قرأ الكثيرون من أبناء الوطن العربي عن راشد المبارك وتتلمذ عديد من هواة الشعر والأدب على يديه، فهو حاضرا كان أو غائبا قيمة فنية عظيمة لا يمكن أن نوفيها حقها، غاب عن عالمنا وتبقى أعماله لتذكرنا بما لم ننسه. رحل راشد المبارك ليعلن برحيله فصلا جديدا في حياة أعماله، رحل لتتجدد سيرته بين محبيه، وتشغف قلوب من لا يعرفونه ليسعوا لمعرفته ومعرفة إنجازاته، قليلون قبل ذلك من كانوا يعرفون قيمته كمثل كل شيء في الحياة لا يعرف قدره الحقيقي إلا بعد الرحيل. يصفه رجال الشرق والغرب بالأديب البارع الذي جمع في صدره العلوم، يقول عنه الدكتور أيمن نور السياسي المصري إنه رمز من أهم رموز التسامح والعلم والأدب والفكر، لما قدمه من أعمال فنية وأدبية أثرت الوسط الأدبي. ويقول خالد الوابل الكاتب السعودي عنه: بكل أسف لا يعرف الكبار في عالمنا جيدا، إلا بعد الرحيل. يأتي غيابه كفاجعة كبيرة لكل محبيه فقد كان أديبا وشاعرا جمع الأدب والعلم في صدرٍ واحد مما يجعل غيابه مريرا، والأمر من رحيله هو أن يكون غيابه مسطرا في أخبار صغيرة هنا وهناك، فبعد أن كانت سيرته تملأ الصحف وشعره ينطقها، أصبح اسمه مزويا في ركن بعيد في زيل الصفحات، فتلك خسارة أشد مرارة، خسارة لن تؤثر في تاريخه الذي يمتد إلى بعد رحيله، بل هي خسارة لنا. راشد المبارك قيمة لا تدرك بشكل كامل إلا بعد أن تغيب، فمنذ ولادته في أرض الواحات المخصبة "الأحساء" عام 1935ه وحياته رحلة متواصلة من التميز العلمي والثقافي بشكل عام وصولا لتشكيله مجلسا أسبوعيا ظل لعقود وجهة المثقفين والأدباء في الرياض يجمعهم في "أحدية المبارك" يوم الأحد من كل أسبوع. حصل راشد المبارك على الدرجة الجامعية في الفيزياء والكيمياء بتقدير جيد جدا من كلية العلوم بجامعة القاهرة في عام 1964، وابتعث للدراسة وحصل على دبلوم الدراسات العليا في الفيزياء الجزيئية من جامعة مانشستر في خريف عام 1969، وحصل على الدكتوراه في كيمياء الكم، وتميز الدكتور راشد المبارك بأنه جمع بين العلم والأدب، فهو أستاذ متخصص في الفيزياء والكيمياء، وهو كذلك أديب وشاعر، وعرف كذلك باعتباره محققا أسهم بفعالية في إنجاز الموسوعة العربية العالمية، أكبر الموسوعات العلمية في العالم العربي من جامعة جنوب ويلز بمدينة كاردف عام 1974. راشد المبارك ابن الأحساء الذي رحل عن ثمانين عاما جمع الضدين من علوم العصر في صدره العلم والأدب وجمع المختلفين من أبناء مجتمعه في مجلسه فخلق من العلم واحة أدب وجعل من الشعر بابا للعلم وأخذ من أهل الالتزام تدينا داخليا انعكس على لطف شخصيته وأخذ من الحداثيين انفتاحه على العالم بأسره ليكسب من كل هؤلاء دعوات الرحمة وتراتيل الثناء، نسأل الله له الرحمة والنفع بما ترك لنا من تركة علمية وأدبية وثقافية ثقيلة علينا لضعفنا في ملاحقة إنجازاته، رحم الله المبارك وجعل علمه لنا مباركا.