ياسر بن عبدالله النفيسة* مال - السعودية السير في شوارع الرياض يستوجب دائما طرح سؤال واحد بشكل مباشر و متكرر الا وهو "متى الخلاص من هذا الزحام؟ !!!" وبين تلك الموجات من التذمر السائدة ,, اقرت امانة مدينة الرياض مشروع تطوير النقل العام ,,, الشامل على اتاحة الفرصة لوسائل تنقل اخرى ممثلة في ((المترو)) ,, وتطوير وسائل متاحة حاليا وهي نظام الحافلات والتاكسي داخل المدينة !! بالإضافة الى الخطة المقترحة من لجنة النقل بالغرفة التجارية بالرياض بتكوين شركة كبرى موحدة من شركات التاكسي بحيث تمثل مستثمر وحيد في هذا المجال بالمدينة براس مال يصل الى 700 مليون ريال الى مليار ريال لكن المساحة الزمنية لهذه الخطة ليست واضحة المعالم بشكل كافي!! لذا وفي ظل التزايد المطرد في عدد السيارات ,,, وتمدد المدينة افقيا وتباعد الجهات، المشكلة تزداد تعقيدا فرغم ان الحلول بدأت بوادرها الا انها تصطدم بعقبة الزمن (زمن الانجاز)! مشروع التطوير الرائع المنتظر يتطلب زمنا لا يقل عن اربع سنوات ! ولابد من العلم بان المشروع بحد ذاته ومجرد تطبيقه لن يكون حلا كاملا للمشكلة في ظل غياب ثقافة التنقل بتلك الوسائل الحديثة فالامر سيتطلب وقتا اخرا للتأقلم واكتساب المصداقية وثقة المستهلك !! لذا من الفعالية ايضا التفكير في حلول مساعدة اخرى كأن يتم العمل على اعادة صياغة الوضع الحالي ايضا ,,, فشوارع الرياض تجوبها مايقارب 1.6 مليون مركبة (حسب احصائية قدمتها صحيفة الاقتصادية سابقا) ,,, فلو عملنا على التقنين من خلال ادارة كمية تلك المركبات التي تجوب المدينة قد نحل جزءا اخرا من المشكلة، فمثلا سيارات التاكسي او "الليموزين" التابعة لشركات مختلفة والتي تجوب المدينة بشكل غير مقنن وغير حضاري ,الا تستحق ان تدرس تلك الحالة بحيث تقسم شركات التاكسي (الليموزين) مثلا الى جزئين: – جزء يقدم الخدمة بناءا على الطلب (من خلال وسائل الاتصال الحديثة) – جزء اخر يقدم الخدمة من خلال محطات متوزعة على طول المدينة (بشكل نقاط انطلاق) فمن خلال هذه العملية ,, سيتم تخفيض حجم السيارات التي تجوب الشوارع احيانا بلا معنى ,, لكن هل هذا كافي فالمستثمر والمستهلك لهم حقوق ايضا. فمن حق المستهلك ان يجد تنوعا في الخيارات ,, فحتى يكون الامر ملائما لابد وان تكون خدمة التاكسي المقدمة بناءا على الطلب بسعر يعلو الخدمة المقدمة من خلال المحطات التي تتطلب منه الاتجاه نحو تلك المحطات ((متحملا تكلفة الجهد البدني واحيانا المال ايضا)). اضافة الى ضرورة تنوع الخيارات فالمستهلك يستحق ايضا ان يجد حافلات تخدمة باسعار منافسة و تعمل من خلال نظام متكامل متناسب مع الحاجة المطلوبة ,, فهو يستحق ان يركب حافلة مكيفة مريحة وهي اقل متطلبات الرفاهية للمستهلك العادي ! فمثلا الوضع الحالي للحافلات او ما يسمى ب ((خط البلدة)) لابد ان يقنن تواجده الغير حضاري وذلك من خلال تقديم حافلات ذات مواصفات محددة من قبل امانة تطوير مدينة الرياض لملاك الحافلات (الحالية الغير مناسبة) بحيث يتملكونها من خلال شروط تمويل ميسرة وبالتالي يكملون عملهم واستثمارهم ولكن بشكل يليق