أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل المصري    يعد الأكبر في الشرق الأوسط .. مقر عالمي للتايكوندو بالدمام    "إنها طيبة".. خريطة تبرز 50 موقعًا أثريًا وتاريخيًا بالمنطقة    الموافقة على الإطار العام الوطني والمبادئ التوجيهية للاستثمار الخارجي المباشر    أمير الشرقية يستقبل الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير محمية الملك عبدالعزيز الملكية    الاستخبارات الأمريكية تكثف تحذيراتها بشأن التدخل الأجنبي في الانتخابات    منتدى "بوابة الخليج 2024" يختتم أعماله بإعلانات وصفقات تفوق قيمتها 12 مليار دولار    رابطة محترفان التنس..سابالينكا تحجز مقعداً في نصف النهائي.. ومنافسات الغد تشهد قمةً بين إيغا وجوف    أمريكا تختار الرئيس ال47.. ترمب أم هاريس؟    مقتل 37 فلسطينياً.. مجزرة إسرائيلية في قطاع غزة    كيف يعود ترمب إلى البيت الأبيض؟    محافظ الخرج يستقبل مدير عام فرع هيئة الأمر بالمعروف بالرياض    انعقاد مؤتمر الأمراض المناعية في تجمع عالمي وطبي    أطفال اليمن يتألقون بتراثهم الأصيل في حديقة السويدي    أمين عام رابطة العالم الإسلامي يرأّس اجتماع المؤسسة الثقافية الإسلامية بجنيف    الولايات المتحدة تختار الرئيس ال47    الطائرة الإغاثية السعودية ال19 تصل إلى لبنان    "الصناعة والثروة المعدنية" تعلن فوز 11 شركة محلية وعالمية برخص الكشف في 6 مواقع تعدينية    توقعات بهطول الأمطار الرعدية على 5 مناطق    مركز مشاريع البنية التحتية بالرياض يشارك في المنتدى الحضري العالمي الثاني عشر بالقاهرة    المملكة تثري الثقافة العربية بانطلاق أعمال مبادرتها "الأسبوع العربي في اليونسكو" في باريس    إشكالية نقد الصحوة    أرباح «أرامكو» تتجاوز التوقعات رغم تراجعها إلى 27.56 مليار دولار    الاتفاق يواجه القادسية الكويتي في دوري أبطال الخليج للأندية    الهلال يمزق شباك الاستقلال الإيراني بثلاثية في نخبة آسيا    المملكة تستحوذ على المركز الأول عالمياً في تصدير وإنتاج التمور    تركيا: نستهدف رفع حجم التجارة مع السعودية إلى 30 مليار دولار    «جاهز للعرض» يستقطب فناني الشرقية    «التعليم»: 5 حالات تتيح للطلاب التغيب عن أداء الاختبارات    الأسمري ل«عكاظ»: 720 مصلحاً ومصلحة أصدروا 372 ألف وثيقة    الاختبارات.. ضوابط وتسهيلات    إعادة نشر !    «DNA» آخر في الأهلي    المحميات وأهمية الهوية السياحية المتفردة لكل محمية    سلوكيات خاطئة في السينما    العلاج في الخارج.. حاجة أم عادة؟    لماذا رسوم المدارس العالمية تفوق المدارس المحلية؟    غيبوبة توقف ذاكرة ستيني عند عام 1980    " المعاناة التي تنتظر الهلال"    في الجولة الرابعة من دوري أبطال أوروبا.. قمة بين ريال مدريد وميلان.. وألونسو يعود إلى ليفربول    تنوع تراثي    الأمير تركي بن طلال يستقبل أمير منطقة الجوف    الأمير عبدالعزيز بن سعود يتابع سير العمل في قيادة القوات الخاصة للأمن والحماية    نحتاج هيئة لمكافحة الفوضى    في شهر ديسمبر المقبل.. مهرجان شتاء طنطورة يعود للعلا    زرًعِية الشبحة القمح العضوي    ربط الرحلات بالذكاء الاصطناعي في «خرائط جوجل»    كلمات تُعيد الروح    قصص من العُمرة    مسلسل حفريات الشوارع    للتميُّز..عنوان    الاستقلالية المطلقة    تشخيص حالات نقص افراز الغدة الدرقيه خلال الحمل    النظام الغذائي المحاكي للصيام يحسن صحة الكلى    سعود بن بندر يهنئ مدير فرع التجارة بالشرقية    السعودية تؤكد دعمها لجهود التنوع الأحيائي وتدعو لمؤتمر مكافحة التصحر بالرياض    أمير تبوك يستقبل القنصل البنجلاديشي لدى المملكة    مقال ذو نوافذ مُطِلَّة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المحامي السعودي عبدالله الناصري ل(شؤون خليجية): السعودية أمام فرصة تاريخية للتحول إلى نظام ملكي دستوري
الجزء الأول من الحوار ..
