راجت قبل أيام في مدن سعودية مختلفة مطاردات مجاميع شبابية لما يعتقدون أنه «جن» يسكن في المباني المهجورة، واتخذ الشباب من صفحات التواصل الاجتماعي طريقا للتجمع ومن ثم التحرك. وحمّل الدكتور خالد الرديعان أستاذ علم الاجتماع المشارك بجامعة الملك سعود بعض الدعاة المسؤولية في اقتحام عدد من الشباب للمباني المهجورة. وأدان الرديعان مسلك بعض الدعاة معتبرا أنهم يحولون المرضى النفسيين إلى حالات التلبس بالجن، في الوقت الذي يكون فيه الشخص مريض بالبرانويا أو حالة اكتئاب. واعتبر التقنية الحديثة تكرس لتعلم «الخزعبلات»، وقال إنها أصبحت وسيلة تتشكل عبرها مجموعات من الأشخاص في الكثير من المدن تروج للخرافة من خلال شبكات التواصل الاجتماعي دون وجود رقيب عليها، في عمليات تعكس أحد جوانب الهوس المفرط لدى الكثيرين. وقال الرديعان في تصريحات أوردتها الشرق الأوس اللندنية: إن أكثر السعوديين مسكونون بالخرافة، وهي آفة لا تستطيع مستشفيات العصر ولا علم النفس التحليلي والإكلينيكي ولا مصحات الأمراض العقلية شفاءهم منها. وعد الرديعان تصرفات الشباب الذين يقومون باقتحام المستشفيات والمباني المهجورة هي نتاج «ثقافة معتلة مهووسة بالغيبيات التي أصبحنا نتعلق بها من تفسير الأحلام وعمل الرقى إلى السحر والشعوذة مرورا بالجن والزار وكل ما لا يقبله العقل السوي». وبيّن أستاذ قسم الدراسات الاجتماعية بجامعة الملك سعود أن الأدوات العصرية أصبحت مريضة، وأن سلوك الشباب يعكس في جانب آخر منه الهوس بكل جديد، شريطة أن يكون غرائبيا. وكان الفضول لدخول مستشفى «عرقة» المهجور في الرياض منذ أكثر من عقدين للبحث عن الجن قد أثار الكثير من الشباب في عدد من المدن السعودية، وتداول شباب شمال المملكة الفكرة ودخلوا منازل ومنشآت حكومية مهجورة، وتلاهم شباب من المنطقة الشرقية والقصيم. وتفيد معلومات بأن توقف مستشفى «عرقة» عن العمل، الذي بلغت قيمته نصف مليار ريال، يعود إلى خلاف بين ورثة رجل أعمال قدم الأرض منحة لوزارة الصحة قبل وفاته، إلا أن الورثة طالبوا بتحصيل قيمة المباني وأرض المستشفى. وأشارت مصادر إلى أن وزارة الصحة تسلمت مستشفى «عرقة» العام في ذلك الوقت مجهزا بجميع الأجهزة والمعدات الطبية الحديثة، ما يؤكد استعداده للافتتاح وبدء العمل به. وقد بدأ العمل بالفعل في المستشفى حيث زاولت الطواقم الطبية مهامها لبضعة أيام، ثم غادرت الموقع لأسباب غير واضحة. ومنذ تلك الفترة تركت وزارة الصحة المستشفى وهجرته حتى أصبح ملاذا للعابثين والمخربين ومرتكبي الأعمال الإجرامية.