تصاعد الحديث عن ملف الموقوفين أمنياً بالسجون السعودية دون محاكمات، خاصة بعد الاعتقال الأخير للناشط الإسلامي د. يوسف الأحمد قبل أيام، ونفي وزارة الداخلية وجود أي موقوف باسم فهد السعيد، الذي تردد اسمه في رسالة على الإنترنت تزعم أنه معتقل منذ تسع سنوات. وقال أحد المقربين من الأحمد في اتصال مع الجزيرة نت إن الأكاديمي السعودي يوسف الأحمد اعتقل بعد بثه مقاطع على الموقع العالمي يوتيوب يطالب فيها الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز بإنهاء الاحتجاز الطويل للموقوفين أمنياً دون توجيه اتهامات إليهم أو محاكمتهم، وللنساء اللاتي احتججن سلمياً على الاحتجاز الطويل لأقاربهن أمام وزارة الداخلية في الثاني من يوليو/تموز الماضي، بالإضافة إلى تقديمه "خطاب شفاعة لملك البلاد لإطلاق سراح 1200 موقوف". ويأتي تصعيد الملف أيضا بعد نفي المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء منصور التركي وجود أي موقوف لدى الجهات الأمنية باسم فهد السعيد، وذلك عقب تداول نشطاء على الإنترنت "رسالة مؤثرة" ذيلت باسم أم فهد، تحدثت فيها عن معاناتها بسبب اعتقال ابنها منذ تسع سنوات دون محاكمة، في حين طالبت الداخلية -في بيان بثته وكالة الأنباء السعودية (واس)- المواطنين بإرسال أي معلومات تمهد للتعرف على صاحبة الرسالة. ونقلت شبكة 703 -وهي وسيلة إخبارية يصفها البعض بالمحافظة- عن مراقبين شرعيين قولهم إن على الوزارة أن تدرك أن هناك آلاف الحالات المشابهة التي لا تخفى والتي لو أتيح لها المجال لكتبت ما كتبته أم فهد. " سجون السعودية من أفضل السجون على مستوى العالم من حيث إكرام السجين وأهله وعدم انتهاك حقوقهم، مع وجود الأخطاء التي يمكن أن تحدث في أي مكان " أنور عشقي جدل حقوقي وقال عدد من المحامين السعوديين للجزيرة نت إن هناك عشرات الآلاف من الموقوفين الذين لم يتم تقديمهم للمحاكم الشرعية، معللين ذلك "بعدم تمكن الجهات الأمنية من السيطرة على مجريات التحقيق مع الموقوفين كلما اتسعت دائرتها وأضيفت في سياقها أسماء جديدة"، مؤكدين أن ذلك يعد مخالفة صريحة لنظام الإجراءات الجزائية وخاصة في المادة 114 من الفصل الثامن الخاص بالتوقيف. وتشير المادة إلى أن التوقيف ينتهي بمضي خمسة أيام، وإذا رأى المحقق تمديد المدة فعليه أن يعرض الأوراق على رئيس فرع هيئة التحقيق والادعاء العام بالمنطقة قبل انقضاء المدة، على أن لا تزيد على أربعين يوما من تاريخ القبض عليه، أو الإفراج عنه. وفي الحالات التي يتطلب التوقيف مدة أطول يرفع الأمر إلى رئيس هيئة التحقيق والادعاء العام بطلب مدة أو مدد متعاقبة لا تزيد أي منها عن ثلاثين يوماً، ولا يزيد مجموعها على ستة أشهر من تاريخ القبض على المتهم، ويتعين بعدها مباشرة إحالته إلى المحكمة المختصة، أو الإفراج عنه. ومن جانبه، دافع رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية اللواء المتقاعد د. أنور عشقي عن التهم الموجهة للمملكة، وانتقد في اتصال هاتفي مع الجزيرة نت "تضخيم أطراف داخلية وخارجية أمر الموقوفين"، وقال إن سجون السعودية هي "من أفضل السجون على مستوى العالم من حيث إكرام السجين وأهله وعدم انتهاك حقوقهم، مع الأخطاء التي يمكن أن تحدث في أي مكان". " انتهت هيومن رايتس ووتش في تقريرين صدرا عن السعودية عامي 2008 و2009 إلى أن هناك كثيرين ما زالوا رهن الاحتجاز منذ سنوات دون توجيه اتهامات إليهم أو محاكمتهم " اتهام بالكذب ووصف عشقي التقارير الدولية التي تتحدث عن التوقيف التعسفي بالسعودية بأنها "غير دقيقة وتقدم طعماً من الكذب لتصطاد سمكة من الحقيقة"، وأضاف أن لدى الجهات الأمنية مبررات في عدم إعطاء أرقام واضحة للموقوفين خاصة المشتبه فيهم أمنياً لأنهم قد يكونون في طور "المناصحة أو التحصين". وفي المقابل، نشطت المطالب الشرعية لعدد من العلماء غير الرسميين داعية إلى سرعة الإفراج عن الموقوفين، ووجدت في اعتقال الأحمد فرصة سانحة لها، فأضحت مواقع التواصل الاجتماعي ساحات لتصعيد الجدل حول هذا الملف الذي اعتبروه يمس بالأمن القومي السعودي. وفي الأثناء، أخذت قضية الموقوفين أمنياً منحى تصعيدياً دولياً بعد بيان أصدرته هيومن رايتس ووتش يوم 14 يوليو/تموز الحالي تدعو فيه للإفراج عن الأحمد، كما طالبت السلطات السعودية بالسماح للمراقبين الدوليين "بتفتيش السجون ومراقبة المحاكمات الخاصة بالمشتبه فيهم الأمنيين". وسبق أن أصدرت المنظمة الدولية المعنية بحقوق الإنسان تقريرين عن أوضاع التوقيف الأمني في المملكة، وجاء أولهما عام 2008 تحت عنوان "عدالة غير آمنة: الاحتجاز التعسفي والمحاكمات غير العادلة في ظل القصور الذي يعتري نظام العدالة الجنائية السعودي". وفي العام التالي، صدر التقرير الثاني بعنوان "حقوق الإنسان وسياسات مكافحة الإرهاب السعودية"، وانتهت المنظمة في كل منهما إلى أن هناك كثيرين ما زالوا رهن الاحتجاز منذ سنوات دون توجيه اتهامات إليهم أو محاكمتهم.