تشهد مطاعم دبي التي تقدم وجباتها بطريقة «البوفيه المفتوح إقبالاً كبيراً، لا سيما أنها تتفنن في تقديم أنواع من طعام تنتمي إلى مختلف الثقافات، وهو ما مكنها من استقطاب عدد كبير من أبناء الجنسيات المقيمة في الإمارة. وتدفع طريقة عرض الوجبات بعض الأشخاص إلى غرف كميات متنوعة من الأصناف ووضعها في طبق واحد، ليصبح مشهد الطعام مثل الكومة، لكن ما يشد الانتباه أكثر هو ترك كمية كبيرة من الطعام يكون مصيرها سلال القمامة. وفي هذا السياق، وبحسب التحقيق التالي من صحيفة "الرؤية" الاماراتية، يوضح عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية الدكتور أحمد فلاح العموش أن الاتجاه العالمي يسير نحو التقنين في تقديم الطعام بطريقة البوفيه المفتوح، ووضع أصناف محددة، واعتماد الصنف الشائع في المجتمع كطبق رئيس دون خلط أطعمة أخرى ونكهات متناقضة. وأوضح أن البوفيه المفتوح يعكس ثقافة المجتمع الذي ينتمي إليه الفرد، ناقلاً عاداته الاجتماعية والغذائية، ولذلك يجب الانتباه عند تناول الطعام وعدم الإسراف في السكب، وتحديد الوجبة التي نريد تناولها. ونبه العموش إلى أن تناول أصناف متعددة من الأطعمة يؤدي أحياناً إلى مشاكل صحية وعسر هضم، مشدداً على ضرورة إلزام الجهات التي تقدم البوفيه المفتوح بوضع قائمة تتضمن معلومات صحية عن مقدار الوجبة التي يمكن للإنسان تناولها دون أن يؤذي نفسه أو يشعر بالتخمة، مع بيانات كاملة عن محتوى الوجبات الغذائية وعدد السعرات الحرارية في كل صنف. وبدورها تشرح المتخصصة في بروتوكول خدمة زبائن المطاعم عهد رجب أن لكل صنفاً من الأطعمة مذاقه وبهاراته الخاصة ومميزاته الغذائية التي تتطلب تناوله بطريقة معينة، لافتة إلى أن طريقة الأكل لها تقاليدها وطقوسها. وتأسف عهد على أن العديد من الأشخاص لا يتقنون فن التذوق الذي يحتاج إلى استمتاع وأخذ الوقت الكافي في تناول الطعام. وتعرضت اختصاصية البروتوكول إلى عادات الشعوب المختلفة في تناول الطعام ضاربة مثلاً بعادات شعب اليابان المتميزة في هذا الإطار، إذ يسكب الشخص قدر حاجته تماماً دون أي زيادات يكون مصيرها الإتلاف لاحقاً، إذ يرى أن كميات الطعام المتلفة قادرة على إطعام المحتاجين، إضافة إلى أن الإكثار من السكب يفقد الطعام هيبته وقدسيته. وتؤكد عهد أن الالتزام بالإتيكيت لا يحرم الشخص من تناول الكمية التي تشبعه، ولكن على فترات بحيث لا يملأ في كل مرة غير طبق واحد، ولا حرج في القيام مرة أخرى بعد الانتهاء من الطبق الأول لتناول طبق جديد، مع مراعاة أن تكون كمية الطعام بالطبق مقبولة بحيث لا تترك كميات كثيرة بالطبق بعد الانتهاء. وتتابع «كذلك لا يستحب أن يتخطى الشخص دوره في الطابور أو يدخل الطابور من الاتجاه العكسي، كما لا يستحب أن يلتقط بأصابعه أي صنف موجود أمامه أو أن يتذوق الأصناف وهو واقف في الطابور. وأوضح صاحب مطعم في دبي باسل رجب أن الطريقة المثلى للتعامل مع البوفيه المفتوح هي سكب الوجبة الرئيسة المختارة مع تذوق بعض الأنواع الأخرى». وما يثير استغراب وتساؤل رجب، أن شريحة كبيرة من الأشخاص لا يتبعون هذا السلوك، ويسكبون كميات هائلة من الطعام فوق بعضها، ما يفقد الطعام النكهة والرائحة المميزة والفائدة الصحية المرجوة. وأضاف أن تعمد وضع كميات كبيرة من الطعام تحرم الآخرين من أخذ جزء من الوجبات، خصوصاً إذا كان البوفيه في البيوت أو المطاعم الصغيرة وليس الفنادق الكبيرة. وخلص رجب إلى أن العين تأكل قبل المعدة، ولذلك فإن تعمد البعض السكب بشكل كبير، أمر غير لائق، تاركاً نظرة غير جيدة عن الأشخاص الذين يتدافعون أحياناً إلى غرف كميات طعام أكبر من الآخرين. لكن أحمد عيسى من الزبائن المخلصين للبوفيه المفتوح يعتقد أنه فرصة لتعويض ما دفعه من ثمن الطعام المقدم له ولأسرته، ويرى أن من حقه سكب الكمية التي يريد ومن واجب المطعم تلبية رغبته. فيما تشعر هزار خلف بالامتعاض لطبيعة أشخاص يعمدون إلى سكب كميات كبيرة في الطبق، مشيرة إلى أن ذلك المشهد يثير استهجان الجميع، خصوصاً طريقة التدافع في بعض المطاعم والتي تخلف انطباعاً يستحيل معه العودة إلى المكان نفسه.