نشرت صحيفة "سبق" على موقعها تحقيقا للكاتبتين دعاء بهاء الدين وريم سليمان جاء نصه: أثارت أحداث الشغب الأخيرة التي وقعت في "منفوحة الرياض"، وتبعها ما حدث في "عزيزية جدة"، حالةً من الذعر والهلع في نفوس الكثير من المواطنين والمقيمين؛ ما جعل الكثير يفضل البقاء في منزله خوفاً من تصاعد الأمور. حالة الخوف التي بدت في تغريدات ومشاركات الكثير من المواطنين عبر "الفيسبوك" و"تويتر"، جعلتنا في "سبق" نتساءل: هل ما حدث يعد أمراً عابراً، أم جرس إنذارٍ لتراكمات أدّت إلى استيطان فئاتٍ مخالفة أحياءً حوَّلتها إلى وكرٍ لجرائم أخلاقية ومخدرات وسرقة؟ وطن لا نحميه لا نستحق العيش فيه عبّر المواطن "ريان بريمان" عن استيائه لما حدث، مبيناً أن منفوحة من الأحياء السعودية القديمة التي استوطنها الإثيوبيون منذ زمن، وها هم اليوم يعيثون فيها فساداً، ملقياً اللوم بالدرجة الأولى على أصحاب الشركات والمقاولين السعوديين الذين قاموا بجلب وتشغيل مثل هذه العمالة المخالفة، التي يجب تنظيف البلد منها، ولا بد للحملة أن تستمر بشكلٍ مكثّف وقوي. فيما يروي أحد المقيمين، ل "سبق"، قصته مع "منفوحة الرياض"، قائلاً: رغم رخص ثمن إيجارات المنازل في الحي إلا أن سلامة أسرتي أولاً، فتركت الحي نتيجة حالة الخوف والهلع التي كنت أشاهدها على وجه أطفالي وأسرتي من تصرفات تلك الفئة التي كانت تسيطر بشكلٍ مُطلق على الحي (من بابه لمحرابه). إحدى السيدات المقيمات في مدينة جدة وتسكن بالقرب من العزيزية، قرّرت عدم الذهاب الى أحد المجمعات التجارية الكبيرة، كونه أصبح محتلاً من النساء الأفارقة بشكلٍ يُقلق، ولم يتمكّن الأمن من تفرقتهن، لذا قرّرت عدم الذهاب رغم قربه من منزلها خوفاً من تصرفاتٍ غير محسوبة قد تصدر من تلك الفئات. في حين بدأ المواطن عبد الله حديثه قائلاً: إن أكرمت اللئيم تمرّد، مطالبا الأمن بترحيل مثل هذه الفئات التي أشعرتهم بالخوف والذعر، وتابع: أسرتي تعيش حالة من الرعب على الرغم من سيطرة الأمن على الأحداث، إلا أننا مازلنا نخاف على أنفسنا من الاحتكاك بهم. جيوب ثقافية أكد أستاذ علم اجتماع الجريمة الدكتور إبراهيم الزبن، أن أغلب العمالة الإثيوبية في السعودية يعملون من غير إقامة ومخالفون لجميع الأنظمة السعودية، لافتاً إلى الفوضى التي أثارتها العمالة الإثيوبية في "منفوحة"، وقال: هناك ارتفاعٌ كبيرٌ في نسبة العنف والجريمة في إثيوبيا؛ ما جعلهم يمارسون الانحراف والجرائم الأخلاقية والمخدرات والسرقة، شارحاً، ل "سبق"، خطورة وجود جيوبٍ ثقافية في المجتمع، وهم جنسية معينة تتركز في مكان معين، ويمارسون فيه أنشطتهم المختلفة وينعزلون عن المجتمع بعيداً عن الرقابة، ما ينتج عنه فوضى داخل فئات المجتمع، ولذا على النظام الأمني ردع كل من يفكر في إثارة الشغب حتى يتراجع. وبسؤاله عن الأماكن التي استوطنها هذا النوع من العمالة المخالفة، أجاب: مثل هذا النوع المخالف يستوطن الأراضي الفارغة التي هجرها سكانها؛ ما جعلها مناطق جذب للمنحرفين من العمالة الإثيوبية الوافدة التي تمارس أنشطتها الإجرامية في الأحياء المهجورة من السكان، حتى تصبح أوكاراً لتخزين الخمر وتزييف النقود، وأصبحت فرصة للاختباء من الأجهزة الأمنية. وحذّر من العمالة السائبة التي زادت نسبتها بشكل كبير في الآونة الأخيرة، إما عن طريق التهريب أو متخلفي الحج والعمرة، معرباً عن أسفه من إعطاء بعض المواطنين الفرصة لهؤلاء للعمل داخل مؤسسات وشركات كبيرة على الرغم من أنهم غير نظاميين. وأنحى "الزبن" باللائمة على مكاتب الاستقدام التي تستقدم هذه العمالة لانخفاض سعرها وتدني مستواها الثقافي والاجتماعي، حيث باتت تغض الطرف عن خطورة هذه الفئة على المجتمع، مؤكداً أن