قالت صحيفة "فايننشال تايمز" الاثنين إن تعيين الأمير بندر بن سلطان رئيساً للاستخبارات السعودية يعكس سعي الرياض للعب دور أكثر حزماً في تحديد نتائج الثورات العربية واحتواء إيران. وقالت الصحيفة إن الأمير بندر "63 عاماً" ظل بعيداً عن الأضواء في السعودية منذ استدعائه عام 2005 من الولاياتالمتحدة حيث عمل سفيراً لمدة 22 عاماً، واشتهر بعملياته عبر القنوات الخلفية والدبلوماسية المكوكية، ويوحي تعيينه المفاجئ الخميس الماضي بأن الرياض تخطط لاعتماد سياسة خارجية أكثر "هجومية" في المنطقة، كما يرى المحللون. وأضافت أن تعامل السعودية مع الانتفاضات العربية تراوح بين المراقبة السلبية والتدخل النشط، سواء لدعم بعض الأنظمة كما هو الحال في البحرين أو تسريع التحولات السياسية كما حدث في اليمن، لكن سقوط حلفائها في تونس ومصر أثار قلقاً بالغاً بين كبار أفراد العائلة الحاكمة والذين رأوا أن يأخذوا زمام الأمور بأيديهم في ضوء سلوك لا يمكن التنبؤ به من الدول الغربية منذ العام الماضي، رغم أن بلادهم هي حليف اقتصادي وأمني رئيسي للغرب. وأشارت الصحيفة إلى الأمير بندر معروف بأنه "يكن عداءً خاصاً للرئيس السوري بشار الأسد.. وتم الإعلان عن تعيينه رئيساً للاستخبارات السعودية بعد يوم على وقوع الانفجار في دمشق الذي أودى بحياة عدد من كبار مسؤولي الأمن السوريين". ويعكس التعيين حسب مراقبين إلى رغبة الرياض التي تتزعم العالم السني بلعب دور اكثر نشاطا وتأثيرا على سير الاحداث في سوريا حيث تستأثر النخبة العلوية بالحكم وتتحكم بمقاليد الجيش والفرق الخاصة التي تأتمر بأوامرها. ويتخذ التعيين دلالة اوسع لأنه يتزامن مع الحملة الوطنية السعودية لنصرة الشعب السوري التي اطلقها الملك عبد الله بن عبد العزيز بإشراف وزير الداخلية الأمير أحمد بن عبد العزيز، وتستمر حتى الساعة الثالثة من فجر اليوم الثلاثاء. وكان الملك عبدالله بن عبد العزيز أمر مؤخرا بتسيير قافلة الحرمين لإغاثة السوريين النازحين في الأردن، كما طالبت السعودية المجتمع الدولي بمضاعفة جهوده لحماية الشعب السوري. وينطلق الحراك السعودي على خط الأزمة السورية من فكرة أنها لا يمكن ان تقف مكتوفة الأيدي فيما تركع الاغلبية السنية لبطش النظام البعثي في سوريا كما لا يمكنها ان تقف على الحياد بموازاة الدعم المعلن من قبل ايران وتنظيم حزب الله الشيعي لنظام بشار الأسد. ونقلت التايمز عن محلل غربي وصفته بالمطلع "إنها لحظة حاسمة بالنسبة للسعوديين والسنة الراغبين في انتزاع ما في وسعهم وإبعاد إيران". كما تدرك السعودية الدولة ذات الثقل الأكبر في مجلس التعاون الخليجي ان امن دول هذه المنظمة لا يقف عند عزل ايران وتفكيك الأحلاف من حولها في المنطقة وإنما أيضا اللعب ما امكن على الاوراق المتوفرة حاليا داخل الازمة السورية التي توفر في الوقت الحاضر فرصا قد لا تتكر مستقبلا. وقالت التايمز "إن المراقبين يعتقدون ان تجربة الأمير بندر وعلاقاته الوثيقة مع الأميركيين قد تساعد على تنشيط أجهزة الاستخبارات". ودون التورط في المستنقع السوري، تحتاج المملكة السعودية إلى جرأة المبادرة إذا ما كانت تريد فعلا كسب حربها غير المعلنة ضد منافستها الأولى في المنطقة ايران وتحجيم طموحاتها.