في عمر الخامسة جرّبت أولى محاولات كتم الأنفاس تحت الماء. لكنّ «نور» لم تبلغ العاشرة إلاَّ وهي حاصلة على شهادة غوص معتمدة دولياً. وحين بلغت السادسة عشرة لم تصل حدّ الاحتراف فحسب؛ بل صارت واحدة من ثُنائيّ أنثويّ يمارس الغوصَ في بحار كثيرة، والتفاصيل في تقرير "الشرق" عقب حوارالصحيفة مع الفتاتين ووالدهما: هكذا أصبح لدى الثنائي «نور» و «تأمُّل» خارطة نشاط مائي تتوزع نقاطه على مواقع كثيرة في الخليج العربي وشمال البحر الأحمر، لتكونا من بين السعوديات القليلات اللائي احترفن الغوص وتعلمن أسراره وواجهنَ مخاطره، واقتربن بحسّ رومانسيٍّ حميم إلى العالم الساحر.. عالم ما تحت الماء..! ابنة الغواص.. غواصة ---------------------- لا سرَّ في القصة، ف «نور» و «تأمّل» من أسرة بحرية خالصة. أسرة نشأت أمام مشهد البحر اليوميّ في بلدة سنابس بجزيرة تاروت. وليس غريباً أن يحمل أيّ من أبناء البلدة مهارة من مهارات البحر، في «الحَداق» أو «القُمبار» أو «الجراف» وكلّها وسائل صيد أسماك وربيان معروفة في الساحل الخليجي كله. والغوص بحثاً عن اللؤلؤ جزءٌ من تاريخ الساحل الخليجي كله، وسنابس جزءٌ من هذا التاريخ الممتدّ عبر الأزمنة السحيقة. وفي هذه البيئة نشأ والدهما علي الدبيس بجوار البحر، ولكنه أضاف مهارة الغوص إلى مهاراته في الصيد. وتحوّلت إلى هواية يمارسها في أوقات الفراغ. ومع الزمن تحوّلت إلى احتراف على الرغم من انشغالاته بعمله الأساسي، مدرباً في الموارد البشرية بشركة الكهرباء. وتطوّرت القصة ليكون مُتدرباً في الغوص أولاً، ثم مُدرّباً معتمداً دولياً. ومن الطبيعيّ أن ينعكس عشق الغوص على أفراد الأسرة، لتكون «نور» و «تأمّل» جزءاً من أسرة الغوص الباحثة عن شعاب المرجان وسحر الماء في الخليج والبحر. وباسثناء الأمّ فإن كل الأبناء والبنات لديهم الشغف نفسه الذي حوّلهم إلى غواصين. ماء حلو ------- قصة «نور» بدأت على يد أبيها حين كانت في الخامسة. وفي بركة ماء علّمها والدها كيف توقف أنفاسها حين تكون تحت الماء، وكيف تُخرج نفسها من الماء، وكيف تطيع غريزة البقاء أثناء السباحة. ثم تطوّرت السباحة في الماء الحلو إلى السباحة في الماء المالح. ومن بعدها استخدام أسطوانة الهواء تحت الماء تحت إشراف الوالد.. المدرب. شيئاً فشيئاً صارت «نور» غواصة مبتدئة، فغواصة هاوية، فغواصة متمكنة. وفي سن العاشرة حصلت على شهادة الغوص المعتمدة دولياً. هذا التدرّج صنعته التجربة العملية، في كثير من مواقع الغوص التي خبَرتها «نور». وتجارب الغوص الجدية جداً بدأت في الجبيل، وتحديداً حول جزيرة «جنى»، إذ غاصت «نور» إلى عمق 12 متراً في تجربة وصفتها ب «المغامرة المثيرة». إلا أن غوصها برفقة مدربها/ والدها أمّن لها الإحساس بالحماية الآمنة. وحول الجزيرة؛ كرّرت التجربة، كما كرّرتها في مواقع عميقة في شاطئ نصف القمر. وتطورت اللعبة المثيرة في البحر الأحمر، وتحديداً في ساحل مدينة جدة، حين غاصت إلى عمق 20 متراً وتجوّلت بين الشعاب المرجانية الأخّاذة وكأنها طائرٌ يطير بين حدائق بحرية. وتعمّقت المغامرة أكثر حين وصلت إلى عمق 28 متراً في تبوك، برفقة والدها أيضاً. وهناك لم تكن تغوص فقط، حسبما تقول، بل تتعرف على عالم آخر متنوع بالحياة والمشاهد والأحياء الكثيرة. تقول «في تبوك عشتُ ألذ متع الغوص»، و «أحنّ إلى العودة إليه». خارطة الغوص الجغرافية لم تتوقف عند شاطئي الخليج العربي. وتستعرض نور متعتها في الغوص حيث تنفصل بجسدها وروحها تحت الأعماق وتلهو مع الأسماك والشعب المرجانية، وخصوص سمكة المهرج. ليل ونهار ---------- وترى «نور» التي تحمل لقب « ادفانس اوبن وتر» أن لمتعة الغوص روعتها في النهار ومذاقاً آخر في الليل حيث الهدوء والسكينة، وتتمنى أن يتعرف الجميع على هذه البيئة ليخجل من نفسه من يلوثها ويسعي للحافظ عليها. وتقول إنها تجد في والديها القدوة الأكبر وتشعر بالامتنان والتقدير لزميلاتها في مدرسة ومدرساتها اللاتي لا يكففن عن تشجيعها على مواصلة الهواية وتنميتها. لباس إسلامي ------------ شقيقتها «تأمّل» التي تصغرها بعامين لديها شغف مماثل بالغوص، لكنه ليس بمثل حماسها. «تأمّل» لديها ميزة الخجل، في حين لدى «نور» ميزة «الحماس»، لكنّ الغوص يجمع الأختين، وحب المغامرة أيضاً. ووالدهما يرعى نموّهما رعاية داعمة ومسؤولة. ولذلك؛ صمّم لباساً نسائياً للغوص يلبّي شروط العادات والتقاليد. كما أنه يقف إلى جانب ابنتيه أباً ومدرباً. إنه قريبٌ منهما دائماً وأبداً. تدريب الفتيات ------------- طالبة الأول ثانوي «نور» تطمح أن تكون متدرّبة في الغوص، وهي تسعى إلى ذلك، مستفيدة من خبرتها العملية وخبرة والدها التدريبية. لكنّها في الوقت الراهن مشغولة بالتركيز على دراستها، طامحةً إلى أن تحصل على أعلى معدّل لتدرس الطب. تقول: أتمنى الحصول على فرصة تدريب بنات جنسي في العطلات المدرسية، ولم يختلف طموح شقيقتها «تأمّل» عنها فهي تطمح إلى تصبح طبيبة أطفال أيضاً. نشاط بيئي ---------- لكنّ الغوص يبقى محوراً لنشاط الثنائيّ اليافع، ومشاركتهما مع والدهما لا تنحصر في الغوص فقط، بل أيضاً تشاركانه في الفعاليات البيئية. وتعد الأسرة نفسها أسرة بيئية، ولذلك فهم موجودون عبر ركن خاص يختص بالغوص في مثله هذه الفعاليات، لتعريف الزوار على الأدوات القديمة والحديثة للغوص والشُّعب المرجانية. وقد كانوا موجودين في مهرجان «قطيفنا خضراء» الذي نُظّم مؤخراً في شاطئ القطيف، حيث التقهما «الشرق». رابط الفيديو: نور في بداية تدريبها تحت الماء 1 د http://youtu.be/rXecn8xQ9-c