الحياة - سعودي لا تزال الدراسات المتخصصة محل اهتمام الممارسين من المهنيين، لاسيما إذا كانت تلك النتائج مرتبطة بالواقع، وملامسة لحقوقهم ومصالحهم، ولا يختلف اثنان على أهمية المبادئ القضائية وأثرها البالغ في إيصال الحقوق وحسم النزاعات والفصل في الخصومات. ومن تلك الدراسات المميزة رسالة دكتوراه حديثة للأستاذ بالمعهد العالي للقضاء والقاضي السابق الزميل الدكتور منصور الشبيب بعنوان: «المبادئ القضائية في محاكم المملكة العربية السعودية دراسة تأصيلية تطبيقية» خلص فيها إلى أن التوصيف الأقرب إلى المبدأ القضائي: «قرار قضائي ملزم كلي ينطبق على وقائع متعددة، صادر من جهة مختصة في حدود اختصاصها». ومن أبرز خصائص المبادئ القضائية تجريدها، ودقة ألفاظها، وحسن اختيارها، وإيجاز ألفاظها، وسهولة بيان وجه المبدأ القضائي في الدعوى دونما استعراض أو بحث. كما أن المبادئ القضائية في الحقيقة صورة من صور الاجتهاد الجماعي، إذ المبدأ القضائي نتاج اجتهاد من المحكمة العليا، وهي التي تولت صياغته وتعميمه، فهو إذاً ضرب من ضروب الاجتهاد الجماعي. ولا يغيب هنا أن المبدأ القضائي يفترق عن ما جرى عليه العمل، وكذا عن مدونات الأحكام وعن التقنين أو حتى السابقة القضائية من حيث الحقيقة، ومجال العمل، وطريق معرفة كل واحد منهما، والأساس الفقهي الذي يعتمد عليه إقرار كل منهما، والمصدِر، والتكييف الفقهي، والقوة، وما يستمد كل واحد منهما منه، وطريقة العدول وغيرها. وأكد الباحث أن لتطبيق المبادئ القضائية شروطا، منها توافر المبدأ القضائي، والنظر في المآلات التي يؤول إليها تطبيق المبدأ القضائي، ومراعاة مقاصد الشريعة وحكمها، ومراعاة الفروق الدقيقة بين الوقائع والأعيان، ومراعاة تحقق الشروط وانتفاء الموانع، ومراعاة تغير الظروف والأزمنة والأمكنة، ومراعاة أن يلاقي المبدأ القضائي عين المطالبة. ولا يفوت هنا التأكيد أن المبدأ القضائي حتى يتحقق وصفه بالمبدأ يمر بمراحل لتكونه وظهوره، ولا يمكن أن تتخلف هذه المراحل عن أي مبدأ قضائي، وهي الحكم القضائي، وتكرار الأحكام، وصدوره من جهة الاختصاص. إن المبادئ القضائية التي تصدر من أعلى سلطة في القضاء وهي المحكمة العليا يجوز لها أن تنقض اجتهاد القاضي المجتهد، فالمحكمة العليا هي نائبة عن الحاكم، وحكمها لا يجوز نقضه ما لم تعدل هي عنه. ومن الغني عن البيان أن قاعدة «حكم الحاكم يرفع الخلاف» تفيد أن الحكم الذي يحكم به ولي الأمر في باب الحكم والقضاء يكون قاطعاً للنزاع وللاختلاف، وفي الوقت نفسه لا يكون هذا الحكم ملغياً للخلاف الموجود في المسألة، ولا يكون أيضاً قاطعاً لمن يريد بحث هذه المسألة وتحريرها، وإنما المرفوع هنا من الخلاف هو ما كان في سبيل الحكم والإلزام. * محامٍ ومستشار قانوني. [email protected] a.sgaih@