواعظاتها، وجاء القرار بعدم السماح للواعظة بتقديم أي محاضرة دينية إلا بعد الاطلاع على مضامين تفاصيلها لإجازتها. ولحق بعد ذلك ما جاء على لسان المدير العام للإدارة العامة للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الدكتور عثمان الصديقي من أن الجمعية بصدد إصدار لائحة تنظيمية للدور النسائية الدعوية, داعيا إلى تخصيص لائحة معلنة لمناخ الوعظ النسائي تتابع بشدة المراكز الصيفية خاصة الدور النسائية منعا للاجتهادات الفردية في هذا الخصوص، مطالبا "بالعقوبات الرادعة والمحاسبة للمحافظة على واقع المرأة من احتمالات تلويثه فكريا بالتطرف والغلو، ومكافحة تفشي التشدد بين النساء". إدارة خاصة بالمتابعة وكشف مشرف الدعوة بفرع وزارة الشؤون الإسلامية بالمدينة المنورة الدكتور مسعود المحمدي للجزيرة نت أن "إدارة المتابعة للدعوة النسائية التابعة لوكالة وزارة الشؤون الإسلامية لا زالت في مرحلة الدراسة"، مضيفا أن من حق الجهات الدينية الرسمية فرض الرقابة، "بهدف الحفاظ على الداعية والمدعوات من الفكر المتطرف والمتشدد، لضبط الدعوة من الانحراف الفكري". ونفى أن يكون هذا تقييدا للدعوة النسائية، وعن شروط اعتماد الداعيات في الوزارة قال الدكتور المحمدي "إن الشروط تتكون من شهادة شرعية، وتزكية من عالمين معتبرين، وقدرة خطابية ولغوية وتربوية، مع سلامة الفكر والمنهج". وأكد أن "إجراءات اعتماد الواعظات لن تكون معقدة"، ورفض المحمدي ما يشاع من كون القرار الوزاري هو "محاصرة أو تسييسا للعمل الدعوي". وعلقت الداعية والأكاديمية الفقهية الدكتورة مريم التميمي للجزيرة نت بقولها إنه "إذا وجدت الدواعي لمثل هذا القرار فأنا معه، أما إذا كان مجرد تعقيد للمسألة وتضييع للوقت كأن يتأخر المنشط الدعوي ويسبب إجراءات للتعقيد والتعطيل فأنا ضده"، غير أنها أكدت أن ما دفع الوزارة للقرار هو كثرة المخالفات والأخطاء الفادحة في بعض المناشط الدعوية النسائية. محاصرة الدعوة النسائية وأفادت ناشطة إسلامية ومسؤولة عن أحد مراكز العلوم الشرعية النسائية بجدة للجزيرة نت بأن قرار الوزارة "سياسي بامتياز، ومحاولة لتسييس العمل الدعوي النسائي، خاصة في ظل انتشار كبير للداعيات، ويحقق مطالب الليبراليين، هذه الخطوة لها دلالات فهم مستقبلية لما ستؤول لها الحالة الدعوية النسائية". واتهمت الناشطة -التي رفضت نشر اسمها- الجهات الرسمية بأنها تسعى "لتجفيف منابع الدعوة النسائية"، مؤكدة في حديثها أن "قرار الوزارة يحمل عنوانا ظاهرا، وهو محاصرة تنظيم القاعدة، بعد الحركة النشطة لنساء التنظيم، والقبض على بعض عناصرها"، مؤكدة وقوفها مع "التنظيم والترتيب، ولكن ليس مع محاصرة العمل الدعوي النسائي بحجة القاعدة والتطرف، فهناك وعي نسائي فيما يتعلق بذلك". وقال وكيل وزارة الشؤون الإسلامية الدكتور توفيق بن عبد العزيز السديري في ندوة بحثت مؤخرا واقع الدعوة النسائية "إن كثيرات ممن يقمن بالعمل الدعوي النسائي في المملكة لسن مجازات من وزارة الشؤون الإسلامية، وأنهن يقمن بهذا العمل من تلقاء أنفسهن، مشيرا إلى أن الوزارة تهدف الآن لجعل العمل الدعوي النسائي ينشط تحت مظلة رسمية". وأضاف أن "هناك قائمة بعدد من أسماء الداعيات المجازات يتبعن فروع الوزارة في مختلف المناطق، وهن المصرح لهن بالعمل الدعوي فقط".