بدأت القضية بوسم، وانتهت بوسم. ومثلما كانت البداية صاخبة؛ كانت النهاية أيضاً. ولكنّ الأهمّ في تفاصيل قضية التحرش بفتيات مجمّع الظهران هو الحلقة الأخيرة التي وقّعتها إدارة سجون المنطقة، قبيل أيام، بتنفيذ الحكم القضائي وجلد المدانين في القضية التي هزّت الرأي العام السعودي لأسابيع كثيرة من العام الماضي، وتحرّكت على نحو غير مسبوق إلكترونيّاً، صانعةً موقفاً اجتماعياً حادّاً إزاء ما حدث بعد انتشاره عبر مقطع فيديو مشين. وبحسب "الشرق"، فإن تنفيذ الحكم تمّ عند البوابة رقم (5) من المجمّع الذي وقعت فيه الجريمة حسب الحكم القضائي الصادر في ديسمبر من العام الماضي. وقال الناطق الإعلامي بشرطة المنطقة النقيب عبدالعزيز الحربي للصحيفة إن إدارة السجون هي الجهة المنفذة، مشيراً إلى أن البيان الذي بثّته إدارته أمس؛ كان هدفه إيصال رسالة إلى الناس مفادها أن «شرطة المنطقة تؤكد أن مثل هذه التصرفات غير اللائقة لا يمكن التغاضي عنها وسيتم التعامل معها بحزم، كما تدعو شرطة المنطقة (الشباب والفتيات) إلى الالتزام بالآداب العامة واحترام تعاليم ديننا الحنيف وتقاليد هذه البلاد الطاهرة». رسالة مقصودة -------------- محتوى الرسالة الذي قصدت شرطة المنطقة إيصاله إلى الشباب والفتيات؛ تطابق مع مئات من المغرّدين في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، عبر وسم «#جلد_متحرشي_فتيات_الظهران». وفي الوقت الذي كشف كثيرون عن ارتياحهم بتنفيذ الحكم القضائي وإيقاع العقوبة بالمتحرشين؛ واشادتهم بدور الجهات الأمنية والقضائية في التعامل مع الملفّ على نحو احترافي. كشف آخرون عن موقف يدعو الفتيات عموماً إلى قطع الطريق أمام التحرش. وأولى خطوات قطع الطريق هي الالتزام وإغلاق أيّ بابٍ يمكن أن يُفتح أمام أيّ رجل تحدّثه نفسه بالتحرش. وقد تكرّر هذا المعنى لدى كثيرين علّقوا على الوسم. في حين أعاد مغردون القضية إلى زمن وقوع التحرش في أكتوبر من العام الماضي، مذكّرين بما حدث على أساس أنه شذوذ أخلاقي غير مقبول. كما طالب بعضهم بالتشهير بأسماء المتحرشين لمضاعفة العقوبة وردع المتحرّرين من الضوابط الأخلاقية. الأحكام رحمة -------------- وغرّد الداعية غازي الشمري على تنفيذ العقوبة قائلاً إن «هذا أقل شيء في حقهم»، مبرّئاً «الشباب السعودي المسلم الغيور» من تبعات الجريمة. في حين غرّد الدكتور سامي الحمود فقال إن «الأحكام الشرعية رحمة بمن تنفذ ضده وأمان للمجتمع». وفي الوقت الذي غرّد عبدالرحمن أبا الخيل بقوله «لا يحق للشاب التحرش بأي فتاة ولو كانت عارية»؛ تساءل فقال «لكن هناك فتيات بتبرجهن كأنهن يقلن للشاب هيتَ لك فهل لهن من العقاب نصيب؟». لكنّ مغرداً يحمل اسم «ب اختصار»؛ دعا إلى «الاهتمام بالمسببات التي تدفع للتحرش «عموماً» ومحاولة علاجها وإشغال الشباب بما ينفعهم»، قبل «تنفيذ العقاب».