مكة أون لاين - السعودية بلغ مجموع ما صرفته السعودية في 2013 تحديدا 925 مليار ريال، منها 210 مليارات للتعليم، و108 مليارات للصحة، و66 مليارا للنقل، وغيرها من القطاعات، وذلك عندما كان متوسط سعر برميل النفط 100 دولار، وهو الذي أسهم في بلوغ الدخل السنوي للملكة 1.131 مليار ريال، فلم يكن هناك أي عائق في صرف 925 مليار ريال، بل على العكس كان هناك فائض بنحو 206 مليارات ريال. قريبا سنستمع للأرقام الرسمية ل2014 والتي لن تختلف كثيرا عن هذه الأرقام فالحكومة أعلنت رسميا بداية العام أنها سوف تنفق 855 مليار ريال وهو ما تشير إليه التوقعات وعلى الأرجح أكثر منه أيضا. السؤال هل سيساعد سعر النفط على تغطية هذا الإنفاق أم سوف تبدأ المملكة في استهلاك الاحتياطي النقدي؟ أعتقد أن ميزانية المملكة ل2014 لن تشهد عجزا يذكر وإن شهدت فسوف يكون عجزا بسيطا جدا وذلك لأننا استمتعنا بأسعار النفط المرتفعة طوال 9 أشهر من السنة وانخفاض الأسعار المخيف حصل على نهاية العام فمتوسط السعر سوف يكون مقاربا جدا للتوقعات التي بنيت عليها الميزانية. التحدي الحقيقي الآن هو ميزانية 2015، فاقتصاد المملكة يعتمد بشكل كامل على سعر البرميل الذي وصل إلى أقل من 60 دولارا، ففي حال قررت الحكومة شد الحزام والصرف بناء على الدخل المتوقع فقط، فمعناه أننا سوف نشهد تكرارا لميزانية 2009، عندما كان متوسط سعر البرميل 60 دولارا، وكان الدخل السنوي للمملكة وقتها نحو 500 مليار فقط، أي أقل من النصف. هذه الأرقام المرعبة انعكست بشكل مباشر على سوق الأسهم السعودي، والذي شهد 8 جلسات من الهبوط المتتالي أودت بنحو 20% من قيمته. لم ينقذ السوق إلا تصريح وزير المالية الذي أكد فيه بشكل قاطع أن ميزانية 2015 سوف تشهد المزيد من الإنفاق على المشاريع التنموية الضخمة، وأن السعودية ستواصل انتهاج سياسة مالية تسير عكس الدورات الاقتصادية، رغم الظروف الاقتصادية التي تتسم بالتحدي. تمرير ميزانية بهذا الشكل في مثل هذه الظروف، سوف يعتبر قرارا تاريخيا بحق ودليلا على أن الدولة وضعت الوطن والمواطن فوق كل شيء، فالمزيد من الإنفاق يعني المزيد من المشاريع، يعني المزيد من التنمية، يعني المزيد من الوظائف، يعني المزيد من راحة ورفاهية المواطن. وسوف يبقى فقط التحدي الأكبر في السيطرة على التضخم والهدر المالي وارتفاع أسعار العقار، التي أصبحت عدو التنمية الأول. [email protected]