أصدرت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر تحريما للتعصب في الإسلام، واعتبرت أن من يتعصب للكرة يستحق إقامة الحد عليه. وأكدت اللجنة، في فتوى لها، أن "من يتعصب للكرة بالتدمير والتخريب يجب عليه حد الحرابة حتى ولو لم يزهق روحا سواء كان جزائريا أو مصريا". واعتبرت الفتوى أن التعصب الكروي إذا أدى للتدمير والإرهاب وإزهاق الأرواح فإنه يعد نوعا من الإفساد في الأرض، مشددة على أن هذا التعصب أمر مذموم، وأنها شكل من أشكال الجاهلية الأولى، "وأنها مرفوضة في الفقه بجميع مذاهبه". وشدد الأزهر على أن "كرة القدم في أساسها هي لعبة لإبهاج الناس لا للإفساد في الأرض"، داعيت الحكومات إلى حماية الأبرياء ومعاقبة المخربين ومن يرهبوا المواطنين بسبب التعصب لكرة القدم. وكان علماء وأساتذة الأزهر قد أدانوا في وقت سابق "الشحذ المعنوي" الذي قامت به وسائل الإعلام لدفع الجماهير المصرية والجزائرية للتعصب في تشجيع الفريقين خلال مباراتهم السابقة. وفي السياق ذاته، بدأ كتاب ومثقفون وفنانون مصريون وجزائريون وعرب، حملة واسعة لحث الآلاف من الشخصيات العربية المعروفة للتوقيع على بيان مكتوب يدعو إلى تهدئة الأجواء بين مشجعي فريقي الكرة المصري والجزائري قبل يوم واحد من لقاءهما المرتقب في السودان لحسم تأهل أحدهما لكأس العالم 2010. وأطلق عدد من المشاهير، من بينهم محمود ياسين ويسرا وهند صبري ونقيب الممثلين المصريين أشرف زكي، الدعوة لتوقيع بيان تهدئة بعدما وصل الأمر حد التحذير من إمكانية وقوع اعتداءات واسعة في أعقاب المباراة الفاصلة خاصة مع حشد أعداد كبيرة من جمهور البلدين لحضور المباراة في السودان فيما ينذر بوقوع كارثة لو انفلت زمام الأمور. وشهد الأسبوع الأخير تأجج الوضع بين مشجعي الفريقين المصري والجزائري بسبب المباراة الأخيرة التي أقيمت في العاصمة المصرية مساء السبت ونتج عنها حالة من الغليان في الشارعين وفي عدد من العواصم العربية والأوربية التي شهدت اعتداءات ومسيرات وهجوم متبادل بين المصريين والجزائريين. وفي حين تبذل الجهود الرسمية الجارية لتهدئة الأوضاع في مصر والجزائر بشكل خاص تبدو المبادرة الأهلية التي تصدى لها عدد من الشخصيات المعروفة محاولة جدية لوقف التعصب الهائج الذي نتج عنه حالات اعتداء على مصريين وجزائريين استغلتها عدد من وسائل الإعلام بشكل غير مسبوق مما تسبب في احتقان شديد على الجانبين. وندد أصحاب دعوة التهدئة وبينهم نشطاء حقوقيون وصحفيون وكتاب وفنانون بالموقف الحكومي في البلدين الذي وصف بكونه "باهتا" في مواجهة أزمة تهدد أرواح مواطنون من البلدين يعيشون في البلد الأخر تم الاعتداء عليهم بالفعل. وانتقدت الصحف المصرية الصادرة اليوم الثلاثاء ما وصفته ب"حملات تحريض اعلامية" جزائرية ادت الى تعرض المصالح المصرية في الجزائر الى هجمات مشجعي المنتخب الجزائري. واستدعت وزارة الخارجية المصرية الاثنين السفير الجزائري في مصر عبد القادر حجار "للتأكد من اتخاذ الاجراءات اللازمة لتأمين المواطنين المصريين الموجودين بالجزائر وحماية المصالح المصرية". وارجع السفير الجزائري في تصريحات للصحافيين التصعيد الاخير الى "الشحن" الاعلامي المصري مؤكدا ان "العلاقات المصرية- الجزائرية اكبر من كل ما حدث ولكن للأسف قامت الفضائيات بشحن الجمهور لمستوى تجاوز الحدود". ونفت وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية فى بيان أصدرته مساء الاثنين الإشاعات والمعلومات المغلوطة التي أشارت إلى تسجيل وفيات في صفوف الرعايا الجزائريين الذين كانوا بالقاهرة من اجل مؤازرة فريقهم لكرة القدم. وذكر بيان وزارة الخارجية الجزائرية أنه "على أثر التحريات التي قامت بها سفارة الجزائربالقاهرة لدى السلطات المصرية وعلى مستوى المستشفيات ومصالح حفظ الجثث، فإن وزارة الشؤون الخارجية تكذب بشكل قاطع هذه المزاعم والادعاءات"، موضحة "انه "لم تسجل أي وفاة في صفوف الرعايا الجزائريين في القاهرة عقب الاحداث التي وقعت سواء ضمن المناصرين الذين انتقلوا من الجزائر او من بين الجزائريين المقيمين في مصر". وأضاف البيان أنه "تم تسجيل عشرين جريحا من بين الرعايا الجزائريين بدرجات متفاوتة لكن بدون خطورة حيث غادروا جميعا المستشفيات بعد تلقيهم العلاج الضروري"، مشيرا إلى أن قائمة الجرحى متوفرة لدى وزارة الشئون الخارجية الجزائرية. وأعربت وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية عن أملها في أن تكون هذه المعلومات كافية لطمأنة الرأي العام الجزائرى من أجل العودة الى الهدوء والسكينة.