بعاصمة المملكة العربية السعودية ,, فكثير من الناس حاليا يجد هذا الخيار مغلقا بل هو فقط لذوي الدخل المحدود جدا لانه في ظل طقس الرياض المتسم بالحرارة المرتفعة من الصعب بل من الاستحالة لشخص ميسور ان يعرض بنفسه لمخاطر استقلال هذه الحافلات التي يغلب على قائديها التهور ناهيك عن تدهور الخدمات المقدمة خلالها بما فيها عدم توافر اجهزة تكييف ملائمة. كثير من العمال الاجانب الذين يجدون أنفسهم مضطرين لاقتناء سيارات مهترأة للتنقل خلال المدينة سوف يجدون متنفسا كبيرا حين تتم اعادة صياغة انظمة النقل العام الحالية ((الحافلات والتاكسي)). قد تتسبب الانظمة المستحدثة بالضرر لبعض المستثمرين والايدي العاملة ولكنها من ناحية اخرى تحقق مستوى اعلى من الامن والرفاهية لسكان المنطقة بالاضافة الى استحداث وظائف لائقة بالشاب السعودي شاملة لاجهزة ادارية وتنفيذية ورقابية لعمليات التطوير هذه !! فالمستثمر الذي يملك عدد محدود من سيارات التاكسي لابد ان يتحد مع مستثمر اخر ليكونوا شركة كبرى قادرة على مقابلة الحاجة المطلوبة للمستهلك النهائي، ففرص الاستثمار قد تصنعها وتعظمها الانظمة المستحدثة !! ومتى تزايد استخدام المستهلكين لوسائل النقل كل ما تنامت فرص الاستثمار. وفي نهاية الامر المدينة معنية بالمقام الاول ان تكون حركة التنقل ميسرة خلال المدينة من اجل ان ينعم قاطنوا المدينة مستهلكين ومستثمرين بمستوى رفاهية اعلى يليق بمواطن يعيش بعاصمة المملكة العربية السعودية،، احد اهم دول العالم اقتصاديا!! الناحية الاخرى التي من الممكن ادارتها خلال الوضع الحالي هي ادارة الكم الهائل من السيارات التي تحصل عليها العديد من المشاريع الصغيرة، فمثلا من الممكن تحديد عدد المركبات التي تعتمد للفرع الواحد من شبكات المطاعم لخدمة التوصيل من الاعداد الكبيرة الى اعداد معينة تتناسب مع المنطقة المغطاة !!فليس منطقيا في ظل الازدحام الهائل بالمدينة ان تجوب الشوارع سيارات توصيل الطعام او الملابس او نحوه بعدد مهول واحيانا كثيرة بشكل يفوق الحاجة !! فمثلا لو كان لدى احد شركات المطاعم 5 فروع وكل فرع لديه 5 سيارات توصيل مما يعني ان هناك 25 سيارة تخص فقط ذلك المطعم تجوب المدينة ,,ماذا لو قلصت تلك السيارات ليصبح كل فرع يحصل فقط على عدد 2 من السيارات ,, هنا يصبح هناك فقط 10 سيارات تخص ذلك المطعم في شوارع المدينة وعلى مثل هذا يمكن القياس بالنسبة للمخابز والمغاسل والمقاولين ونحوه من المشاريع الاخرى !! في النهاية : ما يحتاج ان نعيه ان الزحام في الطرقات لا يتسبب فقط في ازدياد عدد الحوادث والوفيات والاصابات، وانما له تأثير مباشر على الحالة الذهنية والنفسية للموظف والطالب والعامل المقيم في هذه المدينة !! حيث اصبحت الخلافات والنزاعات في الطرقات امرا غير مستغربا في ظل الشحن والضغط النفسي الهائل الذي تفرضه كثافة السيارات على المستخدم لتلك الطرقات ,,, فالامر لا يقف فقط في الطرقات بل يتجاوزه الى الاسر والعلاقات الاجتماعية والعملية الانتاجية في الجهات المختلفة خاصة كانت او عامة. *أكاديمي متخصص في المحاسبة [email protected]