قال الشيخ نعيم قاسم نائب الأمين العام لجماعة حزب الله اللبنانية إنه يتعين على المعارضة السورية وداعميها في بعض الدول العربية والغربية أن يقبلوا بأن الرئيس بشار الأسد سيترشح في الانتخابات المتوقعة هذا العام ويفوز فيها حتى وإن حققت المعارضة المسلحة بعض المكاسب على الأرض. ويبدو أن خصوم الأسد في الخارج يتقبلون هذا الأمر على نحو متزايد. وقال الشيخ نعيم خلال استقباله وفدا من وكالة رويترز في مكتبه بالضاحية الجنوبية لبيروت إن الأسد يظل بعد ثلاث سنوات من بدء الصراع المدمر محتفظا بتأييد شعبي في سوريا. وكان قد توقع قبل عامين فشل المعارضة في الاطاحة بالرئيس السوري. وقال "على الجميع أن يعلم أن سوريا فيها خياران لا ثالث لهما: إما أن يبقى الرئيس بشار الأسد رئيسا باتفاق وتفاهم مع الأطراف الأخرى بطريقة معينة وإما أنه يستحيل أن تكون المعارضة هي البديل أو هي التي تحكم سوريا لأنها غير قادرة ولأنها جربت حظها وفشلت... لذلك الخيار واضح إما التفاهم مع الرئيس الأسد للوصول إلى نتيجة أو إبقاء الأزمة مفتوحة مع غلبة للرئيس الأسد في إدارة البلاد." وأضاف "يوجد واقع عملي. على الغرب أن يتعامل مع الواقع السوري لا مع أمنياته وأحلامه التي تبين خطأها. ولو استمروا في هذه المنهجية عشر سنوات سيبقى الحل هو الحل." وأشارت "رويترز" الى أن تعليقات الشيخ نعيم تجئ في أعقاب تصريحات لرئيس وزراء روسيا السابق سيرجي ستيباشين قال فيها بعد الاجتماع مع الأسد الاسبوع الماضي إن الرئيس السوري يشعر بأن وضعه آمن ويتوقع أن تنتهي المرحلة الرئيسية من العمليات العسكرية بنهاية العام الجاري. وقال مسؤولون هذا الأسبوع إن الاستعدادات ستبدأ هذا الشهر لانتخابات الرئاسة وهي خطوة تعكس قدرا من التفاؤل في العاصمة دمشق أنها قد تنتهي بإعلان الأسد فوزه بتأييد شعبي يستخدمه في صد المساعي الرامية للتفاوض على انتقال السلطة والتي تدعمها الاممالمتحدة. ومن المتوقع على نطاق واسع أن يرشح الأسد نفسه لفترة رئاسية ثالثة في الانتخابات المقرر إجراؤها في غضون ثلاثة أشهر. وتابعت "رويترز" بأن نائب الأمين العام لحزب الله قال: "في قناعتي يترشح وينجح لأن له رصيدا شعبيا مهما في سوريا ومن كل الطوائف وعلى رأسها الطائفة السنية... أنا أرجح أن تحصل الانتخابات في موعدها وأن يترشح الرئيس الاسد وأن ينجح من دون منافسة." وكان الشيخ نعيم يتحدث ببلاغة وطلاقة وهو يعتمر عمامته البيضاء ويرتدي جبة بنية اللون وينتقي عباراته بعناية ولا تفارق الابتسامة محياه. وأضاف أن الولاياتالمتحدة وحلفاءها الغربيين في حالة فوضى كاملة وليس لديهم سياسة متماسكة حول كيفية التعامل مع سوريا التي أضحت نقطة جذب للمقاتلين المتشددين من مختلف أنحاء العالم. وكان الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله قال هذا الأسبوع إن الأسد لم يعد يواجه خطر إسقاطه وإن دمشق تجاوزت خطر التقسيم بعد ثلاث سنوات على بدء الصراع. وقالت "رويترز" أنه يبدو أن هذا الرأي بدأ يترسخ في العواصم الغربية. وقالت وزارة الخارجية الفرنسية هذا الأسبوع إن الأسد "قد يكون الناجي الوحيد من سياسة الجرائم الجماعية هذه" ووصفت ذلك بأنه نبأ سيء للسوريين. وتستبعد فرنسا الآن استخدام القوة ضد سوريا رغم أنها كانت تتأهب العام الماضي للمشاركة في عمل عسكري لم يكتب له أن يتحقق. وتصف باريس المحادثات المتعثرة بشأن عملية انتقال سياسي بأنها "الخطة الوحيدة" وهو رأي يقول مسؤولون أمريكيون إن له مؤيدوه في واشنطن لاسيما بين القادة العسكريين الذين يفضلون الأسد على فوضى طائفية. ورغم أن قوات المعارضة لا تسلم بالهزيمة فإن قادة من أمثال بدر جاموس من الائتلاف الوطني السوري يؤكدون أنه دون تدخل خارجي سيستمر الجمود الحالي. وفقد الأسد السيطرة على أجزاء كبيرة من شمال وشرق سوريا أصبحت