قال إيفان بيريز، محلل الشؤون القانونية لدى CNN، إنه بحال تأكد سيناريو إسقاط داعش للطائرة الروسية فوق سيناء عبر تفجير قنبلة كانت على متنها فهذا سيعني أن التنظيم تمكن من تجاوز عقبة كبيرة تتمثل في قدرته على شن عمليات خطيرة بمناطق بعيدة عن أماكن وجود قواعده. خلال الأشهر الماضية، كان المسؤولون في مجال مكافحة الإرهاب بالولاياتالمتحدة قد أعربوا عن قلقهم المتزايد حيال نمو قدرة داعش على تنفيذ عمليات خارج مناطق نشاطه الرئيسية بسوريا والعراق، وذلك من أجل انتزاع الورقة الأساسية التي كانت تمنح "الزعامة الجهادية" لتنظيم القاعدة، والتي تتمثل في القدرة على تنفيذ ضربات حول العالم. نيك راسموسن، مدير مركز مكافحة الإرهاب الأمريكي، كان قد قال أمام لجنة من الكونغرس الشهر الماضي: "نواصل التركيز على قدرات داعش. ما من شك أن التنظيم يرى نفسه بصراع مباشر مع الغرب، ونحن نواصل مراقبة موارده البشرية والمادية التي يحصل عليها من مناطق نفوذه بسوريا والعراق لأنها ستشكل عاملا حاسما بتحديد مدى تطور قدراته على شن هجمات دولية، ونشعر بقلق شديد حيال هذا الموضوع ونراقب تقدم داعش على هذا الصعيد." وكانت تقديرات أجهزة المخابرات والمتخصصين بمجال مكافحة الإرهاب طوال الأشهر الماضية قد رجحت أن يكون التنظيم منشغلا بالتوسع الجغرافي والسيطرة على مناطق جديدة أكثر من التخطيط لعمليات خارجية، وانصب جل اهتمامه على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي من أجل تجنيد أنصار له بالغرب وإقناعهم بشن هجمات منفردة عوض التفكير في خطط لهجمات معقدة. وبحال التأكد من مسؤولية التنظيم عن إسقاط الطائرة، فسيكون داعش قد حقق قفزة نوعية في قدراته على تنفيذ العمليات. وقد شهد مسار التحقيق في كارثة تحطم طائرة الركاب الروسية في شبه جزيرة سيناء المصرية تطورات مثيرة، مع تزايد المؤشرات التي ترجح أن الطائرة ربما أُسقطت نتيجة "عمل إرهابي"، في الوقت الذي مازالت فيه سلطات التحقيق تعكف على تفريغ بيانات الصندوق الأسود. وفي تطور مفاجئ، قررت الحكومة البريطانية تعليق الرحلات الجوية من مطار شرم الشيخ، الذي أقلعت منه طائرة الرحلة 9268، التابعة لشركة "متروجيت"، في طريقها إلى سان بطرسبرغ، وعلى متنها 224 شخصاً، لقوا مصرعهم جميعاً نتيجة تحطم الطائرة في سيناء فجر السبت الماضي. كما كشف بيان صدر عن مكتب رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، تزامناً مع وصول الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، إلى لندن الأربعاء، عن اعتزام بريطانيا إرسال فريق من خبراء الطيران إلى مطار شرم الشيخ، لمراجعة الإجراءات والتدبير الأمنية المطبقة في المطار. وسبق وأن أعلنت شركات طيران غربية عن تعديل مسار رحلاتها لتجنب المرور في أجواء سيناء، في أعقاب تداول بيان منسوب لتنظيم "الدولة الإسلامية"، المعروف باسم "داعش"، يتبنى فيه مسؤولية "إسقاط" الطائرة الروسية، وهي المزاعم التي لم تأخذها جهات التحقيق على محمل الجد. إلا أن قرار الحكومة البريطانية الأربعاء بتعليق الرحلات إلى شرم الشيخ، والبيان الذي رافقه جاء فيه: "مع استمرار التحقيقات الجارية، فإنه لا يمكننا القطع بالسبب وراء تحطم الطائرة الروسية، ولكن مع ظهور المزيد من المعلومات، تنامى لدينا قلق من أن الطائرة ربما تكون قد أسقطت بعبوة ناسفة." وبعد قليل من الإعلان عن القرار البريطاني، أيدت دوائر استخباراتية في الولاياتالمتحدة "فرضية" إسقاط الطائرة الروسية نتيجة "عمل إرهابي"، وذكر مسؤولون أمريكيون أن أحدث التحليلات ترجح سقوط الطائرة نتيجة انفجار قنبلة زرعها تنظيم داعش، إلا أنهم أكدوا أن ذلك ليس "نتيجة نهائية." وقال مسؤول مطلع على تحليلات الاستخبارات الأمريكية للحادث، إنه "يوجد شعور واضح بوجود عبوة ناسفة تم زرعها وسط الحقائب، أو في مكان ما في الطائرة"، فيما ذكر آخر أن الولاياتالمتحدة تعتقد أن المسؤول عن إسقاط الطائرة الروسية هو تنظيم "داعش"، أو جماعة مرتبطة به. وفي أول رد فعل من جانب القاهرة على تلك "الفرضيات"، أعرب وزير الخارجية المصري، سامح شكري، الأربعاء، عن شعوره ب"الدهشة"، بعد تصريح الحكومة البريطانية عن احتمال سقوط الطائرة الروسية بقنبلة، واتخاذها قرار بتعليق الرحلات الجوية من شرم الشيخ إلى أراضيها. وأضاف شكري، في مداخلة هاتفية مع CNN، خلال زيارته إلى لندن، برفقة الرئيس السيسي، أن فحوصات الصندوقين الأسودين للطائرة، والتحقيقات ما زالت جارية، ولا يوجد أي معلومات من التحقيقات حتى الآن، معتبراً أن قرار الحكومة البريطانية بتعليق الرحلات من شرم الشيخ "سابق لأوانه." ورد السفير البريطاني لدى واشنطن، بيتر ويستماكوت، في تصريحات لمذيعة CNN كريستيان أمانبور، على تصريحات وزير الخارجية المصري، بالقول إن بريطانيا لم تقل إن الطائرة الروسية سقطت بقنبلة، وأضاف أن قرار تعليق الرحلات ليس عشوائياً، بل بسبب "وجود مخاوف." أما في موسكو، فلم يصدر أي تعليق على الروايتين الأمريكية والبريطانية، اللتين ترجحان أن الطائرة سقطت نتيجة "انفجار"، رغم أن السلطات الروسية كانت قد ذكرت، في وقت سابق، أن نتائج فحص جثث الضحايا، ومتعلقات الركاب، لم تثبت وجود أي أثار على وقوع انفجار بالطائرة. ونقل تلفزيون "روسيا اليوم" عن ممثل لجنة التحقيق الروسية، فلاديمير ماركين، قوله الأربعاء، إن السلطات المصرية وسعت نطاق البحث في مكان تحطم الطائرة لمساحة تمتد ل40 كيلومتراً مربعاً، مما سمح بالعثور على "وثائق ومواد أخرى ضرورية للتحقيق في أسباب الكارثة"، حسب وصفه.