عبدالله بن خميس العمري مكة أون لاين - السعودية فضاء مفتوح يمطرنا بمواد إعلامية تطالعنا بها القنوات صباح مساء، دون أن تسجّل إضافة نوعية تضيف لرصيد العرب أمام التقدم التقني الهائل ودخوله في جميع مناحي الحياة، هذا الفضاء يتجاوز مداه 1320 قناة فضائية عربية حسب إحصاءات اللجنة العليا للتنسيق بين القنوات الفضائية باتحاد إذاعات الدول العربية في تقريرها عن العام الماضي 2013، وربما شهد العدد زيادة في العام الحالي، وبالنظر لهذا الكم الهائل من الفضائيات الموزعة بين الفصحى ولغات أخرى ولهجات محلية يبرز سؤال عريض: ما الصورة التي قدمنا بها هذا السيل الجارف من المواد التي تبثها تلك القنوات؟ وكيف ينظر لنا الآخر أمام حركة دائبة لماكينات البث المباشر وغير المباشر؟ وهل استطاع الإعلام العربي أن يتعاطى مع تهم التخلف والرجعية، وتهم الإرهاب التي توصم بها المجتمعات نتيجة فكر خاطئ تحمله فئة ضالة غذّتها حفر الشر وانتهازيو تمرير المصالح؟ هذا العدد الألفي من الفضائيات العربية ليس فيه سوى (66) قناة إخبارية، و(84) قناة دينية و(25) قناة تعليمية، و(19) قناة ثقافية، والبقية تتوزع بين الغنائية، والمسلسلات، والقنوات الربحية التي تبحث عن المادة عبر تجاوز القيم، وتعرض ما تملأ به الشاشة مقابل حفنة ريالات، ولا يهمها نوعية ومضمون ورسالة ما يعرض، ويشكل هذا العدد من قنوات الإعلام العربي ما نسبته 33% من مجموع الفضائيات العالمية، وهو رقم يمثل ثلث الإنتاج العالمي على الصعيد الإعلامي، سيكون له حضوره ودوره الفاعل في نقل الصورة الحقيقية للمجتمعات العربية أمام حملات التشويه المنظمة التي تحاول بعض الهيئات العالمية أن تقدمها من خلالها، فيما لو وظف التوظيف الصحيح، فرغم المهنية المتصاعدة التي أشار لها التقرير، وسعي الإعلام العربي إلى الاستفادة من التكنولوجيا الرقمية وتحديث وسائط البث ونظم الإرسال، إلا أنني أعتقد أن تلك المهنية يجب أن تكون مراعية لنوعية المواد التي تعد، خاصة وأن الحديث عن فضائيات يصل بثها أطراف الأرض، وما يبث فيها يجب أن يكون مراعيا للثقافة العربية وتقديمها للآخر ليس بتلميع الصورة، بل بنقل واقع هذه الثقافة المتسامحة والمحتوية للآخر والقابلة للتأثير والتأثر، فيما لا يمس الثوابت ولا يتعارض مع قيمنا الإسلامية، وفي مجال أوسع أيضا وفضاء أكثر انفتاحا تأتي الشبكة الالكترونية (الانترنت) لتعطي مجالا واسعا من النشر وبلا ضوابط حدية أو رقابية، ففي (25) عاما تجاوز عدد مواقع الانترنت عامة مليارا وستين مليون موقع، تتعدد فيها صور النشر بين المرئية والمقروءة وكلاهما مسموع أحيانا، ليبرز سؤال آخر: كيف هي المقارنة بين استخدام الأمم المتقدمة لمواقع الفضاء الافتراضي عبر الانترنت، واستخدام العالم العربي له؟ وإذا أردتم أن تجدوا إجابة شافية فانظروا ليس لمواقع هذا الفضاء عامة وما فيها من الغث والسطحية، بل انظروا في مواقع المؤسسات المتخصصة في مجالات التعليم والطب والثقافة، وبمعنى أدق: انظروا في مواقع مكتبات العالم العربي والتي يفترض أن تكون موسوعات رقمية تقدم المعرفة وتنميها وتعمل على إشاعتها في المجتمعات حتى ولو كان ذلك عبر سلال التسوق الرقمي، لكني أعتقد أن جولة على تلك المواقع لن تتجاوز ترويسات دعائية تنطفئ بتجاوز الصفحة، والأكثر في بقية المواقع عبارات قبلية، وجمل مناطقية، والأهم من ذلك صور الشخصيات الإدارية في هذه الجهة أو تلك، وربما مضى على الصورة نفسها أشهر دون تغيير، الأمر الذي يستوجب إعادة النظر من قبل الجهات المعنية وكذلك قناعة القائمين على البث الفضائي أو الافتراضي ومتلقيه بأن أولى درجات الانهزام هي فقدان الثقة بالنفس. عبدالله بن خميس العمري