خاضعة لسيطرة إسلاميين متشددين وجهاديين أجانب. وساعد مقاتلو جماعة حزب الله في تحويل دفة القتال لصالح الأسد الذي يبسط سيطرته القوية حاليا على معظم أنحاء وسط سوريا حول العاصمة وعلى المناطق الحدودية بين سورياولبنان. ويحقق الجيش السوري مكاسب مطردة على طول الطريق البري وكذلك في المناطق المحيطة بدمشق وحلب خلال الشهور المنصرمة ليستعيد زمام المبادرة في الصراع الذي دخل عامه الرابع وقتل فيه أكثر من 150 ألف شخص. وهذا يجعل الدول الغربية في مواجهة احتمال فقد نفوذها في الشرق الأوسط. ويرى كثيرون الآن استراتيجية جديدة تقوم على احتواء الأسد وما ترتب على الحرب من ملايين اللاجئين وجحافل المقاتلين. كما أفادت "رويترز"أن اندرو اكسيوم المسؤول الأمريكي السابق الذي عمل في قضايا الشرق الاوسط بوزارة الدفاع قال: "الولاياتالمتحدة لديها سياسة معلنة بتغيير النظام لكنها لم تخصص الموارد اللازمة لتحقيق التغيير. أما استراتيجية الاحتواء الأمريكية الفعلية مناسبة جدا لما يرجح أن يكون حربا طويلة جدا." وتدعم دول غربية وبعض الدول العربية وتركيا المعارضة السورية في حين تدعم إيرانوروسيا الأسد. ودعا الشيخ نعيم إلى التمييز "بين ترشيح الرئيس الأسد وهو أمر واقع ونجاحه في الانتخابات بسبب الإطار الشعبي المؤيد له بالمجمل وبين استقرار سوريا السياسي الذي له علاقة بتدخلات الدول الأجنبية وبعض الدول العربية في شؤونها بحيث تمنع حتى الآن من الحل السياسي الشامل." وقال "ما لم يحصل حل سياسي شامل في المنطقة باتفاق الأطراف الداخلية فإن وضع الأزمة سيبقى مستمرا حتى ولو حصل بعض التغيير في موازين القوى وهو الآن يحصل لمصلحة النظام. "لكن سوريا بالمجمل لا يمكن أن تستقر على المستوى السياسي والاجتماعي إذا لم يحصل هناك حل سياسي وإذا لم يتم إنجاز الخطوات التي تؤدي إلى اتفاق ينهي هذه الأزمة." وأكد أن المرحلة الحالية في سوريا وفي المنطقة "هي مرحلة انعدام وزن وعدم وجود حلول سياسية نهائيا... فأمريكا بحالة حيرة. هي من ناحية لا تريد للنظام أن يبقى ومن ناحية أخرى ليست قادرة على ضبط المعارضة التي تمثلها داعش والنصرة. ولذا كان الخيار الأخير أمريكيا هو بقاء الوضع في سوريا في حالة استنزاف لمرحلة غير محددة بانتظار تطورات يمكن أن تساعد على استشراف بعض الحلول إضافة إلى أن الأولوية الأمريكية اليوم هي خارج دائرة منطقة الشرق الأوسط وخاصة في الأزمة السورية. "بناء عليه أفترض أو أتوقع أن تطول الأزمة السورية في حالة المراوحة بسبب عدم وجود قرار دولي إقليمي بتسهيل الحل السياسي." وتابع قائلا إن "كسر حالة المراوحة لمصلحة الحل السياسي لا يمكن أن تتم بإرادة المعارضة السورية لأنها معارضة مفككة ومشتتة ليس لها برنامج وغير قادرة على أن تحقق تمثيلا مناسبا في مقابل النظام." ودعا الدول الخارجية إلى "الكف عن تسعير الأزمة ومدها بالمال والسلاح وإبقاء الأمور في حالة غليان لمصلحة تشجيع الأطراف على أن يبحثوا عن إجراءات سياسية منطقية قادرة على أن يجلس النظام مع المعارضة ليتفاهموا على حلول يمكن أن تكون محطة لحلول سياسية أوسع وأشمل وبغير هذه الطريق لا أجد حلا." وقال نائب الأمين العام لحزب الله "القناعة الأمريكية الدولية الآن منصبة على ضرورة بقاء الأزمة السورية مفتوحة وليس لديهم قرار جدي بالحل. وبناء عليه فإن استمرار دعم بعض الدول الإقليمية والعربية للمعارضة له علاقة بمحاولة الاستفادة من الوقت الضائع علهم ينتهزون فرصة تستطيع من خلالها المعارضة أن تحصل على شيء. لكن في رأيي هذه إضاعة للوقت واستنزاف للشعب السوري ومزيد من القتل والتدمير. فحالة المراوحة هي حالة سلبية للشعب السوري وليست حالة إيجابية." ولعب مقاتلو حزب الله دورا في دحر مقاتلي المعارضة حول مزار شيعي قرب دمشق كما أن السيطرة على القلمون وخصوصا يبرود