أنباؤكم-الرياض: كانت شخصية المحامي مادة ملهمة للسينما العربية منذ بداياتها، وكان المحامي عادة يمثل الخير والقانون والذكاء في مختلف تلك الأعمال. غير أنّ هذه الظاهرة، ولأسباب اجتماعية، تحوّلت فجأة إلى نقيضها في السينما المعاصرة التي أصبحت تميل إلى تقديم نموذج المحامي الفاسد أكثر من غيره، لكن دائما مع الحفاظ على مسحة من ذكاء في شخصيته لتحريك الأحداث في هذه الأعمال. قدم الفنان عادل إمام هذا النموذج أكثر من مرّة، واستطاعت شخصية "حسن سبانخ" في فيلم "الأفوكاتو" العام 1983 أن تكون علامة مسجّلة له في هذا المجال بعد أن هاجمتها نقابة المحامين ورفعت قضية ضدّها مطالبة بوقف عرض الفيلم. لكن هذا لم يمنع الجمهور من الإقبال على مشاهدتها بفضل شحنة الكوميديا العالية التي اتّسمت بها ملامح العمل، وبفضل ذكاء البطل الذي يتقن الإفلات قانونياً من كلّ المقالب التي تحاك ضدّه. كما قدم عادل إمام شخصية المحامي الانتهازي "فتحي نوفل" التي اتسمت بالجدية في فيلم "طيور الظلام" العام 1995، الذي أخرجه شريف عرفة وقدّم خلاله أيضاً نموذجاً آخر للمحامي الفاسد هو "علي الزناتي" الذي أدّى دوره علاء زينهم. إذ ينتمي هذا الأخير إلى الجماعات المتطرّفة ويلتقي مع زميله فتحي نوفل في السجن خلال المشهد الأخير، ليُظهرا معاً حدّة صراع جبهات الفساد حول السلطة. أما الممثل الكبير أحمد زكي فقدّم شخصية المحامي على طريقته الخاصّة، وسمح لها بالتطوّر داخل فضاء الأحداث ضمن فيلمه الشهير "ضدّ الحكومة"، منتقّلا من جبهة الفساد إلى جبهة الإصلاح، بعد أن تعرّض ابنه إلى حادث أليم كان سبباً في عودته إلى رشده. خلال هذا الفيلم قدّم أشهر مرافعة في تاريخ السينما المصرية، واعترف فيها بالفساد أمام القضاة في محاولة لكشف ما يحدث في كواليس القانون ولرصد التحولات الاجتماعية والسياسية التي مرّت بها البلاد والتي أدت الى اختلال المنظومات. وقد تكون تلك المرافعة جزءاً يساعد على شرح ظاهرة تحوّل السينما العربية من تقديم شخصيات المحامين الأبطال إلى تقديم شخصيات المحامين الفاسدين. وكانت الجملة الأشهر في الفيلم حين يحكم القاضي باستدعاء كلّ مسؤول عن الفساد "بصفتِهِ وشخصِه" إلى المحاكمة. https://youtu.be/54i54gkAJAo كما قدّمت ميرفت أمين في فيلم "القتل اللذيذ" العام 1998 دور محامية تقع في حيرة بين ضميرها المهني وعاطفة أمومتها بعد أن تورّطت في الدفاع عن تاجرة مخدّرات، لكنّها لم تستطع أن تقف مع العدالة التي اتّخذت مجراها دون مساعدتها في النهاية. وبعيداً عن عالم المخدرات الذي ارتبط بالمحامين في الأفلام، نجد عالم الأحوال الشخصية الذي جسّد في نطاقه هاني رمزي دوره ضمن فيلم "محامي خلع". وقد أسقطه في فخّ الابتذال داخل أحداث كوميدية سطحية تقوده إلى خلع موكّلته من زوجها ليتزوّجها المحامي. كما نجد دوراً آخر قدّمه محمود حميدة في فيلم "إنذار بالطاعة" حيث يستخدم البطل قدراته القانونية لاسترجاع حبيبته وفضح علاقته معها.