نشر في أنباؤكم يوم 25 - 08 - 2015

في حوار خاص ل"شؤون خليجية"، يجيب مؤسس شبكة المحامين العرب المحامي السعودي عبدالله الناصري، عن تساؤلات حول أهم الملفات القانونية والحقوقية بالمملكة العربية السعودية وطبيعة العلاقة بين السلطات داخلها وإلى أين تتجه، ويقيم دور مجلس الشورى والمجالس البلدية الحالية في ظل التطورات الجديدة، خاصة مع مشاركة المرأة لأول مرة كمرشحة وناخبة، ويطرح رؤيته لمؤسسات مكافحة الفساد وسقف الحقوق والحريات العامة للمواطنين وحقوق المرأة وما أحرزته من تقدم وما تواجهه من تحديات، ويتحدث عن خيارات المملكة في اليمن بعد شنها لعاصفة الحزم ضد المتمردين الحوثيين وعبد الله صالح، ورؤيته لحل الأزمة وكيفية دمج اليمن في دول الخليج العربي.
المحامي السعودي عبد الله بن محمد بن عبد الله الناصري، هو مؤسس شبكة المحامين العرب في عام 1999م، والتي نشرت حتى الآن أكثر من 10 موسوعات قانونية الكترونية ومستمرة في نشر الموسوعات القانونية، في العام 2003 م كلف من طرف المنتدى الاقتصادي الأول بإعداد أول دراسة عن البيئة التشريعية والقضائية في المملكة، أعدها بالاشتراك مع المحامي عبدالعزيز القاسم وتم تسليمها لخادم الحرمين الشريفين، في العام 2005 م تقدم بطلب تأسيس الجمعية الخيرية لتقديم المساندة القانونية (مساندة)، وقد أوقفت بحكم قضائي بانتظار نظام الجمعيات الجديد، في العام 2008 م كلف من طرف المنتدى الاقتصادي بالرياض بإعداد دراسة عن البنية التجارية في المملكة ومتطلبات التنمية، وتم تسليمها لخادم الحرمين الشريفين، كما أنه مهتم بالشأن العام في المملكة العربية السعودية.
وإلى تفاصيل الحوار....
** كيف تقيم تجربة الانتخابات البلدية بالسعودية والتي ستشارك فيها المرأة لأول مرة كناخبة ومرشحة؟
* تقييمي للمجالس البلدية كان على أساس تجربتها السابقة قبل صدور نظام المجالس البلدية، وهي حقيقة تجربة غير ناجحة، ولكن وبعد اطلاعي على نظام المجالس البلدية رقم م / 61 في 4-10-1435ه فإنني اعبر عن تفاؤلي، وأننا سنكون أمام تجربة جديدة للمجالس البلدية، حيث زيد الأعضاء المنتخبون إلى الثلثين، وهذه سابقة في المملكة، كما أعطيت المجالس البلدية صلاحيات رقابية وإشرافية على أعمال البلديات، وينتخب الأعضاء رئيس المجلس.
وعلى هذا الأساس فسيكون دور المجلس البلدي حيويًا جدًا، ولكن بشرط وعي المواطنين لدورهم في انتخاب من يمثل المصالح العامة خير تمثيل، وكذلك وعي الأعضاء بدورهم وممارستهم لحقوقهم الواردة في النظام، وستكون المرأة حاضرة وفاعلة، وأعتبرها محظوظة حينما يكون حضورها في ظل نظام جديد أعطى المجالس البلدية صلاحيات أكبر، وأحال إليها وظائف البلدية المنصوص عليها في الباب الثاني من نظام البلديات والقرى، ولعل اللائحة التنفيذية لهذا النظام تضع النقاط على الحروف فيما يتعلق بدورة العمل بين الأمانات والبلديات والمجالس البلدية، وتفصيل الغموض في بعض نصوص النظام . فما صدر حتى الآن من لوائح خاص فقط بالانتخابات.
