أجرى الصحفي أحمد التركي حوارا خاصا لصحيفة "الكويتية" نشر أمس الثلاثاء ،مع المحامي الكويتي "زيد الخباز" ،تحدث فيه عن هموم المحامي، وانسانية المهنة ، وثغرات القوانين ومواضيع أخرى ..واليكم التفاصيل: ■ لا نستطيع الحصول على حقوقنا من المدين.. وهو يصول ويجول أمام أعيننا أكد المحامي زيد الخباز، أن قانون المرافعات الحالي لا يحاكي الواقع الحالي بحال من الأحوال، ولا التطور الحالي، لافتا إلى أنه لا يصلح لنا في الوقت الحاضر، إن لم يتم تعديله بشكل جذري. وأضاف الخباز خلال حوار خاص ل «الكويتية»، أن هموم مهنة المحاماة تتمثل في التقاعس التشريعي والتنفيذي، مشيرا إلى أن القوانين أصبحت شبه بالية، بل أصبحت لا تواكب العصر الحالي والجيل الحالي والتقدم الملحوظ في كل دول العالم، مؤكدا أن إجراءات التقاضي تسأل عنها الحكومة والسلطة التشريعية، مرتئيا أن همومهم باتت كثيرة، والتي من أهمها بطء الإجراءات وطول أمد التقاضي.. وإلى التفاصيل: كيف كان مشوارك مع المحاماة منذ التخرج وحتى الآن؟ - في بداية حياتنا، لم أكن أنوي التوجه لعالم المحاماة، وكانت توجهاتنا بعيدة كل البعد عن المحاماة، وذلك لعلمي المسبق بأن عالم المحاماة بحاجة لإخلاص وجهد واجتهاد ومواجهة قوية للظلم ومعركة في ما بين الظلم والمال، فكنت لا أنوي الدخول فيها لتلك الأسباب، ولكن لكل إنسان رزقا ومكانا مقسوما له، فلم أجد نفسي إلا في عالم المحاماة، العالم الذي نعيش فيه، وسط موجة من الاستياء، بسبب تصرفات البعض، والمشاكل التي نعانيها، والتي يعتقد البعض بأن المحامي هو سببها، في حين أن الأصل في تلك المشاكل هي السلطة التنفيذية والتشريعية. وظيفة إنسانية ---------------- ماذا تعني لك مهنة المحاماة؟ - اليوم المحاماة تعني لي حياتي، بسعادتها وتعاستها، ولا يخفى على البعض بأنني سمعت مصادفة عن مرض العمل النفسي، وذلك هو ما نعانيه، فتجدنا دائما موجودين في أعمالنا، سواء في الفترة الصباحية أو المسائية، ومع كل ذلك، الوقت الذي نكرسه للمحاماة لا نستطيع خلاله الانتهاء من الأعمال، فمهنة المحاماة اليوم هي وظيفة إنسانية قام البعض بتحويلها إلى وظيفة مالية، ولا يغني عن ذلك تقاضي المحامي لأتعابه.. ومعنى أن تكون المهنة إنسانية، هي أن يكرس المحامي حياته لنصرة المظلوم، ولكن تقاضيه لأتعابه هو حق وأمر يختلف كل الاختلاف عن التبرع في القضايا. هموم كثيرة -------------- حدثنا عن هموم المحاماة وأبرز مشكلات المهنة؟ - هموم مهنة المحاماة تتمثل في التقاعس التشريعي والتنفيذي، فمن جانب نجد القوانين أصبحت شبه بالية، بل أصبحت لا تواكب العصر الحالي والجيل الحالي والتقدم الملحوظ في كل دول العالم، وإجراءات التقاضي تسأل عنها الحكومة والسلطة التشريعية، فهمومنا كثيرة، منها بطء الإجراءات وطول أمد التقاضي، فهل يعقل أن أطالب بمبلغ 1000 دينار، ويحكم في الدعوى بعد سنة ونصف السنة بشكل غريب، وكأننا نعيش في دولة خارج الكرة الأرضية؟! أضف إلى ذلك، المستندات وتقديمها.. ففي حين نجد دولة الإمارات يتم إيداع جميع المستندات في «السيستم الآلي» بشكل منظم إلكترونيا، ونحن في