هددت إيران بريطانيا باتخاذ تدابير مماثلة ردا على إقفال سفارتها في العاصمة البريطانية وطرد دبلوماسييها، بينما أثار اقتحام محتجين إيرانيين للسفارة البريطانية في طهران الثلاثاء موجة استنكار دولية، في وقت تحدثت فيه واشنطن عن عزلة متنامية لإيران بعد هذا الحادث. وانتقد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية رامين مهنبراست في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام الرسمية قرار الحكومة البريطانية الطلب إلى الدبلوماسيين الأيرانيين بالمغادرة، ووصف هذه الخطوة بأنها متسرعة. وقال مهنبراست إن الحكومة الإيرانية ستتخذ بكل وضوح إجراءات مماثلة، وتعتبر أن حماية الممتلكات والأملاك الدبلوماسية في لندن من مسؤولية الحكومة البريطانية. وأوضح أن ما حصل في السفارة البريطانية بطهران لم يكن متوقعا وحصل بسبب غضب بعض المتظاهرين من الموقف البريطاني حيال إيران، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن أي دبلوماسي لم يتعرض لأذى، وأن المهاجمين سيحالون إلى القضاء الإيراني للمساءلة. وفي وقت سابق، هدد رئيس لجنة الشؤون الخارجية والأمن القومي بمجلس الشورى (البرلمان) علاء الدين بوروجردي لندن وحذرها من أنها مسؤولة عن كل تداعيات أعمالها. وقال بوروجردي لقناة العالم الفضائية إن البرلمان الإيراني خفض العلاقات الدبلوماسية مع بريطانيا، وأكد أن الإيرانيين مسرورون لمغادرة الدبلوماسيين البريطانيين البلاد، وأوصى الدول الأوروبية الأخرى بعدم اتباع المثال البريطاني الأميركي. هيغ: مقتحمو السفارة ما كانوا ليتحركوا لولا موافقة من النظام الإيراني (رويترز-أرشيف) الرد البريطاني وكانت بريطانيا قد أغلقت أمس سفارتها في طهران وأمرت بإغلاق السفارة الإيرانية في لندن وأمهلت طاقمها 48 ساعة لمغادرة البلاد، ردا على اقتحام محتجين إيرانيين لسفارتها الثلاثاء. وأعلن وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ أمس أمام النواب "أغلقنا الآن سفارتنا في طهران"، مؤكدا أن المتظاهرين الذين نهبوا السفارة ما كانوا ليتحركوا لولا موافقة من النظام الإيراني. وقال هيغ إن إقفال السفارتين "إجراء يقلص علاقتنا مع إيران إلى أدنى مستوى مع الإبقاء على العلاقات الدبلوماسية". وأشار إلى أن دول الاتحاد الأوروبي استدعت سفراء إيران لديها لتوجيه احتجاجات شديدة بشأن الواقعة، لكن بريطانيا لم تصل إلى حد قطع علاقتها مع إيران بشكل كامل. وأدان رئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون فشل الحكومة الإيرانية في حماية السفارة البريطانية. عزلة متنامية وتعليقا على هذه التطورات اعتبرت الولاياتالمتحدة أن إيران تواجه عزلة متنامية بعد حادث السفارة، واستدعاء عدد من السفراء الأوروبيين في العاصمة الإيرانية للتشاور. وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية مارك تونر إن هذه التدابير تظهر أن سلوك إيران يؤدي إلى تنامي عزلتها في العالم. وقالت مصادر دبلوماسية إن وزراء الخارجية الأوروبيين قد يعمدون إلى تبني عقوبات إضافية على إيران عبر إدراج 143 شركة ومنظمة إيرانية جديدة على قائمة تجميد الأرصدة. وأكد تونر أن الإدارة الأميركية لا تزال تعمل على احتمال فرض عقوبات جديدة حتى لو كان "باب الحوار لا يزال مفتوحا" مع إيران. إدانة دولية وكان مجلس الأمن قد ندد في بيان له "بأشد العبارات" بالهجوم، مذكرا "بمبدأ عدم التعدي على المقرات الدبلوماسية والقنصلية، وواجب الحكومات المضيفة في اتخاذ كل الإجراءات الملائمة لحمايتها". وبدوره أدان البيت الأبيض بشدة اقتحام السفارة البريطانية، حاثا إيران على منع حدوث مزيد من الهجمات على المواقع الدبلوماسية في البلاد. من جانبه أدان الاتحاد الأوروبي الهجوم، ودعا إيران إلى حماية الدبلوماسيين على أراضيها. وأعربت المسؤولة عن السياسة الخارجية للاتحاد كاثرين آشتون في بيان عن القلق الشديد إزاء اقتحام السفارة البريطانية، مدينة ذلك بشدة، ووصفته "بالعمل غير المقبول على الإطلاق". وفي ذات السياق أدان وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه حادث الاقتحام، وقال في بيان "مرة أخرى، قدم النظام الإيراني دليلا على الاهتمام المحدود الذي يبديه للقانون الدولي". وكانت مجموعة من الطلاب الإيرانيين قد اقتحمت السفارة البريطانية في طهران الثلاثاء، وأحرقوا العلم البريطاني ورفعوا العلم الإيراني على البوابة. كما دخلت مجموعة أخرى من الطلاب المجمع السكني للدبلوماسيين البريطانيين وطاقم العمل بالسفارة في شمال طهران. وطالب المتظاهرون بإغلاق السفارة البريطانية ردا على العقوبات الجديدة التي اعتمدتها بريطانيا الأسبوع الماضي بالتنسيق مع الولاياتالمتحدة وكندا، لدفع إيران إلى التخلي عن برنامجها النووي المثير للجدل. وتعتبر الحادثة أسوأ أزمة بين بريطانيا وإيران منذ استئنافهما العلاقات الدبلوماسية عام 1990 بعد 10 سنوات من إصدار آية الله الخميني فتوى بقتل المؤلف سلمان رشدي بسبب كتابه "آيات شيطانية".