مال السعودية عندما يمرض الشخص منا فإنه يتجه إلى الأطباء، وإذا قرر بناء منزل فإنه يتسعين بالمهندس. نفس الشيء نقوم به لقضاء احتياجاتنا عبر التعامل مع المختصين في مختلف المجالات، إلا موضوع المال والاستثمار. اذا استثنينا الخبراء في المجال الاستثمار والعاملين في القطاع المالي، فإننا غالبا أمام حالات متشابهة. بعد أن يدخر الفرد مبلغا من المال يعتبره فائضا عن حاجته، يبدأ بالتفكير باستثمار المبلغ لتنميته وزيادة مستوى دخله. لكنه بدلا من سلوك الطرق الصحيحة، يقوم بخطوات مختلفة لجمع المعلومات والحصول على نصائح استثمارية من غير المختصين. أو أسوأ من ذلك، يعتمد على كلام عام سمعه لاتخاذ قرارات بدخول أسواق مالية للتداول بأدوات مالية لا يعرف عنها شيئا. يكفي أحيانا أن يسمع من صديقه أنه حقق ربحا من شراء سهم ما على سبيل المثال ليقوم فورا بشراء نفس السهم. ممكن أيضا أن يقرأ اعلانا يغري بالربح على شبكة الانترنت، فيفتح حسابا و يغرق في تداول منتجات قد لا يعرف حتى لفظ مسمياتها. لا مشكلة في تعلم اي شخص وتدربه على اي مجال جديد خصوصا اذا كان هو من سيتأثر سلبا او ايجابا بالنتائج، لكن المشكلة تكمن في البحث عن دخل إضافي أو ثروة بدون القيام بأدنى المتطلبات البديهية. يختلف الأشخاص من حيث قدرتهم على استيعاب الأمور المالية لأسباب مختلفة منها الأمور الحسابية أو عوامل لغوية أو غير ذلك. لذلك فإن أول ما يتوجب على المهتم بالاستثمار أن يقوم به هو جمع معلومات كافية لأن يقرر اذا كان المنتج الذي يفكر فيه مناسبا له أو لا. وهذا الأمر ليس صعبا وخاصة مع سهولة الوصول الى المعلومات عبر الانترنت. في حال استنتج أنه يمكنه استيعاب وفهم المعلومات المالية، ينتقل الى مرحلة التعمق والدراسة، وكل ذلك قبل أن يبدأ أي نوع من أنواع التداول. أما من يعتقد أنه سيصعب عليه التعامل مع المصطلحات المالية والاستثمارية، فالأفضل أن يتجه إلى الخبراء الذين لديهم باع استثماري طويل ولديهم رخص من الجهات الرقابية المختصة. مشكلة المشاكل حاليا برأيي أنه مع تطور وسائل الاتصال أصبح من الممكن لأي كان أن يدعي إدارة الأموال وإعطاء النصائح الاستثمارية. وللأسف يجد هؤلاء صدى ومتابعة من قبل الكثير ممن يبحثون عن استثمار أموالهم. السبب في رواج مثل هذا الأسلوب هو استخفاف المستثمرين بأموالهم. يستثمر البعض مبالغ طائلة بناء لمعلومات خاطئة أو غير دقيقة، بل أكثر من ذلك، اعتمادا على نصائح من أشخاص بأسماء وهمية. أجد صعوبة في استيعاب أن يقوم أي شخص بتبديد أمواله خلف أشخاص جهلة بالرغم من إمكانية معرفة جهلهم وعدم تخصصهم ببساطة. أعتقد أن ما يدفع الكثيرين لاتباع تلك الأساليب هو حيرتهم و عدم تمكنهم من الوثوق بما يسمعون، فيتجهون للأساليب البسيطة التي تستخدم لغة محببة في التواصل بعيدا عن تعقيدات الاستثمارات والمصطلحات. لكنهم لا يدركون أنهم بذلك يرمون أموالهم في المجهول بدون حسيب ولا رقيب يمكن الرجوع إليه في حال دعت الحاجة إلى ذلك. الوضع الحالي في الأسواق المالية يبدو أنه يتجه إلى انتشار المزيد من مروجي الاستثمارات من الجهلة والدجالين وبائعي الوهم، وأول من يجب عليه القيام بخطوات باتجاه الحد من ذلك هم أصحاب الأموال أنفسهم. كلما ابتعد الناس عن تلك النوعية، كلما كانوا أقرب إلى اتخاذ قرارات صحيحة وأكثر أمانا. ختاما أسأل، اذا كان الأشخاص الذين يروّجون لنصائحهم وتوصياتهم على تلك الدرجة من النجاح والعبقرية، لماذا لم يكونوا ثروة كبيرة حتى الان؟ ahmad_khatib@ رئيس تنفيذي لشركة استثمارية – دبي