الكويت ننتظر توقيع فلان وبصمة علان على الحكم وعلى الأوراق، أضف إلى ذلك إجراءات التنفيذ، التي تعد إجراءات عرقلة لا تنفيذ، فلا نستطيع الحصول على حقوقنا من المدين، وهو يصول ويجول أمام أعيننا، هذا إضافة إلى المشاكل العديدة التي لا تعد وتحصى من ضيق في المباني وقدمها، ولا عزاء لرجال السلطة القضائية الذين يعانون بالضبط مما نعانيه. الحاسب الآلي ------------- وما الضرر من استخدام القاضي لجهاز كمبيوتر للاستعلام منه عن أي إجراء أو أي معلومة؟ - الضرر يتمثل في عدم ثقة المجتمع بالجهاز الآلي.. هذا من جانب، ومن جانب آخر، لن يستطيع مستخدمو الحاسب الآلي تجاوزه ومخالفته، فسيكون نظامه موحدا وثابتا، وبالتالي لا تجاوزات سيسمح بها فلان أو تغييرات في الحكم أو إخفاء في الملفات، لأن كل ذلك سيكون مدونا في جهاز الحاسب الآلي، لذا يعدون جهاز الحاسب الآلي عدوا لهم، والسلطة القضائية تتمنى أن ننتقل للجهاز الآلي، ولكننا بحاجة لتشريع ينظم كل تلك المسائل. ما المشكلات الإدارية التي تحتاج إلى حل من خلال عملك بالمحاماة؟ - المشكلات الإدارية تتمثل في آلية طباعة الأحكام وتنفيذها، وفتح ملفات التنفيذ والفوضى اليومية في المحاكم التي يشتكي منها المحامي والمعقب القضائي والمستشار والقاضي والسكرتير، فجميعنا نشتكي.. أوراق مكدسة على بعضها البعض، ومستندات، وأحيانا تجد قضية بها 500 مستند، والملف يحمله شخصان، ومن الممكن أن يكون هذا الملف في رقاقة كمبيوتر. حريق الجهراء --------------- ما نوع القضايا التي تحب أن توكل إليك؟ - جميع أنواع القضايا، فنحن نعيش في عالم القانون، ولا نحصر أنفسنا في نوع معين، ولكن البعض يعتقد بأننا متخصصون جنائيا، وذلك غير صحيح. وكون أن الأخبار التي تنشر في الصحف اليومية جنائية، لا يعني أننا متخصصون، ولكن الصحيفة تبحث عن الأخبار المقروءة في الصحف، متمثلة في الدعاوى الجنائية، لأنها تلفت الانتباه، وخاصة لدى فئة من القراء الشباب. ما أهم قضية ترافعت فيها أو صادفتك؟ - قضية حريق الجهراء.. ولأنها قضية لا تنسى، وكانت المدرسة الأولى لي، والمعركة القانونية الحقيقية لي. القضية الأغرب -------------- ما أغرب قضية مرت عليك خلال عملك بالمحاماة؟ - فتاة اتصلت تطلب مني مقاضاة عيادة بيطرية، بسبب إجراء عملية لقطها الذكر، واكتشفت بعد العملية أنهم ألغوا رجولته، فابتسمت وضحكت وغضبت هي، فقلت لها كيف سأشرح دعواي للقاضي؟ وقمنا بالتصالح مع العيادة البيطرية، مع العلم بأن قيمة القط الذكر 2000 دينار، وكان من نوع نادر. هل يمكن أن تقبل الدفاع عن متهم، وأنت تعلم بأنه مرتكب الجريمة؟ - نعم.. أقبل، ولكنني أوصل له معلومة، بأننا سنبحث عن التخفيف، وعلى شريطة عدم الإضرار بصاحب المصلحة، مع العلم بأن البعض يعتقد بأن الظالم بمحاميه يستطيع أن ينتصر، وهذا غير صحيح، فقد يكون انتصارا وقتيا فقط، ولكن الحق يعود لصاحبه دائما، إلا إذا أخطأ في إجراءاته. ما رأيك في قانون المحاماة الحالي؟ - قانون لا يرقى لأن يسمى قانونا، بل يسمى نصوصا وقتية.. ورأيي في جميع القوانين، أنها لا تصلح، وبحاجة لتعديل فوري، حتى نواكب التطور البشري والذهني للعالم. الأحوال الشخصية ------------------ هل لديك تحفظات على قانون الأحوال الشخصية؟ - قانون الأحوال الشخصية يرضي المرأة إذا كان في صفها، ويرضي الرجل إذا كان في صفه، والمرأة تقول أنا مظلومة، والرجل يقول أنا مظلوم، ويقومان بإلقاء اللوم على القانون، ولا عزاء للقانون.. القانون به ظلم كبير للأب وللأبناء، ولا نستطيع التوفيق بين الفئتين أبدا، ولكنه بحاجة لتعديل كذلك، حتى يتمكن الأب من رؤية ابنه، فهل من المعقول أن يرى الأب ابنه 3 ساعات في الأسبوع؟!.. هذه ملاحظة على مادة، فضلا عن المواد الأخرى. ماذا ترى في قانون المرافعات؟ - قانون المرافعات لا يحاكي الواقع والتطور الحاليين، فهل من المعقول ألا نستطيع إتمام إعلان لشخص نقوم بمقاضاته وتتأخر القضية لسنوات، بسبب الإعلان؟! وهذا واقع مرير، فأين القوانين والتشريعات الحديثة؟ ولم لا يقوم كل مواطن أو شخص بتعيين محام، وذلك إلزاما عليه، ويعلن في مقره، وذلك بناء على تشريع يصدر من المجلس؟ وقانون المرافعات هو أساس القوانين، ومنها ننطلق، ولكن للأسف لا يصلح لنا في الوقت الحاضر، إن لم يتم تعديله بشكل جذري. ما ملاحظاتك على قانون الجزاء الكويتي؟ - قانون الجزاء بحاجة إلى تعديلات بسيطة فقط، وإضافة بعض الضمانات للمتهمين، إضافة إلى تعديل بعض المواد الخاصة بالمتعاطين، لكنه في مجمله جيد. قانون الإيجارات ------------------ هل هناك مثالب أو عيوب في قانون الإيجارات؟ - في مجمله معقول جدا، والملاحظات بسيطة، ولكن المشكلة أن المستأجر لا تعجبه بعض المواد، والمؤجر لا تروق له بعض المواد، ومن المستحيل أن نصل لحل يرضي الخصوم، فكل يرى بعين مصلحته فقط، ولا يرى بعين الإنصاف والحق. ما رأيك في اتحاد مكاتب المحامين؟ - أتحفظ عن الإجابة. وهل لهذا تأثير سلبي على جمعية المحامين؟ - أخي الفاضل، في الحقيقة لا أعرف ما دور جمعية المحامين، ولا دور اتحاد المحامين، وكفانا تنظيرا وكلاما معسولا، والحقيقة عكس ذلك، بشهادة الجميع، لأن القانون لا يخدمهم. الإبعاد الإداري ---------------- ماذا ترى في الإبعاد الإداري؟ - أراه صحيحا، وإن كانت هناك عيوب بسيطة، ولكن للدولة سلطة في إبعاد من تشاء للصالح العام، وعدد المظلومين في الإبعاد لا يذكر، مقارنة بالمصلحة العامة. ما الدرس الذي تعلمته من مهنة المحاماة؟ - الصبر وعدم الطعن في الآخرين، إلا بعد التأكد وسماع أقوال جميع الأطراف، والتروي وإنهاء الأمور بالصلح. هل صحيح أن القانون لا يحمي المغفلين؟ - غير صحيح، ولكن العبارة الصحيحة «أن القانون لا يحمي المغفل»، الذي لا يعرف كيف يحتفظ بالطريق المؤدي للحق. ثغرات القانون -------------- نسمع عن ثغرات بالقانون، هل هذا صحيح؟ - صحيح، ولكن تلك الأمور من أسرار المهنة، فلكل محام ثغراته التي يحتفظ بها. هل هناك قضايا ترفض الترافع فيها؟ ولماذا؟ - نعم، قضايا هتك العرض في ما بين الأقارب والأسر. ما مفهوم العدالة من وجهة نظرك؟ - مفهوم العدالة، أن تلجأ للقضاء، فتنتصر إن كنت مظلوما، وتعاقب إن كنت ظالما في مدة معقولة، وبإجراءات ميسرة، وهذا رد على واقعنا المؤسف.