الشرق القطرية التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية الشقيقة " عاصفة الحزم "، والذي جاء استجابة لطلب الرئيس اليمني الشرعي، من أجل وقف الزحف العسكري الذي تقوم به ميليشيات الحوثي في اليمن، وسيطرتها على العاصمة صنعاء بالقوة العسكرية، بعد استيلائها على مفاصل الدولة اليمنية، وفرضها الأمر الواقع بدعم خارجي، هذا التحالف أعاد للجسد العربي الروح، وأعاد للعرب إمكانية "الفعل" إذا ما كانت هناك إرادة حقيقية التقت مع قيادة واعية تدرك المخاطر التي تحدق بالأمة، وهذا ما تقوم به المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، في هذه المرحلة المفصلية والدقيقة من تاريخ الأمة . لم تترك الميليشيات الحوثية خيارا آخر أمام دول مجلس التعاون الخليجي، التي سعت منذ سنوات في تحرك جاد ومخلص من أجل إنقاذ اليمن الشقيق، وطرحت مبادرة للخروج من الأزمة التي عصفت ببلد " الحكمة "، واستطاعت أن تخرج اليمن في مرحلة ما من الدخول في نفق مظلم، إلا أن الحوثيين أبوا إلا عرقلة هذه الجهود المخلصة، وسعوا إلى العبث بالأمن عبر الاستقواء بقوى خارجية، والتحالف مع المخلوع علي عبدالله صالح الذي صنع له قوات خاصة، يتولى أمرها مع ابنه أحمد، الذي يقود اليوم جانبا منها، فسعى الحوثيون والمخلوع إلى إفشال الجهود الخليجية، والانقلاب على الشرعية، وهو ما تم بالفعل، ضاربين عرض الحائط بكل الجهود المخلصة التي قامت بها الدول الخليجية، مستثمرين الوقت من أجل تنفيذ أجندات خارجية للسيطرة على اليمن . كل الخطوات التي قام بها الحوثيون كانت تكرس أمرا واقعا بقوة السلاح، عبر الانقلاب على الشرعية، والاستيلاء على مؤسسات الدولة، ورأينا كيف فرضوا الإقامة الجبرية لمدة من الزمن على الرئيس اليمني ورئيس الحكومة، وتم اعتقال عدد من الوزراء، وفرض تعيينات في مناصب مختلفة من عناصر تابعة لهم، بل حتى وصل الأمر إلى تعيين رئيس للدولة وإن اختلف المسمى، ومضوا في هذه الخطوات دون الالتفات إلى مصلحة الشعب اليمني . إن العبث بأمن اليمن واستقراره من قبل الحوثيين وصل إلى مرحلة لا يمكن السكوت عليها، فأمن اليمن من أمن دول الخليج، بل إن زعزعة الأمن والاستقرار باليمن ينعكس على المنطقة العربية بأسرها، خاصة أن ما يحدث في هذا البلد ليس خيارا شعبيا، بقدر ما هو انقلاب تقوم به مجموعة تتلقى دعما بكل أنواعه من أطراف ودول خارجية، لتتحول اليمن إلى خنجر في خاصرة الخليج، وهو ما يمثل خطرا على الأمن العربي بكامله . إن الخطوة التي قامت بها المملكة العربية السعودية الشقيقة بتكوين تحالف عربي من أجل الحفاظ على كيان دولة عربية قويا متماسكا، لهو أمر يحسب للمملكة ولخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، ولوزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، الذي أشرف بنفسه على العمليات البطولية لسلاح الجو في التحالف، ويتفق مع ميثاق العمل العربي المشترك ومجلس التعاون الخليجي . منذ عقود والعرب " تائهون "، وأراضيهم تقضم منها قطعة قطعة، وعواصمهم تسقط بيد أعدائهم بين فترة وأخرى، حتى بات العدو في مأمن؛ حيث إن العرب ليس لديهم سوى الخطب الرنانة، فيما الفعل على الأرض هم بعيدون عنه، إلى أن جاءت " عاصفة الحزم "، التي نأمل أن تكون : حزما وعزما وحسما، لتعيد للعرب هيبتهم ومكانتهم وحضورهم الفاعل في المشهد الدولي . ما قامت به المملكة والتحالف هو من أجل اليمن الشقيق وشعبه العزيز، وحرصا على وحدة هذا البلد، بعد أن ظهرت نوايا الحوثيين ومن تبعهم باختطافه، فكان لا بد من الوقوف أمام هذه الجريمة، وحماية بلد " الحكمة والإيمان " من الانزلاق إلى حرب أهلية، أو التحول إلى دولة فاشلة . لقد أثبتت دول الخليج من خلال هذا التحالف على أنها قوة عسكرية إذا ما توحدت في الميدان، وأنها قوة ردع لكل من تحدثه نفسه بالإضرار بأمنها، وأنها قادرة على الدفاع عن أمتها أمام المخاطر إذا ما تطلب الأمر، وقادرة على حماية من يستجير بها من إخوتها، وتسخير إمكاناتها من أجل الدفاع عن أشقائها العرب والمسلمين . إن الظروف الدقيقة تفرض على الجميع الاصطفاف خلف هذا التحالف، الذي يمثل أمل الأمة ببزوغ فجر جديد، وحماية الجبهة الداخلية . اليوم الشعوب الخليجية أكثر فخرا بقياداتها، وتعيش أملا جميلا وجديدا ليس من أجلها فقط، إنما من أجل أمتها حيث هناك قوة يمكن أن تدافع عن الحق العربي، الذي تطاول عليه القاصي والداني . يجب ألا يتوقف هذا التحالف الشريف والنظيف قبل إنقاذ اليمن فعليا، وألا يلتفت إلى تصريحات الحوثيين وصراخهم أو طلبهم مددا زمنية، أو فرصة للحوار، فهم يكذبون كما يتنفسون، بل يجب عودة الشرعية في اليمن بكل أركانها إلى كل مفاصل ومؤسسات الدولة، واعتراف الحوثيين بذلك، عندها فقط يمكن الحوار معهم بأن يأتوا إليه صاغرين .