وجدت دراسة جديدة في مجلة (لانسيت للطب النفسي-The Lancet Psychiatry ) أن هناك رابطاً بين التدخين وتطور مرض انفصام الشخصية. وسواء أكان الرابط سببياً أم لا، فإنه يستحق الاهتمام فعلاً. فيما يشير المؤلفون إلى أن ذلك قد يكون ممكناً جداً، لأن النيكوتين له تأثيرات عدة على الدماغ. ويمكن أن يكون إجراء المزيد من الدراسات أمراً ضرورياً لفهم حقيقة هذا الرابط على نحو أوضح، بالرغم من أننا لسنا بحاجة إلى التعرف على دلائل إضافية لإثبات مدى سوء التدخين عموماً. إن الصلة بين التدخين ومرض انفصام الشخصية ليس خبراً جديداً، إذ توصلت البحوث إلى هذا الأمر منذ وقت طويل، لكنها نسبت هذه الصلة إلى المعالجة الذاتية التي يخضع لها المصابون بهذا المرض. غير أن القائمين على هذه الدراسة، وهم من (كلية كينغز لندن– Kings College London) أجروا المزيد من التحاليل لاكتشاف المزيد حول طبيعة هذا الرابط، كاحتمال أن يزيد التدخين من تطور مرض انفصام الشخصية في المستقبل. وبحث الفريق في 61 دراسة سابقة، شارك فيها نحو 290 ألف مشارك. كما أجروا تحليلات إحصائية لتحديد أي روابط بين التدخين وهذا المرض. فوجدوا على الأقل، أن المدخنين باستمرار أكثر عرضة للإصابة بنسبة مضاعفة مقارنة بغيرهم من غير المدخنين. فضلاً عن كونهم معرضون للإصابة بمرض الذهان قبل نحو عام من غيرهم. وبالرغم من أن سببية العلاقة لم تتضح بشكل قطعي إلا أنها ممكنة جداً، نظراً لأثر التدخين على نظام الدوبامين في الدماغ، والذي يتأثر في حال الإصابة بمرض انفصام الشخصية. يقول مؤلف الدراسة السير روبين موري: "إن الدوبامين الزائد في الدماغ هو أفضل تفسير بيولوجي للأمراض النفسية، مثل: انفصام الشخصية، ومن الممكن أن التعرض للنيكوتين الذي يزيد من إفراز الدوبامين، سبب قوي لتطور الأمراض النفسية." ومن جانب آخر، يعلم الباحثون أن التدخين مرتبط بتقليص خطر الإصابة بمرض باركنسون، والذي يسببه وجود نسب قليلة جداً من الدوبامين في بعض المناطق من الدماغ. مع ذلك، ستكون هناك حاجة لإجراء المزيد من الدراسات قبل أن نفهم حقاً كيف يؤثر النيكوتين على عمل الدماغ بشكل أكثر وضوحاً. وعلى أي حال، يبدو أن هناك المزيد من المعلومات حول المعالجة الذاتية من هذا المرض؛ فهذا الرابط قد يعمل في كلا الاتجاهين، على الأقل عند بعض الأشخاص. وبالنسبة لأولئك الذين لديهم استعداد وراثي لمرض انفصام الشخصية، فالتدخين بالإضافة إلى عوامل أنماط حياتهم الأخرى، قد يكون بمثابة المحفز لذلك. يقول مؤلف الدراسة جيمس ماكيب: "في حين أنه من الصعب دائماً تحديد اتجاه العلاقة السببية، تشير نتائجنا إلى أن التدخين ينبغي أن يؤخذ على محمل الجد كعامل خطر ومحتمل، لتطوير مرض انفصام الشخصية".