الأحداث الأخيرة تعد جرس إنذارٍ للتنبيه على خطورة هذه الفئات. معاقبة مَن تجاوز النظام بالنظام وحول الحلول للخروج من هذه الأزمة، قال "الزبن": لا بد من مراجعة آليات الاستقدام وعدم إعطاء المكاتب كامل الحرية في الاختيار، مع ضرورة مراقبة المكاتب عند تعاقدها مع العمالة بحيث تختار العمالة السليمة، وإذا تكرّر الخطأ من مكاتب الاستقدام، بمعنى أنها استقدمت فئةً مجرمةً، فيجب محاسبتها على أخطائها. ونصح بالتخلُّص من العمالة المخالفة عن طريق مخططين أحدهما قصير المدى والآخر طويل المدى، ففي البداية علينا القيام بمحور رقابي ووقائي وعلاجي، بحيث نراقب مكاتب الاستقدام ونؤكّد على عدم الاستقدام من دول تعاني مشكلات، مع استمرار الحملات بطريقة هادئة حتى لا تحدث أزمة، ومن ثم نقوم بالبحث عن سبب لجوء المجتمع إلى هذه العمالة ودراستها، وإيجاد البدائل لها، منوّها على أهمية وجود مصارحة مع الجهات الحكومية في كيفية التعامل مع العمالة الوافدة.. مقترحاً في نهاية حديثه باللجوء إلى العمالة العربية كبديلٍ ناجحٍ وقريبٍ ثقافياً ودينياً من المجتمع السعودي، فآثار التوتر والقلق الناتج من بعض الفئات المخالفة على سلوك المواطن، تنعكس سلباً عليه، فيتعامل بالمثل وقد يلجأ للعنف، ما يجعله مهيئاً لارتكاب الجريمة، وقد يحمل سلاحاً للدفاع عن نفسه، لافتاً إلى تغريدات الكثير في "تويتر" والتحذير من الخروج من المنزل إلا بالسلاح، وهذا يعد مؤشراً خطيراً. التعامل بحزم مع مُثيري الشغب ولفت رئيس اللجنة السياسية في مجلس الشورى الدكتور صدقة فاضل، إلى تاريخ جرائم العمالة الإثيوبية المخالفة في المملكة كترويج المخدرات والدعارة والقتل، مؤكداً أنهم يشكلون خطراً على المجتمع، وشدّد على ترحيل مَن ارتكب جرائم عنف بالمملكة سواء كانوا نساءً أو رجالاً، ورأى ضرورة تقليص العمالة الإثيوبية، مقترحاً توقف استقدامها حتى نضمن عدم ارتكابها مخالفات أو جرائم مرة أخرى، وأكّد على التمسك بالعاملين المخلصين منهم وعدم ترحيلهم، وطرح في ختام حديثه العمالة الفلبينية بديلاً ناجحاً للإثيوبية. المواطن هو الشرطي الأول من جهة أخرى، شدّد الخبير الأمني الدكتور أنور عشقي، على دور مواطني المملكة وقاطنيها في التبليغ عن هؤلاء المخالفين، وعدم الاحتكاك بهم، مشيراً إلى تعامل الأجهزة الأمنية معهم بمحاكمتهم وترحيلهم إلى بلادهم، واقترح حصول العامل الوافد على شهادة حسن سير وسلوك، واطلاعه على كتيبات بسيطة تتضمن تعليمات لاحترام نظم المملكة قبل استقدامه، وإجراء دراسات مسحية للبلدان التي تفد منها العمالة لمعرفة الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها، مبيناً أن هذه الأزمة نبّهت الجهات المسؤولة إلى ضرورة وجود تحليل وإحصاء للعمالة الوافدة، وأيهما تثير المشكلات، وطالب التعامل مع العمالة المجرمة بحزمٍ، فلا يتم الاستقدام منهم بعد ذلك، ولا تجديد الاقامات المنتهية، وعلى السفارة الإثيوبية تحمُّل عقبات مخالفتهم وجرائمهم، ولا بد أن يبرم عقد بين وزارة الخارجية والسفارة الإثيوبية يلزم العمالة باحترام نظام المملكة، فتكرار جرائم العمالة الإثيوبية يهدد أمن المواطن، مشدّداً على الاستغناء عنهم نهائياً. ** يذكر أن هناك عشرات الآلاف من الإثيوبيين والصوماليين يهاجرون سنوياً من بلادهم هرباً من الفقر، حيث هاجر العام الماضي 200 ألف حسب وزارة الشؤون الاجتماعية، إذ يحاول عديد منهم التوجّه إلى اليمن ثم إلى الحدود السعودية شمالاً. - أكّد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية دينا مفتي، أن بلاده ستعيد مَن لم يستطيعوا تلبية المعايير التي وضعتها الحكومة السعودية للعمالة، ولم يعلن نهائياً عن عدد أو نسبة تلك العمالة المخالفة.