تنضم فلسطين اليوم الأربعاء 1 أبريل/نيسان رسميا إلى المحكمة الجنائية الدولية، ما يتيح لها قانونيا ملاحقة مسؤولين اسرائيليين بتهم ارتكاب جرائم حرب بحق الفلسطينيين. وجاء قرار الأممالمتحدة بقبول فلسطين كعضو في المحكمة في يناير/كانون الثاني الماضي، استجابة لطلب فلسطين الذي جاء في إطار حملة دبلوماسية أطلقتها السلطة الفلسطينية لنيل الاعتراف دوليا، بعد فشل المفاوضات المباشرة مع اسرائيل. وبدأ الزعيم الفلسطيني محمود عباس عملية الانضمام إلى المحكمة أواخر السنة الماضية، بعد فشل الجهود لتمرير مشروع قرار دولي عبر مجلس الأمن يضع جدولا زمنيا للاحتلال الاسرائيلي. التوجه لفضح الممارسات الإسرائيلية في المحافل الدولية RT تجدر الإشارة إلى أن فلسطين حصلت على حق الانضمام إلى المحكمة في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2012، عندما نالت صفة الدولة المراقب في الأممالمتحدة. وستصبح فلسطين العضو ال123 بالمحكمة التي تأسست عام 2002. فلسطين والمحكمة الجنائية الدولية.. تاريخ المسألة ---------------------------------------------------------- طرق الفلسطينيون باب المحكمة الجنائية الدولية على مدى سنوات، بهدف إطلاق تحقيق في جرائم الحرب المرتكبة من قبل اسرائيل في الأراضي المحتلة. ففي العام 2009 طلب الفلسطينيون من المحكمة توسيع نطاق قضائها، ليشمل الأراضي الفلسطينية، وذلك لإجراء تحقيق في الجرائم المرتكبة أثناء عملية "الرصاص المصبوب" الاسرائيلية في قطاع غزة أواخر عام 2008 وأوائل عام 2009. الطلب الفلسطيني جوبه حينها برفض المحكمة التي اعتبرت أن الوضع القانوني للسلطة الفلسطينية لا يسمح لها بتقديم مثل هذا الطلب. لكن الوضع تغير في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2012، عندما نالت السلطة الفلسطينية وضع دولة مراقب غير عضو لدى الأممالمتحدة، ومع ذلك اضطر الفلسطينيون للامتناع عن تقديم طلب الانضمام إلى المحكمة آنذاك، تحت ضغوطات اسرائيلية وأمريكية. وبعد فشل مفاوضات السلام في أبريل/نيسان عام 2014، واندلاع النزاع المسلح الأخير في قطاع غزة الذي استمر 50 يوما، وتردي العلاقات الأمريكية-الاسرائيلية، اتجهت الفلسطينيون إلى مجلس الأمن الدولي في محاولة لتمرير مشروع قرار دولي يضع جدولا زمنيا لإنهاء الاحتلال الاسرائيلي لاراضي 1967. وبعد فشل هذه المحاولة، انضمت فلسطين في 1 يناير/كانون الثاني إلى اتفاقية روما الخاصة بتأسيس المحكمة الجنائية الدولية، وتدخل الاتفاقية حيز التطبيق بالنسبة لفلسطين بعد 3 أشهر، أي في 1 أبريل/نيسان. ماذا يعني انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية بالنسبة لاسرائيل؟ ----------------------------------------------------------------------------------------- ينوي الفلسطينيون فور انضمامهم إلى المحكمة رفع قضيتين ضد اسرائيل، تتعلق إحداهما بالأنشطة الاستيطانية الاسرائيلية، فيما تستهدف الثانية إجراء تحقيق في التصرفات الاسرائيلية خلال الحرب الأخيرة على غزة. وكان الفلسطينيون قد بادروا إلى فتح تحقيق آخر يتعلق بالنزاع في غزة صيف عام 2014. ويتعين على المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا أن تتخذ القرار بإجراء تحقيق كامل النطاق في القضية أو رفض الطلب، وذلك بعد إجراء تحقيق أولي في الوقائع التي قدمها الجانب الفلسطيني. تجدر الإشارة إلى أن اسرائيل، كما الولاياتالمتحدة، ليست من الدول الموقعة على اتفاقية روما، لكن مواطنيها يمكن أن يواجهوا تهما بارتكاب جرائم في الأراضي الفلسطينية وأن تتم محاكمتهم في لاهاي. وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي يغادر مقر المحكمة الجنائية الدولية ..لاهاي 5 أغسطس 2014 Reuters Toussaint Kluiters/United Photos لكن أي تحقيق سيُطلق بالمحكمة الجنائية الدولية حول مثل هذه الجرائم، سيواجه عددا من العقبات، ومنها مسألة ترسيم الحدود الدقيقة لدولة فلسطين ووجود قضايا جنائية يجري النظر فيها داخل اسرائيل لملاحقة مرتكبي "التجاوزات" خلال العمليات الاسرائيلية في الأراضي الفلسطينية. رد الفعل الاسرائيلي ----------------------- منذ البداية أبدت اسرائيل معارضة شرسة لفكرة انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية، خشية مواجهة مواطنيها بقضايا دولية، وللحيلولة دون تعزيز الوضع الدولي لفلسطين على خلفية هذا النجاح. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. القدس، 15 ياناير 2015 Reuters Abir Sultan وبعد إعلان الفلسطينيين عن توقيعهم على اتفاقية روما، ردت اسرئيل بتجميد تحويل أموال الضرائب الفلسطينية إلى رام الله، ما أدى إلى تعميق الأزمة المالية التي تمر بها الضفة الغربية. لكن اسرائيل أعلنت أواخر مارس/آذار الجاري تخليها عن هذا القرار، وذلك استجابة لتوصيات وزارة الدفاع والقوات المسلحة وجهاز الأمن الداخلي (الشاباك)، نظرا لوجود مخاوف من استمرار زعزعة الاستقرار وموجة جديدة من العنف في الضفة الغربية بسبب الأزمة المالية. نبذة عن المحكمة الجنائية الدولية -------------------------------------- تتخذ المحكمة الجنائية الدولية من لاهاي مقرا لها، وتشمل صلاحياتها ملاحقة المتورطين في جرائم إبادة وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب. ويكمن هدف تأسيس المحكمة في استكمال المنظومات القانونية التابعة لدول العالم، وذلك لا تستطيع المحكمة أن تبدأ عملها إلا في ظروف معينة، منها رفض المحاكم في دولة ما، أو عجز تلك المحاكم عن ملاحقة المجرمين، أو في حال إحالة ملفات جنائية إلى المحكمة من قبل مجلس الأمن الدولي أو الدول الأعضاء في اتفاقية روما. بدأت المحكمة عملها في 1 يوليو/تموز عام 2002، بالتزامن مع دخول اتفاقية روما حيز التطبيق. وتلعب اتفاقية روما دور ميثاق المحكمة، وتعد الدول التي صادقت على الاتفاقية أعضاء في المحكمة.