ماهر عصام القرا مال - السعودية مع اقتراب الاعلان عن الميزانية العامة للدولة والتي يتوقع أن تعلن يوم الاثنين القادم، يترقب الكثير ما ستعكسه من ارقام على خلفية انخفاض اسعار النفط والتي سيكون لها مدلولات كبيرة خصوصا بعد تراجع اسعار النفط الخام باكثر من 45 % خلال الفترة القليلة الماضية وذلك هبوطا من 115 دولار/ برميل الى مستويات 60 دولار/ برميل . وحيث ان السعودية تعتمد وبشكل كبير من ايراداتها وبنسبة تفوق 90% على مدخولات النفط، فان كثير من المحللين يرى ان ميزانية السعودية لعام 2015م قد تشهد ترشيدا كبيرا في الانفاق. حيث انه من المرجع ان تتبنى الميزانية الجديدة على اساس سعر للنفط عند 65 دولار / برميل . وهو ما قد يولد عجز بنحو 120 مليار ريال . مقارنة بما تم احتسابه لمتوسط اسعار النفط في الميزانية الحالية عند 80 دولار/ لكل برميل . وقد توقع صندوق النقد الدولي في تقرير صادر له حدوث عجز في ميزانية الدولة لعام 2015 م حيث توقع الصندوق تسجيل عجز في ميزانية 2015 م بنسبة 1.4 % من اجمالي الناتج المحلي للدولة ، وقد يزداد الى 7.4 % في عام 2019 م . وأشار صندوق النقد الدولي الى ان الحكومة اذا لم تكبح جماح النمو للانفاق الحكومي فقد تلجأ للسحب من احتياطياتهاالضخمة للوفاء بالتزاماتها المالية. خصوصا ان الحكومة السعودية قداطلقت في السنوات القليلة الماضية مشروعات ضخمة للبنية التحتية مع تحسن الايرادات للدولة تزامنا مع ارتفاع اسعار النفط . وفي الوقت نفسه تنفق السعودية بسخاء على المساعدات إلى البلدان العربية المجاورة، حيث بلغت المعونات الخارجية منذ يناير 2011 م الى ابريل 2014 م قرابة 85 مليار ريال صرف منها 40.8 مليارريال الى دولة مصر. وقد لا تتوجه الحكومة للسحب من احتياطياتها الضخمة في حال حاجتها لذلك ، وانما قد تلجأالى الاقتراض من الاسواق وهو ما تفعله معظم الحكومات في انحاء العالم . واذا مااستمرت اسعار النفط بالتراجع فقد لا تكون ايراداتها كافية لمواجهة التحديات التي تمر بها الحكومة السعودية. حيث ان سعر النفط الذي تحتاج اليه الحكومه لتحقيق توازن في الميزانية قد يصل الى 90 دولار / برميل. عدا ذلك فان على الحكومة ان تبحث عن مصادر دخل اخرى لتحقيق ايردات اضافية لها قد تكون على شكل ضرائب واقربها تطبيقا هو ما يدرس حاليا بشأن تطبيق رسوم على الاراضي البيضاء، وقبل ان يسهم تطبيق ذلك القرار في دعم مشاكل الاسكان فانه سيوفر دخلا كبيرا للحكومه في حال تطبيقه، خصوصا ان السلطات قد لا تلجأ حاليا الى خفض الدعم على اسعار مواد الطاقة في الوقت الحالي نظرا لعدم وجود وسائل بديلة لوسائل النقل الحالية. وبالعودة الى التقديرات للموازنة العامة للدولة في 2014 فقد تم تقدير المصروفات والايردات للدولة عند 855 مليار ريال . ويتوقع ان تحقق الميزانية الفعليه فائضا بسبب ارتفاع اسعار النفط خلال التسعة شهور الاولى من العام الحالي. ويأتي ذلك تأكيدا لما صرح به وزير المالية الدكتورابراهيم العساف ان الحكومة سوف تستمر في تنفيذ مشاريعها التنموية متوقعا تحقيق نمو اقتصادي ايجابي نتيجة لهذا الانفاق . وقد انفردت صحيفة مال باعلان التوقعات التقديرية لموازنة الدولة لعام 2015 م بتحقيق ايرادات بنحو 715 مليار ريال مقابل مصروفات بنحو 860 مليار ريال ، ووفقا لذلك فان العجز المتوقع 145مليار ريال . وبالرغم من ارتفاع المصروفات التقديرية بنحو 5 مليارات عن العام الحالي ، وهو ما يعطي اشارات ايجابية على استمرار الانفاق الحكومي الا انه يعتبر اقل من معدل النمو الذي ساد خلال الخمس سنوات الماضية. هناك حقيقة تدركها المملكة وهي ان النفط معرض للنضوب الجيولوجي ، ولكن الاحداث الاخيرة من انخفاض اسعار النفط الاحفوري وارتفاع معدلات انتاج النفط الصخري الى ثلاثة ملايين برميل يوميا والذي تتراوح تكلفة استخراجه الحالية عند 75 دولار/ برميل وقد ينخفض عن ذلك اذا ما توصلت الابحاث والتنقنات الى اساليب جديدة تخفض من تكاليف استخراجه. كل ذلك يظهر حقيقة اخرى وهي مشكلة النضوب الاقتصادي للنفط الاحفوري ، اي ان سعر استخراج النفط قد يكون اكبر من سعر بيعه في الاسواق اوان السوق لديه وفرة في المعروض وهو ما سيضغط على اسعار النفط الاحفوري بشكل كبير ، وهو كما حدث مؤخرا. فهل وضعت الدولة التدابير اللازمة لمواجهة هذه التحديات ؟! MESQ808@