كال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" الفلسطينية خالد مشعل السبت المديح والثناء لحكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن دورها في دعم الحركة، بلغة فيها الكثير من الإشادة بقوتها ودورها الاستثنائي والمتفرّد في قدرتها على "قيادة المسلمين للانتصار في حربهم المقدسة على العدو الصهيوني وتحرير القدس من احتلاله لها". ومما يلفت الانتباه في تصريح مشعل أنه لم يشكر دور قطر التي تأويه منذ خرج من سوريا، وتشكل داعما سخيا له ولحماس. ويقول مراقبون انه من باب الإقرار بفضلها ومن باب "الايتيكيت السياسي" كان على مشعل أن يشكر قطر على دعمها كما تعود أن يفعل سابقا بمناسبة وبغيرها حتى ولو كان ذلك من باب الدعاية السياسية لدولة حليفة، في مؤتمر يشهد تغطية واسعة من وسائل الإعلام، ويمكن ان يكون مناسبة مهمة للدعاية لقطر ك"اعتراف بالجميل" هو أقصى ما يمكن ان تنتظره الدوحة من حماس ومن قادتها لقاء دعمها لهم. غير ان زعيم حماس لم يفعل واكتفى بتمجيد الدور التركي التي لا تزال تحتفظ بعلاقة مع اسرائيل وبمبادلات اقتصادية قوية. وقال مشعل في كلمة وجهها للشعب التركي خلال مشاركته بصفته ضيفا في المؤتمر الخامس لحزب العدالة والتنمية التركي الحاكم في ولاية قونيه (وسط تركيا)، بحضور رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، "اعلموا أن تركيا القوية هي قوة للقدس وفلسطين، وإن تركيا الديمقراطية، والنهضة، والتقدم، والاستقرار، قوة للمسلمين جميعا"، مضيفا "إن الله معنا ومعكم في طريق النصر". وقاطع الحضور الذين حملوا اعلاما فلسطينية وتركية خطاب مشعل مهللين "الله اكبر" و"تسقط اسرائيل". وأضاف "سنحقق معا تحرير فلسطينوالقدس والأقصى بإذن الله". ويقول مراقبون إن تأكيد مشعل على فرادة الدور التركي في دعم القضية الفلسطينية ربما يعكس بداية بوادر للقطيعة بينه وبين الدوحة التي صار اهتمامها منكبا هذه الايام على إعادة حالة الانسجام لعلاقاتها الديبلوماسية بمحيطها الخليجي والعربي، بما يفرض عليها أن تطوع حلفاءها الاسلاميين للسير معها في نفس الاتجاه هذا ان لم تتخل عنهم نهائيا وفقا لما ستفرضه عليها استحقاقات استعادة علاقاتها الخليجية العربية. وقالت مصادر مصرية مطلعة إن مشعل يشعر هذه الايام بامتعاض شديد مما يصفه ب" الانقلاب المفاجئ" في موقف الدوحة من حماس وتوجهها لممارسة ضغوط قوية عليها لتغيير سلوكها خاصة تجاه مصر والسعودية. وبينما تتهم مصر حركة حماس بأنها تتآمر على أمنها القومي بالتحالف مع منظمات متشددة تمارس الإرهاب داخل مصر مستفيدة من انفاق حماس على الحدود المصرية لتوصيل اسلحة الى الداخل المصري، تشعر السعودية بغضب شديد من رفض حماس وخالد مشعل تحديدا تغيير موقفه من علاقته بإيران، إذ تريد الرياض من مشعل قطع علاقته بطهران وان يثبت ذلك بدءا بإلغاء زيارته المرتقبة الى ايران. وكانت مصادر ديبلوماسة في الشرق الأوسط رفضت الكشف عن نفسها قالت إن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وملك السعودية عبدالله بن عبدالعزيز طلبا من قطر