الاقتصادية - السعودية شهر رمضان شهر البر والإحسان، شهر الخير والبذل والعطاء بين المسلمين، حيث ترتفع فيه وتيرة التبرعات والصدقات وإخراج الزكوات وأعمال الخير بشكل عام. وتنتشر مظاهر الإحسان في مختلف دول العالم، وهي من المظاهر الجميلة والسامية والإيجابية في المجتمعات الإنسانية. وتحاول مؤسسات متنوعة في دول العالم توفير بيانات عن الأعمال الخيرية من ناحية الحجم، والتطورات المالية التاريخية، وأنماط المتبرعين، ودوافعهم، ومجالات الإحسان، وتطور أساليب أعمال الخير. وتتوافر تقديرات إجمالية عن أعمال الخير في عدد من الدول المتقدمة، ولكن لا تتوافر بيانات إجمالية أو تفصيلية عن أعمال وأنشطة الخير على مستوى المملكة. ويوجد على موقع وزارة الشؤون الاجتماعية بعض البيانات عن دعم الوزارة للجمعيات الخيرية الرسمية التي تحت إشراف الوزارة، ولكن لا تتوافر بيانات عن إجماليات أنشطة هذه الجمعيات، أو ميزانياتها، أو إجمالي إيراداتها، أو إجمالي مصروفاتها، وبنود المصروفات، ومصادر الإيرادات. وينشر عدد محدود من الجمعيات الخيرية ميزانياتها في مواقعها على الشبكة العالمية، ولكن معظمها ليست حديثة. إن هناك نقصا واضحا في المعلومات المالية الإجمالية والتفصيلية المنشورة حول الجمعيات الخيرية وأعمال الخير في المملكة. وأعتقد أن من حق المتبرعين والمانحين لهذه الجمعيات والمجتمع بشكل عام الحصول على معلومات مدققة ووافية وحديثة عن أنشطتها المالية. وعلى الجهات الرسمية والجمعيات الخيرية تبني وتفعيل مبدأ الشفافية المالية في أنشطة الجمعيات ونشرها على مواقع هذه الجمعيات، وذلك لأن هذا يصب أولا في مصلحة هذه الجمعيات، ويرفع ثقة الناس بها، ما سيساعد في توفير مزيد من الإيرادات لهذه الجمعيات. وسيدحض نشر بيانات الجمعيات المالية المدققة الافتراءات التي توجه لأنشطة الجمعيات الخيرية على المستوى المحلي والخارجي. وقد وردت مثلا بعض الاتهامات في بعض المقالات عن تشكيل التكاليف الإدارية للجمعيات الخيرية معظم مصروفاتها، بل ادعى البعض أنها تشكل 95 في المائة من إجمالي مصروفاتها، ولم يتم دعم هذا الادعاء بأي بيانات موثقة. وبعد الرجوع لبعض ميزانيات الجمعيات الخيرية المنشورة، تشير اثنتان من الميزانيات المنشورة إلى أن نسبة التكاليف الإدارية تقل عن 4 في المائة من إجمالي مصروفات الجمعيتين. وأعتقد أن باقي الجمعيات الخيرية في المملكة تسير على هذا النهج، فهي تدار من قبل أهل الثقة ومحبي الخير الذين يحاولون مساعدة المحتاجين طلبا للثواب من الله سبحانه وتعالى. ولكن هذا لا يعني غياب أخطاء في هذه الجمعيات، فالأخطاء موجودة وسيساعد نشر البيانات المالية في التعرف على احتياجات المجتمع وتركيز الجهود العامة والخاصة في تلبية هذه الاحتياجات. وتوجد في المملكة حاليا نحو 650 جمعية خيرية قدمت لها الدولة مساعدات تجاوزت 750 مليون ريال في عام 2012. وتتلقى هذه الجمعيات إيرادات أخرى من تبرعات الأفراد والمؤسسات وعوائد الاستثمارات، ولكن لا تتوافر إجماليات لمستوى هذه الإيرادات أو المصروفات على مستوى المملكة. ويبدو أن هذه المعلومات متوافرة لدى وزارة الشؤون الاجتماعية، التي لا أعتقد أنها ستقدم مساعدات لهذه الجمعيات دون الحصول على معلومات متكاملة عن ميزانياتها، ولهذا تتحمل الوزارة مسؤولية تصنيف البيانات المالية للجمعيات الخيرية، ونشر البيانات المالية التفصيلية والإجمالية لهذه الجميعات على موقعها في الشبكة العالمية. وتشكل أنشطة الأفراد الخيرية معظم أنشطة الأعمال الخيرية، ولكن لا توجد أي معلومات أو مسوحات عن أنشطة الأفراد الخيرية وتبرعاتهم، حيث يقوم الأفراد عادة في معظم دول العالم بمعظم التبرعات لأعمال الخير للمؤسسات الخيرية أو يقومون هم أنفسهم بأعمال الخير. ولهذا ترتفع أهمية قيام الجهات ذات العلاقة بجمع المعلومات أو دعم فكرة مركز للملعومات مختص بالعمل الخيري الذي يقوم به القطاع الخاص والأفراد، وذلك لتوفير البيانات المالية وصورة إجمالية عن العمل الخيري في المملكة. وإضافة إلى الأعمال الخيرية المحلية، تقوم المملكة أفرادا وحكومة ومؤسسات بأعمال جليلة في مجال العمل الخيري والإنساني الموجه للمنكوبين حول العالم. وسيساعد وجود مركز معلومات عن العمل الخيري في إبراز جهود المملكة الخيرية وتسليط الضوء على مجالات الخير. ويساعد تحمل الدولة في المملكة مسؤولية الرعاية والصرف على الحرمين الشريفين والأغلبية الساحقة من المساجد وكثير من أعمال الخير التي يقوم بها الأفراد والمؤسسات الخيرية في بعض الدول، في زيادة أعمال الخير الموجهة للمجالات الأخرى كالمجالات الإنسانية والاجتماعية والتعليمية والصحية. والشعب السعودي والمجتمع المسلم بشكل عام يتصف بالكرم وحب عمل الخير، ولكن لا تتوافر معلومات أو بيانات جيدة عن إجماليات أعمال الخير المحلية والموجهة للخارج. وتوفير المعلومات والبيانات عن أعمال الخير وأنماط ودوافع التبرع والمتبرعين أو فعل الخير مهم في تنظيم وتطوير العمل الخيري. كما أن هذه البيانات مهمة لتنسيق الجهود في التعامل مع عديد من القضايا كقضايا الفقر أو رعاية المحتاجين أو توزيع الدخل بين الشرائح السكانية أو مساعدة المحتاجين خارج المملكة. وسيساعد توافر البيانات في توجيه التبرعات للمجالات الأكثر أهمية والأماكن والشرائح السكانية الأكثر احتياجا، كما سيرفع من تنافس الخيرين في عمل الخير، سواء بين المناطق الجغرافية أو بين شرائح المجتمع.