وفي المجمل؛ فإن تحليل محتوى التغريدات التي نشطت، أمس، تحت الوسم، يمكن تصنيفها إلى مجموعات أساسية، أهمها مجموعة السعداء بتطبيق العقاب، ومجموعة محمّليْ الفتيات جزءاً من المشكلة، ومجموعة المطالبين بإقرار أنظمة وقوانين رادعة، إلى جانب مجموعة «شامتة» وأخرى «متهكمة». قضية سريعة --------------- لكنّ الإيجابيّ في التعاطي مع القضية هي أنها من أسرع القضايا تحريكاً على مستوى التحقيق والمحاكمة وتنفيذ الحكم، على الرغم من أن المدة الزمنية تخطت حاجز الأشهر العشرة. فما إن بدأ مقطع فيديو التحرش بالفتيات في الانتشار؛ حتى بدأ ماراثون أمني متعدّد الأطراف بحثاً وتحقيقاً ورصداً للواقعة ووضعتْ الأجهزة الأمنية يدها على تسجيلات كاميرات المجمع التجاري، لينطلق ماراثون إجرائي بحثاً عن أشخاص دارت حولهم دائرة الاشتباه. وانتهت عمليات التحقيق والتقصي إلى تحديد سبعة أشخاص ضمن دائرة المسؤولية عمّا حدث، ليتمّ القبض على 5 منهم خلال أيام قليلة. وتلا ذلك القبض على اثنين آخرين وهم خارج المنطقة. أعمال مشينة ------------ هذا التحرّك السريع والمُنجِز؛ قاده أمير المنطقة الشرقية الأمير سعود بن نايف شخصياً منذ وقوع الجريمة، وبعد القبض على خمسة منهم؛ توعّد المتورّطين في القضية ب «إحالتهم إلى الشرع» وإيقاع «العقاب الرادع بحقهم»، منعاً لتكرار مثل هذه «الأعمال المشينة». ووصف الأمير سعود ما حدث وقتها بأنه «عمل مُستغرَب ولا يرضاه أحد». وثمّن جهود رجال الأمن الذين وصفهم بأنهم «كانوا على قدر المسؤولية» في التعامل مع الواقعة وتداعياتها، في إشارة إلى القبض على المطلوبين في غضون أسبوع. وفي ضوء ذلك؛ وجّه الأمير شرطة المنطقة بإحالة المقبوض عليهم إلى هيئة التحقيق والادعاء العام، لتأخذ القضية مجراها الطبيعي. وهذا ما تمّ بالفعل، لينتهي الأمر إلى صدور أحكام قضائية ضدّ المدانين. وتضمنت الأحكام الصادرة عن الجزئية في الدمام جلد كلٍّ منهم 60 جلدة، أمام البوابة رقم (5) من مجمَّع الظهران، حيث وقعت جريمة التحرُّش والتصوير. كما تضمنت الأحكام سجن أحدهم 5 أشهر، وعلى اثنين آخرين بثلاثة أشهر لكل منهما، وعلى رابع بشهرين، وعلى اثنين بالسجن شهراً لكل منهما مع الجلد. ملف القضية ------------- تحرش علني أمام البوابة رقم (5) من مجمع الظهران. انتشار مقطع فيديو التحرش عبر يوتيوب. رصد مقطع الفيدو المنتشر عبر الإنترنت. بدء التحقيق مع إدارة المجمع التجاري. تسلّم مقاطع فيديو صورتها كاميرات المجمع. تحليل المقاطع والتأكد من الواقعة. تحديد مسؤولية 7 أشخاص في الواقعة. تحديد تفاوت المسؤوليات بين الأشخاص السبعة. تحديد هوية الأشخاص السبعة. جمع معلومات عنهم. صدور مذكرات القبض عليهم. القبض على خمسة منهم تباعاً. تحديد هوية اثنين خارج المنطقة الشرقية والقبض عليهما. إحالة المقبوض عليهم إلى هيئة التحقيق والادعاء العام. صدور أحكام على المدانين. تنفيذ الأحكام أمام المجمع التجاري.