المدينة - السعودية كنتُ قد تناولتُ العام المُنصرم اقتراحًا بتغيير أوقات الدوام الرسمي للعمل خلال شهر رمضان المبارك لتبدأ من الصباح الباكر، فهي من الناحية الصحية البدنية والمزاجية تتوافق مع الساعة الحيوية التي فطر الله الناس عليها، إذ يُساعد الالتزام بالدوام الصباحي المبكّر على ضبط دورة النوم والاستيقاظ بشكل سليم، عوضًا عن تركها عرضة للاختلال الحاد والتقلبات السريعة، والإصابة باضطرابات عضوية ونفسية وسلوكية كثيرة. وأعود لتناول الموضوع انطلاقًا من تخصصي الطبي ورؤيتي الاجتماعية، فكثيرون يُعانون خلال شهر رمضان المبارك من اضطرابات الساعة الحيوية وأعراض الحرمان من النوم، نتيجة عدم أخذ كفايتهم من ساعات النوم المطلوبة خلال الليل، وحتى خلال ساعات النهار، نظرًا لانشغالهم بأعمالهم وساعات دوامهم الذي يبدأ قريبًا من منتصف النهار، فيتعرضون بذلك لخطر الإصابة باضطرابات المزاج، واختلال هرمونات الجسم، وفرط النعاس أثناء النهار، وارتفاع ضغط الدم، وخطر الوقوع في حوادث مرورية، تنتج كلها عن تغيير نمط النوم بشكل مفاجئ لدى دخول شهر رمضان، وتعرّض نظام الساعة الحيوية ووظائف الجسم المختلفة لضغط شديد. أرى من غير المناسب تغيير أوقات الدوام الروتينية بشكل جذري خلال رمضان، فساعات الدوام المتّبعة تقليديًا في شهر رمضان المبارك ترتبط بسلوكيات نوم واستيقاظ غير صحية، تزيد من معاناة أشخاص يعانون أصلًا من اضطرابات نوم مزمنة أو أمراضًا عضوية كالسكّري، إضافة إلى اضطرابات الجهاز الهضمي، والمعاناة من الأرق السلوكي المزمن وانعكاس نمط النوم، وصعوبة التأقلم مع ساعات العمل الاعتيادية بعد انقضاء رمضان، فضلًا عن سوء التركيز وانخفاض الإنتاجية وزيادة الوزن المرتبطة بكل ذلك. لذا أكرر اقتراحي تغيير ساعات العمل خلال شهر رمضان لتبدأ - كمثال - من السابعة صباحًا وتنتهي الثانية عشرة ظهرًا، لترك مجالٍ للقيلولة وإتمام بعض المهام الاجتماعية قبل موعد الإفطار، ولتقليل مُدة التعرض لشمس الصيف الحارقة، وتشجيع الصائمين على استيفاء معظم ساعات نومهم المطلوبة خلال ساعات الليل توافقًا مع الفطرة السليمة، كما أقترح أيضًا عدم تأخير صلاة العشاء والتراويح بحيث تنتهي حوالى الساعة التاسعة والنصف مساء، لاستزادة من يريد من صلاة القيام وساعات مناسبة للنوم بالليل، ثم الاستيقاظ لتناول السحور قبل صلاة الفجر. [email protected]