وكنا نتمنى أن تعطى هذه المجالس صلاحيات أوسع في إقرار مشروعات البلدية والبت فيها، على ضوء ميزانية البلدية وبالتنسيق مع مجلس المنطقة، أما مجرد الاقتراحات فسيحيلها إلى مجلس استشاري شكلي في هذا الجانب من مهامه، وهذه أهم جوانب قصور النظام كما أراها، أما الجانب الإيجابي العملي فهو اختصاص المجلس بالرقابة على أداء البلديات من خلال التقارير الدورية التي تقدم للمجلس، وهنا نقف متطلعين للائحة التنفيذية لتفعيل هذه الصلاحيات، ومتوجسين منها أيضًا، ذلك أن اللائحة التنفيذية لأي نظام إما تفتح أمامه طريقًا سريعًا سالكًا بدون منعطفات، أو أن تملأه بالمطبات الصناعية والحفر والحواجز.. فتقل فكرته وتحد من نجاحه.
ولا يفوتنا أن نذكر أن مرحلة المجالس البلدية القادمة هي مرحلة المواطن في حسن اختياره المرشح القوي الأمين حسن السمعة، والبعيد عن أهداف الوجاهة والمصالح، ثم يأتي دور أعضاء المجالس البلدية الرقابي على وجه الخصوص.
** وما تقييمكم لتجربة مجلس الشورى الحالي.. وماذا يعوق تطوير أداؤه؟
* تقييمي لعمل مجلس الشورى الحالي أنه ليس إلا نسخة مكررة من هيئة الخبراء في مجلس الوزراء، وأنه ليس إلا عبئًا ماليًا وإداريًا وعائقًا تشريعيًا وليس له أي صفة برلمانية أو تمثيل شعبي، ولم يقم بالدور الذي تقوم به المجالس النيابية كسلطة ثالثة، هي السلطة التشريعية التي نص عليها النظام الأساسي للحكم في المادة 44 كما يلي: (تتكون السلطات في الدولة من: السلطة القضائية، والسلطة التنفيذية، والسلطة التنظيمية، وتتعاون هذه السلطات في أداء وظائفها وفقاً لهذا النظام وغيره من الأنظمة. والملك هو مرجع هذه السلطات)، فهذه السلطة التشريعية (لا تقوم) إلا بانتخاب من يمثل المواطنين ويكون نائبًا عنهم في هذه السلطة الثالثة...إلخ).
ولا يمكن القول إن هؤلاء المعينين– مع احترامنا لهم- يمثلون المواطنين، هذا غير صحيح.. كما لا يمكن القول إن الدولة بسلطتها التنظيمية يمكنها تعيين السلطة التشريعية... هذا أيضًا لا يستقيم مع فكرة الدولة المدنية، دولة المؤسسات والسلطات المستقلة المتعاونة فيما بينها، والتي بدونها تتحول الدولة كلها إلى سلطة واحدة.. فالعالم قد تجاوز هذه المرحلة، كما أن التحديات الحالية والقادمة، سواء منها الداخلية المتمثلة في زيادة أعداد المواطنين بما يشبه الانفجار السكاني، وزيادة متطلباتهم.. إلخ، أو التحديات الخارجية، وهي كثيرة بعضها عداوته عداوة وجود وعقيدة مثل إيران وعصابات الدواعش، وبعضها عداوة مصالح واستراتيجية وابتزاز للحصول على تنازلات.. إلخ، كل ذلك يتطلب تحصين البناء الداخلي بنظام يعتمد على تفعيل دور المواطن ومشاركته ليتحمل مسؤولياته، وذلك عن طريق اعتماد انتخابات نيابية كاملة، وفي ذلك مصلحة للدولة قبل أن يكون مطلبًا للمواطن.
** قلتم عبر تويتر: "اشتكت نزاهة من عدم تعاون عدد كبير من (الوزراء) والوزارات معها... وستظل هذه الشكوى في ظل عدم وجود مجلس وطني منتخب من الشعب، فما معوقات عمل هذه المؤسسة؟ وما أثر ذلك على معدلات الفساد بالمملكة؟
* أحب أن أشير في هذا الخصوص إلى صدور أمر ملكي يلزم أي جهة حكومية بالرد على الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد "نزاهة" خلال 5 أيام .. وهذا الأمر الملكي الجديد سيساعد نزاهة على ممارسة دورها.. وللعلم فلدى نزاهة نظام قوي يتضمن صلاحيات واسعة يساعدها في القيام بدورها، ولكن لضعف إدارتها السابقة (الأولى) فقد تهاونت بها الجهات المعنية بمراقبتها.. ولا شك أن ذلك وفر مجالًا واسعًا لأنواع من المخالفات، والتي ربما وصلت إلى الفساد.. ومع احترامنا لنزاهة وما تقوم به، إلا أن ذلك لا يغني أبدًا عن رقابة المواطنين من خلال مجلسهم المنتخب، ورقابة الصحافة المهنية المستقلة وهي التي أطلقوا عليها السلطة الرابعة في الدولة المدنية.
