الاقتصادية - السعودية يعاني اليمن عديدا من المعضلات الاقتصادية، التي قادت مع مرور السنين إلى تدهور الأحوال المعيشية للشعب اليمني وأضعفت سيطرة الدولة على البلاد، وأدى ضعف الدولة إلى تخلخل أمني واضح سهل من تكوين الميليشيات والجماعات المسلحة، حتى صار اليمن من أخطر بقع الإرهاب في العالم وأكثرها تصديرا له. وقدم عديد من دول العالم، خصوصا السعودية ودول مجلس التعاون الأخرى، إضافة إلى مؤسسات التنمية الدولية كثيرا من المساعدات الاقتصادية والفنية لمساعدة الشعب اليمني في التخلص من المعضلات الاقتصادية، ورفع مستويات المعيشة، ودفع عجلة التنمية. ولا تتوافر بيانات كلية عن حجم المساعدات الإقليمية والدولية لليمن، ولكنها تقدر بمليارات الدولارات خلال السنوات الماضية. وقدمت المملكة وحدها عدة مليارات من الدولارات كمساعدات إلى اليمن على هيئة منح وقروض ومشاريع تنمية، ولكن لا يتوافر رقم إجمالي دقيق عن حجم هذه المساعدات. ورغم حجم المساعدات الكبير التي قدمها العالم وفي مقدمته المملكة إلى اليمن والثروة النفطية المحدودة المكتشفة في اليمن، إلا أن هذا لم يغير كثيرا من الأوضاع الاقتصادية والأحوال المعيشية لسكان البلاد، وذلك بسبب عمق وكبر معضلات اليمن وعدد السكان الكبير، مقارنة بالموارد المتاحة والمساعدات المتلقاة وانخفاض فاعلية إنفاق واستهداف الموارد. وتستهدف حملة "عاصفة الحزم" مساعدة اليمن على تحقيق الاستقرار والتخلص من الجماعات الإرهابية والميليشيات المسلحة التي عطلت عمل مؤسسات الدولة، وأوقفت أنشطة التنمية، وعمقت جراح الشعب اليمني، وعطلت المسيرة الاقتصادية. ونرجو من الله- سبحانه وتعالى- أن يوفق هذه الحملة في تحقيق أهدافها المتمثلة في إعادة الشرعية إلى اليمن والتخلص من الفوضى السياسية والأمنية. ويحتاج اليمن في الوقت الحالي وبعد الحملة العسكرية إلى جهود سياسية وبرامج اقتصادية للمحافظة على مكاسب الحملة العسكرية، وإقناع الشعب اليمني بجدواها، والحصول على أكبر دعم لها، وتعزيز أهدافها، والنهوض باليمن من وضعه البائس في الوقت الحالي. ونظرا لأواصر الأخوة والجوار، وأهمية اليمن الاستراتيجية البالغة للمملكة ودول مجلس التعاون ينبغي تكثيف الجهود لدعم نموه الاقتصادي، الذي سيساعده في تحقيق السلام الداخلي والاستقرار الوطني. إن إعلان دول مجلس التعاون في الوقت الحالي استعدادها لتبني برنامج مساعدات اقتصادي كبير لمساعدة اليمن على النهوض باقتصاده ومساعدة الشعب اليمني في إعادة بناء ما دمرته الحرب وتحسين أوضاعه المعيشية، سيؤكد النوايا الحسنة، التي دفعت المملكة وحلفاءها للقيام بهذه الحملة العسكرية. لقد بذلت المملكة ودول مجلس التعاون جهودا طيبة لمساعدة اليمن في السابق، ومن المؤكد أنها ستبذل كل جهد من أجل مساعدته في المستقبل والقيام بحملة مساعدات اقتصادية لتمكين اليمن من تحقيق نمو مستدام وخفض مستويات الفقر والمرض والأمية. وسيسرع الإعلان عن برنامج مساعدات خليجي أو دولي إن أمكن في إنهاء الحملة العسكرية وإعادة الاستقرار إلى اليمن. وتتحمل الحكومة اليمنية الشرعية مسؤولية البدء وفي أسرع وقت في إعداد خطط ومشاريع إعادة إعمار اليمن وتنميته. كما تتحمل الحكومة اليمنية مسؤولية تحديد أبرز المشاريع التي سيبدأ تنفيذها بعد سكوت البنادق، ووضع الآليات اللازمة لتنفيذ المشاريع والخطط التنموية. وينبغي للمسؤولين اليمنيين في هذا الوقت أيضا البدء في مناقشة وتحديد ووضع آليات التصدي لمعوقات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، التي أبرزها حالة عدم الاستقرار والضعف المؤسسي لكيانات الدولة والفساد المالي والإداري. ويحتاج اليمن إلى مشاريع عاجلة تستهدف أكثر فئات الشعب استحقاقا، والنهوض ببنيته الأساسية وقطاعات الرعاية الصحية والتعليم. ويا ليت الحكومة اليمنية تبدأ في مناقشة ووضع السياسات، التي تشجع القطاع الخاص المحلي والأجنبي على الاستثمار، لأن هذا هو الذي سيساعد على توظيف ملايين الأيدي العاطلة في اليمن، التي هي عرضة لابتزاز الجماعات المسلحة. ويوجد كثير من الفرص الاقتصادية وعدد من القطاعات التي تحتاج إلى استثمارات خاصة وعامة لرفع ناتجها القومي وزيادة عدد العاملين فيها، التي من أبرزها قطاعات الزراعة والتعدين وصيد الأسماك والسياحة وخدمات التجارة الدولية. ويمكن لدول المجلس أن تساعد اليمن على تسريع التنمية الاقتصادية أيضا عن طريق منحة امتيازات اقتصادية خاصة أو استثنائية في تجارة السلع والخدمات، بما في ذلك الإسراع في إنشاء منطقة تجارة حرة مع اليمن، وزيادة تسهيلات التجارة والاستثمار لرفع وتشجيع مستويات الاستثمار في اليمن. كما يمكن لليمن أن يشجع المستثمرين الخليجيين والمستثمرين بوجه عام من خلال منحهم امتيازات ضريبية، وتسهيل الإجراءات الإدارية، وتسريع منح التراخيص، وزيادة شفافية الأنظمة والقوانين وتبسيطها. وسيدعم تعزيز وتسريع مسيرة التنمية في اليمن الاستقرار والسلام في اليمن والجزيرة العربية ككل، كما أنه سيرفع من معدلات النمو وتوليد الوظائف، ويوجد فرصا اقتصادية وأسواقا إضافية لمنتجي دول مجلس التعاون. ويدعم عدد سكان اليمن الكبير والبالغ نحو 25 مليون شخص فرصا تكون سوقا واعدة للمنتجات والخدمات الخليجية لو تحقق نمو اقتصادي جيد في السنوات القادمة. وسينشط النمو المرجو في اليمن التجارة البينية لليمن مع دول المجلس، كما سيولد كثيرا من الوظائف التي يحتاج إليها الشباب على جانبي الحدود.