مكة أون لاين - السعودية تلقيت الأسبوع الماضي دعوة كريمة من كليتي التي تخرجت فيها «كلية الاقتصاد والإدارة» لحضور لقاء معالي وزير العمل على طاولة الحوار الأكاديمي، وطاولة الحوار الأكاديمي هي فعالية مميزة للكلية دأبت منذ سنوات على إقامتها بشكل دوري، تجمع فيها مجتمع الكلية - أعضاء هيئة تدريس وطلبة - بذوي العلم والخبرة من الأكاديميين والمسؤولين لمناقشة بعض طروحات الضيف والقضايا المتعلقة بها.. وقد حرصت على الحضور لأن في جعبتي الكثير مما أريد بسطه بين يدي الوزير حول شؤون وزارته وشجونها، وقد أتيحت لي الفرصة والحمد لله لبسط بعض ما في جعبتي ولكن كما هو معتاد لا يتسع المقام ولا الوقت لطرح وبسط كل ما يريده الحضور، ولذلك سأستغل هذا المنبر لتأكيد ما بسطته وأضيف إليه ما تتسع له المساحة المخصصة للمقال راجيا أن يحظى بعناية معاليه.. وأما ما لم يتسع المجال لبسطه في اللقاء فهو الحديث عن عدم جدوى قرار ال2400 ريال الذي هدف إلى رفع كلفة العامل الوافد لإخفاقه في تحفيز المؤسسات على تشغيل السعوديين من جهة، وعدم إمكانية تفاديه مطلقا في غالب مؤسسات القطاع الخاص من جهة أخرى، باعتبار عدم توافر أعداد من السعوديين تصل لنفس أعداد الوافدين في المؤسسة. وبذلك يصبح ضرره أكثر من نفعه، فقد رفع الكلفة وسبب ارتفاع الأسعار دون أن ينجح في توظيف السعوديين، وكان بالإمكان الاكتفاء بضغوط برنامج نطاقات وحوافزه على توظيف السعوديين. وأما عن مشاركتي فكانت عن موضوعين، الأول هو تعثر المشاريع وعلاقة ذلك ببرنامج نطاقات الذي أعده من أميز برامج الوزارة وأقربها للواقعية إلاّ أنه في نظري لا يزال يتسبب في خنق بعض القطاعات، وبالأخص قطاع مقاولات البناء والتشييد، إذ يحول دون حصول مؤسساته على حاجتها الفعلية من العمالة. ولعل تعثر غالبية - إن لم نقل كل - المشاريع دليل واضح على ذلك، وكان سؤالي لمعالي الوزير عن دور نطاقات في تعثر المشاريع في ظل تضييقه على استقدام حاجتها من العمالة، وفي نفس الوقت عدم سد احتياجات السوق من مصدر آخر كالعمالة غير النظامية التي لم يتم تصحيح أوضاعها ولا تحفيزها على الانخراط في سوق العمل إلى الآن، وهو السؤال الذي لم يجبني عليه معاليه. وأما الموضوع الثاني فقد كان تعقيبا على ما أبداه معاليه من نقد وتوبيخ شديد للمواطن الذي يمارس السعودة الوهمية سواء كان موظفا أو صاحب عمل، وأن الوزارة بصدد إجراءات لتجريم فعل السعودة الوهمية وتطبيق عقوبات التزوير على من يقع فيه. وقلت إن الكثير من قرارات الجهات الحكومية ومنها قرارات وزارة العمل تدفع بالناس إلى المخالفات وممارسة الكذب والاحتيال والتزوير والرشوة بسبب عدم واقعيتها وعدم إمكانية تطبيقها ومنها قرارات السعودة مما يضطر البعض إلى اللجوء إلى السعودة الوهمية، فأعداد طالبي العمل من السعوديين شحيحة بالمقارنة بالأعداد التي تحقق النسب المحددة للسعودة في كل قطاع، وكذلك الأعداد الراغبة والقادرة من طالبي العمل في بعض القطاعات غير متوافرة بالعدد الذي يحقق النسب المطلوبة، وبالأخص في القطاعات الخدمية والصناعية وتجارة التجزئة وهي تشكل غالب سوق العمل. وتحميلي في نهاية كلمتي مسؤولية تدمير منظومة القيم الأخلاقية للمجتمع للقرارات غير الواقعية سواء التي تصدرها وزارة العمل أو الوزارات الأخرى وناشدته العمل على إلغاء كل القرارات من هذا النوع وعدم تركها ليتم تطبيع المخالفات والسلوكيات المجرّمة في المجتمع. وكان تعقيب معاليه بأن على الناقد أن يقدم الحلول البديلة. والحل البديل في هذه الحالة هو تخفيض نسب السعودة المطلوبة في القطاعات التي ترتفع فيها معدلات السعودة الوهمية. والله الموفق.