** هناك تقرير رفعته للملك ونشرته الرياض يشير إلى أن هيئة مكافحة الفساد تشتكي من عدم تعاون 14 وزارة معها وترصدهم بالاسم.. فما دلالة ذلك؟
* دلالة ذلك أن هذه الجهة (نزاهة) اتخذت خطًا جديدًا شفافًا في محاسبة الجهات المقصرة.. آمل أن تستمر في ذلك، وأن تستمر هذه الشفافية.
** ترون أن "تطوير النظام الأساسي لاعتماد فكرة دور الشعب في الرقابة على أعمال الوزارات فرصة مهدرة بيد الدولة التي تتحمل مسؤولية كل قصور".. ماذا تقصدون بهذه العبارة؟، أيضًا تساءلتم "هل تقوم مجالس المناطق بدورها الرقابي على أداء فروع الوزارة ؟؟" وقلتم "طبعًا لا.. مجرد اجتماعات استشارية ووجاهة بدأت تفقد توهجها".. فما مغزى ودلالة السؤال؟
* نعم أعتبرها فرصة مهدرة من ناحيتين، ناحية تاريخية، وناحية إدارية.. وأعتبرها مصلحة عامة ومطلباً للدولة كما هي مطلب للشعب.. ولكن قبل الشروع في شرح القصد بهاتين الفرصتين أعود لموضوع مهم لا يمكن الدخول في جواب السؤال قبل الإشارة إليه باختصار.. وهو فكرة الدولة المدنية المستقرة، دولة المؤسسات والقانون والحقوق، الدولة القوية بقانونها وعدالتها ومؤسساتها ووحدتها الوطنية، الدولة المعتمدة على الله ثم على دستور (عقد) يتوافق عليه الشعب، ليصبح سياجًا وأساسًا صلبًا تتكسر عليه أمواج التحديات التي تعصف بالدول والمجتمعات.. هذا المطلب لم يكن وليد اليوم، بل كان مطلب ورغبة وأمل مجموعة من أبناء الوطن قدموه على شكل رؤية لحاضر الوطن ومستقبله، ثم أتبعوه بخطاب موجه إلى القيادة والشعب معًا، وكلها طلبات ورغبات نابعة من مواطنين محبين لوطنهم ومخلصين له.
وبعد هذه المقدمة فسأبدأ في ما اعتبره فرصة تاريخية، والتي أراها سانحة، ألا وهي فرصة تطوير النظام الأساسي للحكم إلى دستور، ثم طرحه والتصويت عليه من عموم الشعب، وأراها فرصة تاريخية سانحة بسبب كون المملكة اليوم تحظى بالتفاف تاريخي سيمكنها من إدارة طرح دستور يتوافق عليه شعبها، خلاف لا سمح الله، لو حدثت أمور أخرى اقتصادية أو غيرها عندها سيكون من الصعب جدًا إدارة مثل هذا الاستحقاق الذي يفرض نفسه، ومن وجهة نظري فتأخير البت فيه تفريط وإضاعة لفرصة سانحة.
أما الفرصة الإدارية والتي أراها مهدرة، فهي أن (الدولة) اليوم تحمل وحدها وعلى عاتقها وفي جميع المناطق مسؤوليات جسام تنوء بحملها الجبال، ويرتبط بها تحقيق مصالح الشعب ورضا ورفاهية المواطن، وتتحمل الدولة مسؤولية إخفاقها في هذه الجوانب كونها تديرها بطريقة مركزية وبيدها كل شيء.