ساعدت الأسد على قطع خط إمداد لقوات المعارضة عبر الحدود من لبنان. وتقع تلك البلدة قرب الطريق السريع الذي يربط دمشق بحلب في الشمال وبساحل البحر المتوسط في الغرب حيث تتركز الأقلية العلوية التي ينتمي إليها الأسد. وقال الشيخ نعيم إنه على الرغم من تحقيق نصر كبير فإن من السابق لأوانه الحديث عن انسحاب حزب الله. وأضاف "نحن موجودون في سوريا حيث يجب أن نكون... وبالتالي كل الدعايات التي تتحدث عن وجودنا في كل مكان وفي كل بقعة هي دعايات غير صحيحة. نحن نعلم أين نتواجد وما هو الأمر الذي يؤدي إلى حماية ظهر المقاومة وخط المقاومة وهذا هو العنوان الأساسي في التعاطي مع الملف السوري. "إلى الآن نعتبر أن وجودنا في سوريا ضروري وأساسي أما متى يتغير هذا الظرف فهذا أمر ميداني سياسي يتطلب قراءة ومراجعة في المستقبل من أجل أن نحدد صيغة أخرى إذا كنا سننتقل إليها. أما إذا بقينا على وضعنا وكانت الظروف متشابهة فنحن حيث يجب أن نكون." وأشار الى أن معارك القلمون سارت "بانسياب وهدوء وراحة وتكتكة ما يدل بأن الأمور ليست معقدة وإنما فيها يسر وفيها شيء من التخطيط الدقيق الذي يساعد على تقليل الخسائر وإيصال النتيجة وهي ضرورة أن لا يفكروا بسلوك الطريق العسكري للوصول إلى الحلول المطلوبة.. أن يفكروا في الطريق السياسي وأن يبذلوا له فهذا أنفع وأربح." وأذكى الصراع في سوريا التوتر بين السنة والشيعة في لبنان وفي أنحاء العالم العربي. وينتمي معظم مقاتلي المعارضة في سوريا للسنة في حين أن الأسد من الطائفة العلوية الشيعية. وأضافت "رويترز" أن جماعات سنية متشددة المسؤولية عن تفجير سيارات ملغومة استهدفت الضاحية الجنوبية ببيروت وهي معقل حزب الله كما سقطت صواريخ على بلدات شيعية وسنية في سهل البقاع. وساهمت الإجراءات التي قام بها الجيش والأجهزة الامنية بمساعدة حزب الله على الحد من هذه التفجيرات. وقال الشيخ نعيم "العمل في مواجهة الانتحاريين والسيارات المفخخة كان عملا جيدا إذ أنه تشعب لجوانب عدة. الجانب الأول هو الجانب السياسي الذي فيه إبراز لحقيقة الخطر والمشكلة ومنبوذية هؤلاء. الجانب الثاني هو العمل الأمني الذي كشف معاقلهم وقبض على بعض المرتكبين. الجانب الثالث الإجراءات التي اتخدت من خلال الجيش اللبناني والقوى الأمنية بالحواجز المختلفة التي ضيقت على الحركة. الجانب الرابع هو معركة يبرود وما أحاط بها لأن يبرود كانت مركز الثقل في تصدير السيارات المفخخة بسبب الكراجات والمصانع المخصصة لهذا الأمر. ونستطيع القول أن يبرود هي مركز الإدارة والإنطلاق." أضاف "عندما تشابكت هذه العوامل الأربعة أدى هذا إلى إضعاف كبير لجماعة القاعدة ومن معها وبالتالي تراجعت العمليات بنسبة كبيرة جدا ونعتقد أن الوضع تحسن في هذا الإطار بنسبة كبيرة جدا وإن كان يجب أن نبقى منتبهين وحذرين وأن يتابع هذا الملف بنفس الحيوية كي لا يكون لهم منفذ لاستغلال أي ثغرة.. وإلا النتائج واضحة من خلال الواقع الميداني." وعن المواجهة مع إسرائيل، نقلت "رويترز" عن الشيخ نعيم قوله: "قتال إسرائيل يكون بأن نكون على جهوزية كاملة لنحرر في الوقت المناسب وندافع في الوقت المناسب ونردع في الوقت المناسب ونبقي المعادلة مع إسرائيل قائمة حتى لا تتجاوز حدودها وهذا أمر حاصل حاليا." وتابع قائلا "آخر حادثة عندما أطلقت إسرائيل صواريخها على الحدود اللبنانية السورية في منطقة جنتا على نقطة لحزب الله تم الرد المناسب الذي جعل إسرائيل تدرك تماما بأنها قد تدخل في مشكلة كبيرة إذا أرادت أن تقوم بهذا النوع من الاعتداءات." وذكرت "رويترز" أن نصر الله كان قد أعلن يوم الاثنين المسؤولية عن تفجير استهدف دورية إسرائيلية على الحدود في مارس آذار قائلا إن الهجوم رد على غارة جوية إسرائيلية على هدف تابع للحزب على الحدود السورية اللبنانية قبل شهر.