عادت قضية السماح للمرأة بقيادة السيارة في السعودية تطفو على السطح من جديد، لتفتح آفاقا جديدة من الصراع القديم المتجدد بين أنصار قيادة المرأة بزعامة التيار الليبرالي في مقابل رفض قاطع من التيار الإسلامي وآخرين. بطلة المشهد هذه المرة كانت الشابة منال الشريف التي كسرت حاجز التجاذب على صفحات الجرائد ومنتديات الإنترنت لتلقي بقنبلة صادمة للمعارضين عبر مقطع فيديو بث على موقع يوتيوب الشهير ظهرت فيه وهي تتجول بسيارتها في شوارع مدينة الخبر مع صديقاتها فيما يتجاذبن أطراف الحديث حول معاناة النساء جراء منعهن من إصدار رخص للقيادة والسماح لهن بقيادة سيارتهن بانفسهن. هذا المقطع كان كفيلا بأن يوقع صاحبته في أيدي رجال الشرطة لمخالفتها الأنظمة المعمول بها في المملكة لكن قانونيين وحقوقيين مناصرين لحق المرأة في القيادة شككوا في قانونية هذا الإجراء. وكانت الشريف عند ايقافها تقود السيارة وبرفقتها أخوها وزوجته وأطفالهم، وتم إحالتها إلى مرور الخبر؛ حيث ذكرت في التحقيق أنها تملك رخصة قيادة دولية، وأنها مارست حقها في قيادة السيارة، وأكدت مصادر "الوطن" أنه تم احتجاز سيارة السيدة، ووجهت إليها تهم بمخالفة النظام وقيادة السيارة دون وجود رخصة. عادت منال إلى بيتها في اليوم نفسه لكن بعد أن أشعلت شبكات التواصل الاجتماعي وقلوب المناوئين، فأصبحت مواقع الإنترنت مسرحا لمعارك الجدل والمخاوف والتهديدات الوعيد. نساء ضد القيادة وعلى نقيض الدعوى التي تزعمتها منال الشريف لقيادة سيارتها بهدف "شراء مستلزمات المنزل وكذلك الذهاب إلى المستشفى وإيصال الأولاد إلى المدرسة وللحالات الضرورية"، أعلن عددٌ من نساء المملكة العربية السعودية، رفضهن التام، للدعوة التي تنادي بقيادة المرأة للسيارة في المملكة، وأكّدن أن المرأة السعودية تبحث عن التعليم والتحصيل العلمي، وآخر ما تُفكر فيه هو قيادة السيارة. وفي تقرير لصحيفة "المدينة" حول آراء بعض النساء، فيما قامت به الشريف ، قالت تلك النسوة: لا نُريد قيادة السيارة؛ بل نريد التعليم. ونقلت الصحيفة عن الدكتورة نورة الغامدي قولها: ما هكذا تُؤخذ الأمور، ونصل إلى الحلول، فنحن سيدات ننعم بنعمة الأمان ونبحث عن الفكر والعلم والمعرفة، والوصول إلى الدرجات العليا من العلم، وقيادة المرأة للسيارة آخر تفكيرنا؛ لأنّ الهدف الذي نرغب في تحقيقه ليس قيادة السيارة. وأضافت الدكتورة الغامدي، أنّ قيادة المرأة للسيارة أمر لا نسعى له، فنحن نبحث عن زيادة المعرفة، وكيفية مشاركة الرجل في التطوير من جميع النواحي الثقافية والتجارية، والسعي إلى الوصول إلى الهدف المنشود. أما خلود العتيبي الحاصلة على الماجستير فقالت: نحن ضد فكرة قيادة المرأة للسيارة، وضد التجمع في المنتديات لأنها خارجة عن الأصول، وتعتبر فكرة قيادة عادية ولا تزيد من اهتمامنا، بل نحن نبحث عن مستقبل زاهر، من ناحية زيادة العلم والمعرفة والحصول على أعلى الشهادات. سكاكين النواعم في مواجهة العقال أطلق مناهضو قيادة المرأة للسيارة في السعودية صفحة على "الفيس بوك" تحت