فلماذا لا يتم إشراك المواطنين ليتحملوا مسؤولياتهم في تلك القرارات المتعلقة بحياتهم ورفاهيتهم ومعيشتهم وحاضرهم ومستقبلهم وخصوصية مناطقهم أيضًا، وتنميتها وإقرار القوانين الملزمة لهم والرقابة على مؤسسات الدولة التنفيذية- على أن يتبقى بيد الدولة ووزارات السيادة المعروفة- فلماذا تتحمل الدولة كل هذه الأمور؟.. لهذا السبب اعتبرت أن الدولة حملت نفسها أعباء كبيرة في دولة مساحتها كبيرة ويزيد شعبها عن العشرين مليون يزيدون بسرعة قياسية.
وإذا عدنا إلى النظام الأساسي للحكم باب (السياسة والحكم) ونظام المناطق ونظام المجالس البلدية الجديد، سنجد أن فكرة الدولة التي تقوم على سلطات ثلاث يكون الملك مرجعها ولكل مؤسسة وظيفتها، ومنها (السلطة التشريعية) موجودة بشكل واضح يعبر عن اتجاه الدولة.
** نود منكم إلقاء الضوء على ملف المرأة السعودية، وما الذي أحرزته في مجال الحقوق السياسية والاجتماعية وماذا ينقصها حتى الآن؟
* طريق المرأة الحقوقي طويل، مليء بالمنعطفات الخطيرة ومحاط بالحواجز الاجتماعية ثم التنظيمية.. وكيف ننتظر منها أن تحرز شيئًا في حقوقها السياسية والرجال في وطننا لم يحصلوا على حقوقهم السياسية؟!!! وللعلم فكل نصوص النظام الأساسي للحكم تخاطب الرجل والمرأة على قدم المساواة مع اشتراط موافقة الشريعة، وهنا سنجد الطريق تحول إلى متاهات لا نهاية لها.. ولكن وبحق فالمرأة حصلت على مكتسبات كانت حلمًا في يوم من الأيام، مثل الترخيص لها في المحاماة، ودخولها مجلس الشورى ، وإقرار حقها في الترشح للمجالس البلدية، وحقوق قانونية تتعلق بحياتها الشخصية مثل الولاية على أبنائها القصر.. إلخ، واليوم تطالب المرأة بحقها في قيادة السيارة، وهو حق لها كمواطنة كفله النظام ومنعته فتوى.
** كيف ترى قوانين حظر النشر والجرائم الالكترونية.. وهل تمثل قيدًا على حرية تداول المعلومات وحرية الرأي والتعبير أم أنها ضرورة لحماية الأمن القومي؟
* نعم كل قرار بحظر النشر هو قيد على حرية الرأي والتعبير، ولكن لا شك أن وضع قواعد واضحة لحماية الأمن القومي ومصلحة الدولة وحماية المجتمع وأخلاقه وعدم المساس بالمقدسات والذات الإلهية، هو مصلحة عامة أيضًا لا خلاف عليها.
ولكن هذه القيود المانعة للنشر يجب أن تصاغ بشكل واضح، وأن لا يتوسع في تفسيرها، وأن لا تطبق بانتقائية، أو بمعايير سياسية، وتحويلها لتكون أداة فعالة في تكميم أفواه المعارضين والناقدين وإسكاتهم وتكسير أقلامهم، فتتحول هذه القوانين من هدفها المعلن وهو حماية أمن المجتمع إلى حماية فئة سياسية أو جماعة، وتنحرف عن هدفها النبيل في حماية هذه الحرية إلى أداة لقتلها.. وتكريس القمع والاستبداد وحماية الفساد... إلخ.
حرية التعبير حرية مقدسة نزل بها آدم عليه السلام من الجنة لتصبح أداة الرسل والأنبياء في إصلاح مجتمعاتهم، ووسيلة لكل أمر بمعروف وإصلاح، وأداة عبر من خلالها الإنسان عن همومه وشجونه وأدبه وتطلعاته ونقد خصومه ودفاع عن نفسه، وارتقت بموجبها الإنسانية إلى ما نراه اليوم من إبداع متناهي في كل مجال، وقد أصبحت حقًا من حقوق الإنسان بموجب وثائق دولية ومعاهدات أممية، وبنيت على أساسها الصحافة التي صنفها العالم المتمدن على أنها سلطة رابعة، لما لها من أثر في بناء المجتمعات والرقابة على الحقوق وكشف الفساد...إلخ.
وبالمناسبة، ومع احترامنا لكل دول الخليج كافة، إلا أننا حينما نسافر إلى أي منها (عدا الكويت)، فإننا نشعر بقيمة المساحة من حرية التعبير وحرية الصحافة وتخفيف الرقابة ميزت المملكة.
