الاقتصادية - السعودية يكتسب تثبيت تصنيف وكالة "موديز" العالمية للتصنيف الائتماني للمملكة، أهمية كبيرة، لأنه يأتي في هذا الوقت بالذات. أي في المرحلة التي تشهد فيها أسعار النفط انخفاضا قياسيا، كي لا نقول تاريخيا. فضلا عن قيادة السعودية "عاصفة الحزم" الراهنة، الهادفة إلى إقرار الشرعية في اليمن. إلى جانب طبعاً، الاضطرابات التي تعم المنطقة منذ سنوات، لأسباب يعرفها الجميع. ورغم أن أحدا لم يتوقع أن تقوم وكالات تصنيف عالمية بخفض المستوى الائتماني السعودي، إلا أن تأكيد التصنيف المرتفع لها عند AA، يتوافق تماما مع السياسة الاقتصادية التي تتبعها، وفي مقدمتها الحفاظ على وتيرة التنمية، والوصول بأسرع وقت ممكن بالاقتصاد الوطني إلى ساحة التنوع المطلوبة. إلى جانب ذلك، وجود القدرة الاقتصادية الكفيلة باحتواء الآثار السلبية الناجمة عن تراجع أسعار النفط. الملاءة المالية للسعودية في زمن تراجع هائل لأسعار النفط؟ نعم موجودة وبصورة راسخة. وتؤكد "موديز" هذه النقطة بالقول "إن التصنيف الراهن للمملكة، يعكس موجودات مالية وافرة ستسمح للبلاد بتجاوز فترة انخفاض العائدات النفطية، والحفاظ على القوة المالية المتوافقة مع الرتبة العالية". وعلى هذا الأساس، لم تتأثر مشاريع التنمية في البلاد، بل على العكس، هناك حراك متصاعد لمواصلة عمليات التنفيذ حتى تتحقق الأهداف النهائية منها. دون أن ننسى، أن بعض الجهات توقعت مع بداية هبوط أسعار النفط، تضعضع الاستراتيجية الاقتصادية السعودية، مع وجود "تمنيات" في جهات لا تريد الخير للسعودية وللمنطقة، بأن تؤثر أوضاع النفط العالمية بصورة سلبية كبيرة وسريعة. تقدر قيمة الاحتياطيات المالية السعودية بنحو 2.8 تريليون ريال. المسألة هنا لا تتعلق فقط بحجم هذه الاحتياطيات، بل بجدارة إدارتها. ففي السنوات الماضية، تمت إدارة الفوائض المالية بأعلى جودة، دفعت حتى البلدان الأكثر رسوخاً على الساحة الاقتصادية إلى إبداء إعجابها بالآليات الإدارية للأموال، والرؤى المستقبلية للاقتصاد. وفي السنوات الماضية، بدأت المملكة عمليا في إنشاء اقتصاد جديد لا يشبه الاقتصاد السابق، يستند إلى عوامل وأطر جديدة، تفرضها المتغيرات وتضعها الاستحقاقات في قلب المشهد العام. ومثلت الفوائض المالية محورا رئيسا للحراك الاقتصادي العام، لكن قيمتها الفعلية ارتفعت بوجود خطط محكمة، تستهدف الاستدامة. وقد شهدنا كثيرا من الحكومات التي بددت أموال شعوبها برعونة اقتصادية لا مثيل لها، كي لا نقول بفساد أيضاً. التأكيد الجديد لتصنيف السعودية، يعزز المسيرة التنموية في ظروف ليست سهلة، بل تتسم بالخطورة أيضا. فالبلاد (كما تقول "موديز") أمام مستوى منخفض جدا من الديون بنحو 1.6 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي بنهاية العام الماضي. في حين نجد بلدانا متقدمة تعاني أزمات ديون تهدد اقتصاداتها. فقد بلغت الديون في بعض الدول ضعفي حجم ناتجها الإجمالي المحلي! وهذه النقطة، تدفع محركات التنمية في المملكة إلى الأمام وبصورة متسارعة أيضا. وهو ما تحتاج إليه البلاد اليوم أكثر من أي وقت مضى. ليس مهما كثيرا أن يكون هناك عجز في الموازنة العامة في العامين المقبلين، فهذا الأمر يحدث. لكن المهم أن هناك سياسة محكمة تعمل على ضبطه بأفضل صورة ممكنة. المهمة أمام المملكة ليست سهلة، والحفاظ على مكانتها المالية أيضا ليست يسيرة. غير أن المخططات الاستراتيجية المعلنة، تشكل في حد ذاتها رصيدا اقتصاديا كبيرا، والأهم أن إدارة هذه المخططات، تتسم بحكمة ورؤى مستقبلية تمثل أداة دافعة نحو المزيد من الإنجاز في المرحلة المقبلة. مع ضرورة الإشارة، إلى أن السعودية تقوم حاليا بإعادة صياغة اقتصاد يتماشى مع مكانتها الإقليمية والدولية، ويحقق الأهداف المرجوة.