وجد الباحثون أن مسكنات الألم الشائعة والمضادة للالتهابات، قد تكون سلاحا جديدا في المعركة ضد البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، كالبنسلين والأموكسيسيلين. وهي مصممة لقتل أشكال مختلفة من البكتيريا التي تجعلنا مرضى. وتتمكن بعض المضادات الحيوية من إنجاز هذه المهمة من خلال تدمير قدرة البكتيريا على التكاثر، في حين يستطيع بعضها قتل البكتيريا عن طريق الحد من قدرتها على تحويل الغلوكوز في الدم إلى طاقة، والبعض الآخر عن طريق تمزيق جدران الخلايا البكتيرية نفسها، وذلك وفق تقرير مجلة "فوربس" هذا الشهر. وتتابع المجلة بأن المشكلة مع المضادات الحيوية، هي أن البكتيريا لا تتأثر بها بعد مدة. وعندما يحدث ذلك، تظهر سلالة جديدة من البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، مثل: العنقوديات الذهبية المقاومة للبنسلين، التي تؤدي إلى التهابات مستعصية يصعب في بعض الأحيان علاجها. ويعتقد كثير من علماء الأوبئة أن الاستخدام المفرط والمزمن للمضادات الحيوية يساعد في تكاثر هذا النوع من الجراثيم. كما تظهر أحدث البحوث أن أدوية مضادات الالتهاب اللاستيرويدية، تتعامل مع البكتيريا بطريقة مختلفة تماما عن المضادات الحيوية، عن طريق الارتباط ببروتين معين في البكتيريا يسمى "كتلة الدنا"، وهو سبب تكاثر البكتيريا. ويوضح المؤلف الدكتور هارون أوكلي من جامعة ولونغونغ في أستراليا: "اكتشفنا أن بعض الأدوية المضادة للالتهابات المستخدمة في العلاج البشري والبيطري ذات فعالية ضعيفة، وأنها تبذل نشاطها الثانوي في منعها للبكتيريا من تناسخ الحمض النووي، وهي العملية التي يتعين عليها القيام بها من أجل التكاثر." وتقلل مضادات الالتهاب اللاستيرويدية جميعها من الألم والالتهابات، عن طريق إعاقة إنزيمات تدعى "كوكس- 1" و"كوكس- 2"، المسؤولة عن صنع مركبات كيميائية تسمى: البروستاغلاندين. وعندما نتعرض للإصابة، تقوم الأنسجة التالفة بإطلاق البروستاغلاندين الذي يسبب التورم وازدياد حدة الإشارات العصبية في المنطقة المصابة، أي الشعور بالألم. ومن خلال إعاقة "كوكس- 1" و"كوكس- 2"، تقلل مضادات الالتهاب اللاستيرويدية من تأثيرات البروستاغلاندين. على الصعيد نفسه، يبدو أن مضادات الالتهاب اللاستيرويدية، تعمل أيضا على إعاقة "كتلة الدنا" البكتيرية لأسباب ليست واضحة حتى الآن. وإذا كان من المستطاع استغلال آثار هذه المضادات وتوسيعها، فإنه يمكن للنسخ المعدلة من مسكنات الألم الشائعة أن تصبح في نهاية المطاف الحل الفعال لمكافحة الجراثيم. ويضيف الدكتور أوكلي: "إن حقيقة تأثير العقاقير المضادة للالتهابات في قتل البكتيريا مختلفة عن الأدوية التقليدية، معناه أن تطوير مضادات الالتهاب اللاستيرويدية لأنواع جديدة من المضادات الحيوية الفعالة ضد ما يسمى بالجراثيم." ويضيف: "هذا أمر مهم إذ أصبحت الجراثيم مقاومة للعديد من المضادات الحيوية المتوافرة، بل في أغلبها أحيانا." لكن هذه الدراسة ما هي إلا بداية لجولة مطولة من البحث في كيفية تأثير هذه العقاقير على البكتيريا، ولا يوجد حاليا أي أساس علمي متين لمحاولة علاج الالتهابات البكتيرية باستخدام مضادات الالتهاب اللاستيرويدية، على الرغم من أنها غالبا تكون فعالة في خفض الحمى المرتبطة بالالتهابات.