رغم صمت الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الدكتور عبداللطيف آل الشيخ عدة أشهر عن تفسير تصريحه الشهير الذي أطلقه في وقت سابق حول رأيه بملف التأنيث بقوله "لا أريد أن أكذب ولا أستطيع قول الحقيقة"، وضع رئيس الهيئات النقاط على الحروف حول هذا "الملف الشائك" بعد أن كشف تفاصيل عن حقيقة ما يدور على أرض الواقع ، بحسب تقرير صحيفة "الوطن"، ما يدل على وجود حلقة مفقودة بين الهيئات ووزارة العمل، أدت إلى تزايد أعداد المخالفات في المحال النسائية إما بوجود حالة من عدم الخصوصية للمرأة في تلك المحال، أو استمرار الأجانب الذكور في البيع بداخلها، كما وثقته جولة ميدانية ل "الوطن" أمس في مجمعات تجارية بمدينة الرياض. وبعد صبر طويل، ومكاتبات سعت من خلالها الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى تعديل المسار الخاص بعمل المرأة، إلا أن رئيسها الدكتور عبد اللطيف آل الشيخ، اضطر للخروج عن صمته، موجها انتقادات شديدة لما آلت إليه الأمور خلال تطبيق القرار الخاص بتأنيث محال المستلزمات النسائية. وكشف رئيس الهيئات في تصريح إلى "الوطن" أمس، أن الوظائف التي تخدم النساء وتنشدها قرارات "تأنيث المستلزمات النسائية"، باتت "مختطفة" من قبل الأجانب، بدعم وتستر من بعض ضعاف النفوس من رجال الأعمال، الذين غلبوا مصالحهم الخاصة في هذا الملف على مصلحة الوطن، مشددا على عدم رضاه عن ملف "التأنيث" في ظل التجاوزات الحاصلة فيه، لناحية توظيف المرأة في مجالات لم تحدد بالأمر السامي الكريم، كأن تمكن الفتاة السعودية من العمل كنادلة في مطعم أو مضيفة في فندق. وقال "ماذا يراد لفتياتنا من خلال ذلك..ولماذا تهمل الوظائف الخاصة بالمرأة ويدفع بها لوظائف قد لا تكون ملائمة لطبيعتها وغير متسقة مع الضوابط الشرعية". ولم يخف آل الشيخ المعاناة التي يجدها جهازه خلال الرقابة التي يشترك بها من خلال عدم التزام كثير من المحال والمؤسسات بتطبيق قرارات التأنيث،لافتا إلى أن هناك عددا من التجار المعروفين لا يزالون يتلكؤون في تطبيق هذا القرار، ويتيحون العمل للأجانب في وظائف يفترض أن يتم تأنيثها. واعترف الدكتور عبد اللطيف آل الشيخ، برصد رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر العديد من المخالفات المتعلقة بالتأنيث، مضيفا في هذا الإطار "الوقائع التي ترصدها الهيئة في هذا الملف لا تسر الخاطر أبدا حيث إنها تظهر استغلال المواطنة وحاجتها للعمل". وأسف الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لسطوة ضعاف النفوس من رجال الأعمال وتماديهم في عدم تطبيق القرار الملزم بتوظيف المرأة في محال المستلزمات النسائية وفقا للضوابط المرعية في ذلك. وقال "هؤلاء للأسف لم يجدوا من يلزمهم بتطبيق الأوامر السامية والأنظمة المرعية الصادرة بهذا الشأن". وفي رده على سؤال حول ما إذا كان هناك تواصل قائم بين هيئة الأمر بالمعروف ووزارة العمل لكون الطرفان يشتركان في عملية الرقابة في مدى التزام محال المستلزمات النسائية بقرار التأنيث، قال آل الشيخ حول ذلك "التواصل ضعيف جدا.. ويظهر أن الوزارة تعمل بشكل منفرد في هذا الملف مما أوجد تراخيا من رجال الأعمال الذين وجدوا بذلك فرصة للتراخي وعدم الجدية في تطبيق القرارات ذات الصلة بذلك". ووجه الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، انتقادات شديدة لوزارة العمل، والتي بسببها "غلت أيدي رجال الهيئة عن القيام بأي مهمة يتطلبها الموقف". وقال في هذا الإطار "في بداية تطبيق القرار كان هناك تعاون بين الهيئة ووزارة العمل وشبه تفاهم بين الجهتين، إلا أنه منذ عام تقريبا بتنا لا نمكن من عمل أي شيء.. فوزارة العمل لا تلقي لنا بالا.. وكل ما أمرنا بالمعروف وقفوا ضده، ولم نجد لنا عونا من أي جهة". وأضاف "لقد وقفت بنفسي على إحدى القضايا، وتم إخراج حوالي 27 وافدا من محلات المستلزمات الخاصة بالنساء من مجمعين تجاريين ضخمين، وتم تسليمهم إلى أقسام الشرطة لمخالفتهم التوجيه حيث تم إبلاغهم مرات عديدة بأن هذا العمل من الأعمال الخاصة بالنساء، إلا أنهم لم يكتثروا.. وفوجئنا أنهم أخرجوا بعد نصف ساعة بحجة أن الهيئة لا علاقة لها بهذا الأمر". وبنبرة أسى، قال آل الشيخ إنهم بذلوا "الجهد في العمل وفق الأوامر السامية من إيجاد فرص عمل كريمة للمواطنة السعودية وبيع المستلزمات النسائية لخدمة مثيلاتها، إلا أننا لم نجد أي تعاون ولا يزال الملف معاقا ولا يصل إلى تطلعات أبناء الوطن.. ولا يخدم المواطنة السعودية"، محذرا من أنه إذا "استمر الوضع على هذه الحال فلن نرى إلا تسرب الكثير من العاملات. وحتى العاملات بعضهن لا يزلن في بيئة غير مناسبة لعمل المرأة". وانتقد رئيس الهيئات بشدة بعض رجال الأعمال الذين يتحججون في عدم تأنيث البيع في محال مستلزمات النساء، لعدم وجود الفتاة المدربة على ذلك، وهم يستقطبون رعاة الإبل والدهانين للعمل في مثل تلك الوظائف. ولم يخف رئيس هيئة الأمر بالمعروف خيبة الأمل والإحباط التي يشعرون بها في الهيئة لعدم مقدرتهم على تحقيق المأمول في هذا الملف. وفيما أشاد بوجود بعض محال المستلزمات النسائية التي استجابت للقرار ووظفت النساء في بيئة مناسبة وكن العاملات فيها على قدر من الاحتشام والمواظبة، إلا أنه أشار إلى أن السواد الأعظم لم يطبق القرار بالشكل المطلوب. وختم بالقول "إن ما يحصل في الأسواق لا يرضي الله، ويخالف توجيهات ولاة الأمر، ولا يتفق مع العادات والتقاليد التي نشأنا عليها في هذه البلاد الطيبة.. وأني أبرأ إلى الله .. أبرأ إلى الله .. أبرأ إلى الله "ثلاثا" مما يحدث في بعض المحلات والأسواق". ووجه آل الشيخ نصيحة للمواطنين والمواطنات أن يقاطعوا أي محل خاص بالمستلزمات النسائية بكافة أنواعها لا يقوم بتأنيث تلك المحلات، وتوظيف المواطنات لخدمة مثيلاتهن، حتى يذعن أصحاب تلك المحال لحاجة المجتمع ومتطلبات أبنائه وصيانة للأعراض وهو من باب التعاون على البر والتقوى".