عنوان "حملة العقال"، هددوا فيها بالضرب بالعقال للنساء اللواتي يعتزمن قيادة سياراتهن بأنفسهن يوم 17 يونيو/حزيران المقبل.. جاء ذلك فيما أعلنت مجموعة من النساء وسيدات المجتمع السعودي أنهن لا يرغبن في قيادة السيارة، وأن المرأة السعودية تبحث عن التعليم والتحصيل العلمي، وآخر ما تفكر فيه هو قيادة السيارة، فيما واجهت السلطات السعودية في المنطقة الشرقية أزمة في طريقة التعامل مع حالة استيقاف لسيدة قادت سيارة أمام الواجهة البحرية في مدينة "الخُبر". ووضع مؤسس الصفحة عبارة تعريف عن الصفحة قال فيها: "الاهتمام هو عدم قيادة المرأة للسيارة بكل ما أوتينا من قوة وبقوة"، مستخدمًا صورة العقال، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن "العقال سيكون بانتظار أي شاب وفتاة مع قيادة المرأة للسيارة"، بحسب ما نقلته صحيفة الوطن السعودية الأحد 22 مايو/أيار 2011م. ويأتي حملة "العقال" ردًا على إعلان سيدات عن طريق صفحة في "فيس بوك" عن قرارهن قيادة سياراتهن بأنفسهن يوم 17 يونيو/حزيران المقبل، في مبادرة تحت عنوان "سأقود سيارتي بنفسي" وتجاوز عدد مشتركيها 11500 زائر. أما حملة "العقال"، فقد حملت أكثر من 2600 توقيع من مشتركين أبدوا رغبتهم في حمل العقال؛ لضرب كل من تسول لها نفسها قيادة السيارة، وحذر مؤسس الصفحة من تسلل الأفكار الغربية لعقول بنات المملكة، ومن كثرة حوادث المرور في شوارعها لو قادت المرأة. فيما ظهرت تعليقات من سيدات في مواقع الحملتين تهدد باستخدام الأسلحة البيضاء في حال أن تعرض لهن أحد وهن يقدن سياراتهن، بحسب صحيفة الوطن السعودية. وفيما اتسعت دائرة الحملة النسائية لقيادة السيارة لتشمل جميع مواقع التواصل الاجتماعي في "فيس بوك" و"تويتر" و"يوتيوب"، وصلت أصداء حملة "العقال" إلى عدد من المواقع أبرزها "يوتيوب" من خلال مقاطع تظهر سيدات يقدن السيارة، ويعلقن على حقهن الشرعي في القيادة ليرد عليهن رجال دين ودعاة يحذرن من هذا الأمر. فتاوى قديمة متجددة عاد الشيخ البراك أحد أبرز العلماء المعارضين لقيادة المرأة للسيارة لإصدار بيان جديد يجدد فيه رفضه القاطع مشيراً إلى أن هذه البلاد هي الآن أكثر بلدان العالم الإسلامي محافظة وإلا فإن المرأة تقود السيارة في جميع بلاد العالم مستدركاً بأن واقع الناس ليس برهاناً, فما قادت المرأة للسيارة في تلك البلدان إلا لأنها مهيئة ذلك فقد غربت وظهرت فيها تبعية للغرب بأفحش ما يكون كما هو الحال في لبنان والبحرين ودبي وغيرها. وأوضح الشيخ البراك أن العلماء أفتوا بتحريم قيادة المرأة للسيارة ليس لأن ركوب المرأة للسيارة تشغليها حرام, لكن قيادة المرأة بمعنى منحهن الرخص وإطلاق العنان للفتيات يقدن السيارات مع الرجال والشباب جنب إلى جنب باب من الشر واسع، مشيرا إلى أن المطالبات بالقيادة قد سبقن بأمثالهن من عشرات السنين قمن بهذه الحملة , لكن الله أحبط كيدهن, وأن منهن من ماتت ولم تفرح بما تريد, وأن منهم من سيمتن ولم يفرحن بذلك والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.