طرد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل من الدوحة، بعد أن أحجمت حركة حماس عن الرد على مقترح سعودى يقضي بقطعها لعلاقاتها مع إيران مقابل دعمها ماليا وسياسيا. وقالت المصادر إن حماس ردت على هذا المقترح بتقوية علاقاتها السياسية والمالية والعسكرية مع طهران، وبدأت في الإعداد للمصالحة مع نظام بشار الأسد بل وصل الأمر لاعتزام مشعل زيارة طهران خلال الأيام المقبلة والمشاركة في حفل رسمى يعلن من خلاله المصالحة بين حركة حماس وإيران والنظام السوري. وأردف مشعل "كما حمت تركياالقدس والأقصى طيلة مئات السنوات من تاريخها المجيد، فإننا مستبشرون أنكم مع شعب فلسطين والأمة الأمة العربية والإسلامية، سنحقق معا تحرير فلسطينوالقدس والأقصى بإذن الله". وأضاف مشعل "شرف لنا أن تستضيفنا تركيا وأن يستضيفنا حزبها الرائد في مؤتمراته في إسطنبول، واليوم في قونيا، وغدا بإذن الله سنستضيفكم في مؤتمراتنا بساحات الأقصى"، على حد تعبيره. ويقول محللون إن مشعل الذي يبدو وكأنه يتحدث عن استضافة محدودة بالزمان والمكان وخاصة بحضور مؤتمر الحزب التركي الحاكم، إنما يشير في المطلق الى احتمال خروجه من قطر التي كثفت من ضغوطها عليه وعلى حركته لتغيير منهجها السياسي، نحو الاستقرار في تركيا بحثا عن ملاذ آمن هناك يعتقد انه قادر على ان يوفر له الفرصة للحفاظ على نفس المواقف دون تغيير بعد التحرر من الضغوط القطرية التي وصلت الى حد تهديد الحركة بقطع المساعدات عنها ان لم تتنازل من اجل تحسين علاقتها بمصر. وقالت مصادر مطلعة في القدس الجمعة إن الدوحة قررت قطع مساعداتها للحركة الإخوانية الفلسطينية إرضاء لمصر، وباعتبار الحركة فرعا من الجماعة المحظورة بمصر، في محاولة لإتمام المصالحة بين الدوحة والقاهرة بعد فترة طويلة من توتر العلاقات بينهما. وقالت القناة السابعة الإسرائيلية "اروتز شيفا" إن مصدرا مسؤولا مصريا أكد أن قطر أخبرت قادة حماس نيتها قطع المساعدات عن الحركة مؤقتا حتى يقدموا بعض التنازلات التي من شأنها المساعدة في تحسين علاقاتهم وعلاقات حركتهم مع مصر. ويقول المحللون إن مشعل لا يريد ان يخسر تحالفه مع تركياوايران لفائدة التقارب مع السعودية ومصر، وهي مغامرة يعتقد انها "محفوفة بالمخاطر" ويرى انها قد تقضي على الحركة نهائيا لا سيما ان ايران لن تسامحه مرة اخرى كما فعلت مع موقفه من الصراع السوري، إذا ما "باعها" هذه المرة ايضا ووجد نفسه مرة اخرى في خلاف مع السعودية ومصر بعد كل التنازلات التي قد يقدمها. والسبت، أعلن مساعد وزير الخارجية الايراني للشؤون العربية والافريقية حسين امير عبداللهيان أن سيزور طهران دون ان يحدد موعدا لهذه الزيارة مشددا على انه لم تكن هناك قطيعة في العلاقات بين ايران وحماس ابدا. واوضح عبداللهيان ان موعد الزيارة لم يحدد بعد وسيتم الاعلان عنها بمجرد الاتفاق عليها. وراى مساعد الخارجية الايرانية ان سر انتصار الشعب الفلسطيني يكمن في المقاومة معلنا دعم الجمهورية الاسلامية في ايران لحقوق الشعب الفلسطيني. وقال "ان المقاومة وحركتي الجهاد الاسلامي وحماس يشكلان امل الشعب الفلسطيني لقطع يد المحتل الاسرائيلي".