الحياة - سعودي بعد أكثر من 80 عاماً من سريان نظام المحكمة التجارية الصادر عام 1350ه والمكوّن من (633) مادة، صدر نظام المرافعات الشرعية الجديد بالمرسوم الملكي رقم (م/1) وتاريخ 22-1-1435ه، متضمناً حلاً لأحد أكثر مشكلات القضاء التجاري إزعاجاً ولبساً، وهو تقسيم اختصاص القضاء التجاري على أساس نظري بحت، مستبعداً عدداً من الأنشطة التجارية كالتجارة في العقار مثلاً. في نظام المرافعات الجديد أُلغيت بعض المعايير غير الموضوعية وغير الواقعية في التفرقة بين العمل التجاري والعمل المدني، ويَعرفُ قضاة التجاري قبل غيرهم الجهد َوالوقت المبذول في إصدار أحكام عدم الاختصاص، والتي هي مجرد هدر مطلق واستنزاف لإمكانات الجهاز القضائي بلا ثمرة ولا فائدة تعود على أحد، ومبعثُ ذلك الإغراق في التنظير المنفك عن الواقع، والمقنن بنظام عتيق صدر قبل توحيد المملكة. كان النظام القديم يقتصر على المنازعات التي تقع بين التجار فقط، ولا يختص بالمنازعات القائمة بين التاجر وغير التاجر، أما النظام الجديد فأضاف إلى ذلك كل الدعاوى التي تقام على التاجر بسبب أعماله التجارية الأصلية والتبعية ولو أقيمت من غير التجار. كما أتى النظام الجديد بإضافة النص على تفرد المحكمة التجارية مع ديوان المظالم بنظر جميع الدعاوى والمخالفات المتعلقة بالأنظمة التجارية. هذه الاختصاصات الجديدة تعني أن كمّاً هائلاً من القضايا سيفدُ إلى القضاء التجاري، فجميع قضايا المستهلكين ستختص بها المحكمة التجارية مع احتفاظها بالمنازعات الجارية بين التجار أنفسهم. هذه الطفرة في الاختصاصات لا بد من أن يوازيها الدعم المناسب، لذا نصت آلية العمل التنفيذية لنظام القضاء الصادرة بالمرسوم الملكي رقم (م/78) في 19-9-1428ه على استحداث عدد كاف من وظائف السلك القضائي للمحاكم التجارية وبتوفير مقر لكل محكمة تجارية تناسب طبيعة وحجم المنازعات التي تنظرها المحاكم التجارية. آلية العمل التنفيذية لنظام القضاء لم تتناول تطوير الجانب الموضوعي الفني للقضاء التجاري، وفي نظري أن اكتمال تفعيل عمل المحكمة العليا ومحاكم الاستئناف، مع الاهتمام بنشر الأحكام القضائية هي أولى خطوات التطوير الموضوعي الجديرة بالاهتمام والمبادرة. * القاضي بديوان المظالم سابقاً. [email protected]