أعلن زعماء مدنيون في محافظة برقة في شرق ليبيا والتي تضم أغلب نفط البلاد إنشاء مجلس لادارة شؤون المحافظة في تحرك قد يؤدي الى مواجهة مع القيادة المؤقتة في طرابلس. وعين نحو ثلاثة آلاف مندوب شاركوا في مؤتمر في مدينة بنغازي في شرق ليبيا أحمد السنوسي وهو قريب لملك ليبيا السابق وسجين سياسي خلال عهد معمر القذافي رئيسا للمجلس الجديد. ويرجع الاعلان الذي صدر يوم الثلاثاء الى الاستياء الذي يشيع بين سكان شرق ليبيا منذ فترة طويلة مما يعتبرونه إهمالا من جانب حكام البلاد في طرابلس التي تبعد أكثر من الف كيلومتر الى الغرب. ومن شأن اتخاذ خطوات نحو منح برقة مزيدا من الحكم الذاتي أن يقلق شركات النفط العالمية العاملة في ليبيا لانه يثير احتمال اضطرار تلك الشركات لاعادة التفاوض بشأن عقودها مع كيان جديد. ولا يتمتع الاعلان الصادر في بنغازي مهد الانتفاضة التي اطاحت بالقذافي العام الماضي بقوة قانونية. ولم يوضح ما اذا كان المجلس الجديد سيعمل في إطار مؤسسات المجلس الوطني الانتقالي أم سيكون منافسا له. وردا على سؤال لتوضيح تلك النقطة قال محمد بويصير أحد منظمي مؤتمر يوم الثلاثاء لرويترز انه كان على اتصال مع المسؤولين في طرابلس وطلب منهم أن يأتوا ويتفاوضوا مضيفا أن ذلك ينبغي أن يتم من خلال المفاوضات. لكنه اضاف انهم لن يعطوا احدا شيكا على بياض. وقال احد العاملين رد على الهاتف في شركة الخليج العربي للنفط (اجوكو) كبرى شركات النفط الحكومية الليبية ومقرها بنغازي ان عمالها البالغ عددهم ثلاثة الاف يتشاورون بشأن ما اذا كانوا سيؤيدون اعلان الحكم الذاتي. وقال موظف اجوكو "بعضهم يؤيد وبعضهم يرفض لكن ليس هناك موقف رسمي بعد." ويزيد اعلان الحكم الذاتي التحديات التي يواجهها المجلس الوطني الانتقالي الذي يكافح لفرض سلطته على البلاد. وتدير البلدات والميليشيات شؤونها بنفسها دون الرجوع بدرجة تذكر للحكومة في طرابلس. وقال مكتب رئيس المجلس مصطفى عبد الجليل انه سيصدر بيانا في وقت لاحق يوم الثلاثاء سيتناول فيه على الارجح هذه القضية. وقالت القيادة في طرابلس يوم الاثنين انها تعارض إعطاء حكم ذاتي لبرقة وهي اقليم يمتد غربا من الحدود المصرية الى بلدة سرت عند منتصف ساحل ليبيا على البحر المتوسط. وجاء في الاعلان المكون من ثماني نقاط ان مجلس محافظة برقة انشئ ليدير شؤون المحافظة وحماية حقوق شعبها. واضاف انه مع ذلك يقبل المجلس الوطني الانتقالي على انه رمز لوحدة البلاد وممثلها الشرعي في الاوساط الدولية. وذكر الاعلان ان المحافظة تريد نظاما فيدراليا تتمتع فيه الاقاليم التاريخية برقة وفزان في الجنوب وطرابلس في الغرب بقدر كبير من الاستقلال عن الحكومة في طرابلس. ويرفض أيضا آلية انتخاب جمعية وطنية في يونيو حزيران قائلا انه يريد تمثيلا أكبر لبرقة. ويسعى مؤيدو حصول برقة على حكم ذاتي الى اعادة انشاء نظام كان مطبقا خلال أوائل حكم الملك ادريس اول حاكم لليبيا بعد الاستقلال والذي اطاح به القذافي في انقلاب عسكري عام 1969. وكانت ليبيا تُدار خلال هذه الفترة على اساس فيدرالي. ويشكو سكان شرق ليبيا من تهميشهم خلال حكم القذافي الذي امتد لنحو 42 عاما ولم يحصلوا على نصيب عادل من ثروة البلاد من الطاقة. واصبحت هذه الشكاوى أبرز منذ الاطاحة بالقذافي في انتفاضة العام الماضي. وقال سليمان خليفة وهو مسؤول في حزب التيار الوطني الديمقراطي ان هذه الخطوة أقدمت عليها أُسر كانت تتمتع بمكانة بارزة في السابق وتعتقد انها اذا فعلت ذلك فيمكنها العودة الى الماضي. والسنوسي رئيس مجلس برقة هو حفيد الملك ادريس. وسجن القذافي السنوسي بعدما حاول تنظيم انقلاب في أوائل السبعينات. وظل في السجن الى ان صدر عفو عنه في 2001. ووضع البرلمان الاوروبي العام الماضي السنوسي وهو حاليا عضو بالمجلس الوطني الانتقالي ضمن الفائزين بجائزة سخاروف لحرية الفكر الذي يمنحها سنويا.