وقعت فضائية "الجزيرة" التي تبث من دولة قطر في خطأ مهني خطير إزاء تغطيتها لنبأ وفاة عالم الدين الإسلامي المصري د. محمد سيد طنطاوي، شيخ الجامع الأزهر، بصورة بدت وكأنها تدق الطبول ابتهالا لوفاته الذي صورته كما لو كان انتقاما إلهيا منه بسبب ما عرضته من قضايا بصورة التشفي فيه. فعلى طريقة "اذكروا مساوئ موتاكم دون محاسنهم"، راحت تقدم تغطية منحازة ضد المتوفى وكأنها تصفي حساباتها مع رفاته وعرضت للقائه برئيس دولة الاحتلال الإسرائيلي شيمون بيريز وتركز على أنه الذي سعى لمد يده للسلام عليه، ولقائه بالحاخام الإسرائيلي ميشيل لاو رغم أن هذين اللقاءين رآهما البعض مشروعين لأنهما كانا في إطار مؤتمرات حوارات الأديان. كما أشارت إلى إجباره إحدى الفتيات على خلع النقاب لدى زيارته لإحدى المدارس الأزهرية ووصفه لهذا الزي برمز التخلف، ولم تنس عرض وجهة نظر أحادية ترى أن شيخ الجامع الأزهر، رحمه الله، كان له موقفا غير مشرف إزاء الاحتلال الأمريكي للعراق حين نسبت له قرار فصل أحد علماء الأزهر حين أفتى بجواز مشاركة جميع المسلمين في القتال ضد أمريكا إذا دخلت العراق. وعرضت "الجزيرة" لواقعة استقبال طنطاوي وزير الداخلية الفرنسي آنذاك ساركوزي في الأزهر ونسبت لطنطاوي القول أنه من حق المسئولين الفرنسيين إصدار قانون يحظر ارتداء الحجاب في مدارسهم ومؤسساتهم الحكومية باعتباره شأنا داخليا فرنسيا، كما أشارت لأنه أفتى بضرورة "جلد صحفيين" نشروا أخبار تقول أن الرئيس حسني مبارك مريض. ولم تنس الجزيرة التعرض لموقف د. طنطاوي من عدة مسائل خلافية من بينها تحريم ثم تحليل فوائد البنوك ورفض ختان الإناث والقول بأنه ليس من الشريعة الإسلامية رغم اختلاف العلماء حول هذه القضايا، وكذا رأيه بجواز إجهاض المغتصبة بشرط أن تكون الفتاة المغتصبة حسنة السمعة ونقية وطاهرة، ورافضة لما وقع لها. وبغض النظر عن صحة أو خطأ هذه الاتهامات فإن ما يؤخذ على فضائية "الجزيرة" هي الموقف الأسود الذي التزمت به منذ البداية ضد الشيخ المتوفى حتى أنها استضافت عالم الدين المصري د. محمد عمارة وحاولت اصطياد شهادة منه ضد ما عرضته من مواقف د. طنطاوي، إلا أن عمارة التزم بما يقتضيه الشرف وترفع عن هذا النهج ووجه لهم رسالة أخلاقية فحواها أنهم ينظرون بعين السوء فقط للرجل الذي يقف الآن بين يدي الله. ومن هنا رأي الكثيرون أن هذه سقطة إعلامية جديدة تضاف إلى السجل الأسود لتغطيات الجزيرة لكل ما يمس مصر وإصرارها على تشويه صورة حتى موتاها وتناست في سبيل ذلك أن الرجل لا يمكنه الآن الدفاع عن نفسه، وانخرطت في مبدأ اذكروا مساوئ موتاكم، فإنهم الآن غير قادرين على الرد. وهنا نتساءل لماذا تحجب "الجزيرة" لقاءات زعماء قطر مع قادة الصهاينة ولا تجرؤ على مناقشتها. فمثلا بثت القناة العاشرة الإسرائيلية لقاءا "حميميا" بين أمير قطر وتسيفي ليفني ابان العدوان الإسرائيلي على غزة ويطلب فيه الأمير من التلفزيون الإسرائيلي عدم التصوير خوفا من الفضيحة.