وإذا أردت أن تعرف ثقة الدولة في نفسها وفي نظامها وشعبها فانظر لمساحة النشر المتاحة، وانظر لمدى جرأة المواطن على التعبير، وانظر لمدى جرأة غير مواطنيها في المطالبة بحقوقهم فيها مستظلين بقانون يحميهم دون خوف.
وكلما مارس المواطن حقه في التعبير عن همومه في وطنه دون ملاحقة، كلما أفرغ ما بنفسه وانعكس ذلك حبًا وولاء لوطنه، وكلما كممت أفواه الناقدين وعلت أصوات المطبلين الكذابين، كلما تحول المواطن إلى عالة وعبئًا على الدولة وما يتبع ذلك من سلبيات.
** كيف تقيم أداء السعودية فيما يخص الملف اليمني.. وما موقفها من الأصوات الداعية لتقسيم اليمن؟
* أعظم وأفضل قرار اتخذته المملكة هو هذا القرار التاريخي الشجاع والمفاجئ في إطلاق "عاصفة الحزم".. ومهما تكبدت المملكة من نفقات في سبيل هذه الحرب، فهي أفضل مليون مرة من التسويف والتردد حتى قيام حكومة حوثية في اليمن تملك شرعية الدولة، وخبث الاتجاه نحو إيران، والعدوانية الشديدة تجاهنا، وتحت يدها هذا المخزون الهائل من السلاح، وستحظى بدعم كل حاقد وكل من يستهدفنا ككيان مثل إيران.
وليس من صالحنا أبدًا وليس من المقبول تقسيم اليمن، ففضلًا عن موقفنا القومي والأخلاقي والديني الرافض للتقسيم، إلا أنه أيضًا أمر في غاية الخطورة تجاه أمننا وحدودنا الجنوبية وعمقنا، فقد يقع في يد حوثي جديد أو ما أقذر من الحوثي.
والمملكة أقامت عاصفة الحزم بدعوة من حكومة يمن واحد، وستسلمه بحول الله لهذه الحكومة يمن واحد، بعد قطع أصابع إيران القذرة فيه، ودحر تلك القوى المهيمنة عليه مثل الرئيس المخلوع صالح وقواه المتغلغلة في مفاصل الحكومة السابقة.. فستعود له حكومته الشرعية، وستستمر العملية السياسية المؤسسة على الدستور.
** وما رؤيتكم لحل الأزمة اليمنية؟
* رؤيتي لحل الأزمة في اليمن هي أن الحل يبدأ من حيث انتهت الثورة التي أطاحت بعلي عبدالله صالح، والتي أقامها وحرك شارعها رجال وشباب اليمن، والتي أبهرت العالم بسلميتها رغم توفر السلاح في كل بيت، ورغم الطبيعة القبلية لليمن، ورغم ما اعتاد عليه إعلامنا وكتابنا من التقليل من وعي الشعب اليمني.
وطلباتهم في ثورتهم واضحة أثمرت عن هذه الحكومة التي تآمر عليها صالح والحوثي بتخطيط ودعم ايراني، والتي ستعيدها عاصفة الحزم بحول الله إلى اليمن، ومن ثم استعادة الدور الكامل للحكومة، ثم استمرار العملية السياسية الديمقراطية.. وسيختار الشعب اليمني الواعي من يجد أنه الأكفأ بحول الله.
وأرى دمج اليمن مع دول الخليج اقتصاديًا وثقافيًا، ولنا في اليمن أهل وأخوة ومصالح مشتركة ووشائج قوية وعلاقات متعددة يمكننا تطويرها، كما أرى دعم الاقتصاد اليمني عن طريق إقامة شركات مساهمة عملاقة بين الشعبين تتولى مد طرق دولية سريعة برية وحديدية بيننا وبين مدن اليمن الكبرى، وإقامة المنشآت الكبرى والمصانع هناك، نظرًا لانخفاض اليد العاملة، وتسهيل دخول منتجات اليمن إلى دول الخليج، وجعل أولوية العمل في دول الخليج لليمنيين بعد المواطنين، وعلينا أن نتوقع العقبات ولكن علينا حلها، فنحن أمام تراكمات وأجيال من الأخطاء، وقوى ستعمل كل ما بوسعها على شق الصف وإثارة الفتن على الحدود وبين الشعبين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.