هل يعقل أن تستهلك السعودية كل احتياطيها من النقد الأجنبي الذي يصل إلى 750 مليار دولار في خلال سبع سنوات من الآن؟ هكذا تقول مجموعة آشمور، إحدى أكبر شركات الاستثمار المتخصصة في الأسواق الناشئة، في تقرير لها صدر أمس الأول وكتبه الدكتور جون اسفاكياناكيس مدير المجموعة في منطقة الخليج، المستشار السابق في وزارتي الاقتصاد والمالية في السعودية. لكن على أي أساس توقع اسفاكياناكيس أن المملكة ستسهلك الاحتياطي الأجنبي؟ على أساس أن المملكة ستستمر في الإنفاق بنفس المعدل الذي تنفق به في عام 2014 الجاري، مع بقاء النفط عند سعر 70 دولارا وصادرات النفط السعودي عند 7 ملايين برميل يوميا، ولكن هذا الأمر قد لا يحدث إذا ما غيرت المملكة سياستها الإنفاقية في الميزانيات المقبلة. والسؤال الذي يشغل الجميع: هل ستحقق الميزانية عجزا العام المقبل مع انخفاض النفط ؟ وهل سيتأثر الاقتصاد والمشاريع القائمة؟ وهل سيمس حياة المواطنين؟يجيب اسفاكياناكيس في تقريره ل «مكة»، إذ يتوقع عجزا في ميزانية 2015 مقداره 100 مليار، إذ إن الإيرادات قد تحتسب على أساس 700 مليار، مقابل إنفاق 800 مليار ، ولكن هذا العجز لا يعني أن الميزانية في خطر، إذ إن الدولة تستطيع تغطيته من مزيج يجمع بين السحب من الاحتياطي الأجنبي وإصدار سندات حكومية. وقدرت الحكومة السعودية ميزانية 2014 بنفقات 855 مليار ، مقدرة إيراداتها بنفس المبلغ، ليكون هناك استقرار لا عجز ولا فائض في ميزانيتها. وحققت الميزانية السعودية لعام 2013 فائضا قدره 206 مليارات. ويوضح اسفاكياناكيس الذي عمل كبيرا للاقتصاديين في مصارف سعودية بينها ساب والسعودي الفرنسي، أن الهدف الحكومي الآن سيتحول إلى محاولة التوفيق بين أمرين دقيقين، وهما الإيرادات والإنفاق، دون المساس بالأهداف التنموية، ولهذا السبب يَعتقد أن يستمر الإنفاق كما كان على الرواتب والأجور، ولن يتم تقليص الإنفاق على المشاريع المهمة، مثل مشاريع البنى التحتية والمواصلات العامة والتوسعات في مكةالمكرمة والمدينة المنورة. أسعار النفط مرشحة للصعودوكما هو معروف فإن النفط يشكل غالبية إيرادات الحكومة السعودية، وأسعاره الآن انخفضت 50 %، وأصبح برميل برنت تحت 60 دولارا، وهو ما جعل الكل يتصور أن الاقتصاد السعودي سيدخل في نفق مظلم، لكن لدى اسفاكياناكيس رأيا آخر بخصوص مسألة انخفاض أسعار النفط، إذ يقول إن هبوط النفط كان مبالغا فيه، والأسعار مرشحة للصعود العام المقبل أكثر مما هي مرشحة للهبوط، لأن التوقعات تشير إلى أن اقتصادَيْ الولاياتالمتحدة والصين سيواصلان نموهما. وأبرز ملامح الميزانية السعودية في السنوات بين 2008 إلى 2013 كما يقول اسفاكياناكيس هو أن معدل نمو الإنفاق الحكومي يزيد بنسبة 14% تقريبا كل سنة خلال الفترة، وهذا الأمر سيشهد تغيرا بسبب التغير في الظروف الاقتصادية العالمية. وتعودت الحكومة في السنوات الأخيرة على أن تنفق كل عام فوق المستوى الذي تحدده في الميزانية، وهو ما يعرف بالتجاوز في الإنفاق، ونسبة هذا التجاوز سنويا تقدر بنحو 25% من الإنفاق المقدر في بداية كل عام والمسجل على الورق في الميزانية خلال الفترة بين 2004 و 2013 ، كما يقول اسفاكياناكيس الذي يشير إلى أن التجاوز في الإنفاق أيضا سيتم تقويضه. ويضيف: ما لم ترتفع أسعار النفط في 2015، فإن التجاوز في الإنفاق بشكل مستدام سيصبح أمرا من الماضي.