مكة أون لاين - السعودية أهداني سيدي الوالد الشيخ عبدالرحمن فقيه نسخة من كتابه (لمحات من حياتي). في هذا الكتاب القيم نجد أن الشيخ عبدالرحمن فقيه شارك بقوة في رسم لوحة (الموزاييك المكية) الجميلة، والتي تشكل خريطة حركات الإنجازات الحضارية في مكةالمكرمة. وهذه الخريطة التي رسمها فقيه هي أحد أهم المفاتيح الأساسية لفهم الأعمال العمرانية والتجميلية والتنموية ومختلف الإنجازات بمكة، فما ذكره فقيه من أساليب لمواجهة التحديات والرهانات التي اخترقت حياته يؤكد أنه شكل «عصامية مميزة»، بل نادرة. وأتذكر دائما وأنا أسأل نفسي عن السبب الحقيقي لعزوف كبار رجال الأعمال والمال بمكةالمكرمة عن كتابة مذكراتهم العملية لما لهم من تجارب مميزة، وجدت أن فقيه أجاب عن سؤالي وليس بخلفية بسيطة، لكنه أكد لنا أنه اضطر لمواجهة تلك العذابات اليومية من التحديات والمنغصات والرهانات التي كانت تفتقر إلى التفاؤل، ولكن عناد وإصرار وعصامية فقيه جعلته يتعارك معها فينتصر عليها في كثير من حالاتها. أسئلة عبدالرحمن فقيه كانت وما زالت تحيلني إلى أنه لم يفتقر في حياته العصامية والعملية إلى أصل مستقر، خاصة أن كثيرا من أحلام وأفكار فقيه كانت مرفوضة في مكةالمكرمة، مثل تنفيذ مشروع شركة مكة للإنشاء والتعمير، ومشروع جبل عمر وغيرهما، إلا أن فقيه تحدى كل الظروف والتحديات والرهانات وأنجزها وبكل فخر واعتزاز. إن تاريخ مكةالمكرمة سيذكر الشيخ عبدالرحمن فقيه في عدد من صفحاته البيضاء والجميلة، فإذا ذكر التطور العمراني وتنميته فيذكر فقيه بأنه أول من أنجز مشروعا عمرانيا حضاريا مستقلا بمكة، وهو مشروع شركة مكة للإنشاء والتعمير. وسيذكر التاريخ أن فقيه هو من قام بزراعة مشعر عرفات بالأشجار وتركيب أعمدة المياه المرطبة للجو..هذه من أهم المشروعات في نظري. وبعد أن سمحت لنفسي شيئا فشيئا أن أتحدث بالصوت الاجتماعي والخيري كطريقة مهنية، أقول إن لعبدالرحمن فقيه أعمالا خيرية وأعمال بر وإحسان لا يعلمها إلا القليل والقليل من الناس. لا أبالغ حين أقول لكم: إن من يكتب عن نفسه ومذكراته وحياته وعصره ومرحلته، فهو يكتب عن كل الناس في تلك المرحلة وذاك العصر. وعبر حقائق وأدلة اجتماعية وتاريخية وثقافية ودينية استطاع فقيه تكوين شهرة لنفسه وحياته ليست كباقي الشهرات التي كأنها بخار يتبخر، بل شكل شعبية لها مصداقية، فسمي باسم التصق به وهو »الوجيه». والله يسترنا فوق الأرض، وتحت الأرض، ويوم العرض، وساعة العرض، وأثناء العرض.