مكة أون لاين - السعودية كتب الزميل سلمان الدوسري مقالا بصحيفة "الشرق الأوسط" في عددها الصادر أمس بعنوان "هل يخسر الخليج قطر؟!"، تطرق فيه للخلاف الخليجي القطري، وإمكانية أن يترتب على ذلك نشوء تحالف إيراني- قطري جديد. وذهب الدوسري إلى أن صدر الدول الخليجية لم يعد يحتمل سياسة الدوحة التي تكون أحيانا "شاطحة" عن شقيقاتها ومحيطها، كما أنه لم يعد لدى قطر ما تقدمه لتواري أخطاء سياستها الموجّهة ضد مصالح شقيقاتها. شخصيا أتفق مع الدوسري وأزيد أن المتابع لتباين مواقف القيادة القطرية يصيبه بالحيرة والذهول، وإلا فماذا يُفهم من زيارات الشيخ تميم بن حمد المتكررة للسعودية للتشاور معها في عدد من قضايا المنطقة، وتأييده لخطاب خادم الحرمين الشريفين الأخير للعلماء بضرورة توضيح صورة الإسلام الحقيقية للشباب من جهة، ومن جهة أخرى دعم الدوحة للحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان ومساندتها لأصوليي إيران والعراق، وعلاقاتها المواربة مع إسرائيل، واحتضانها للتيارات الأصولية، والدفع بالإخوان المسلمين ليتصدروا المشهد في العالم العربي؟ فهل قطر بهذه المواقف تدفع باتجاه المصالحة مع دول الخليج أم للمقاطعة معها؟ كمراقب للشأن العام لا أستطيع الفصل بين ما يحصل في الدوحة اليوم وبين حدثين مهمين سجلهما لنا التاريخ الحديث، الأول موقف الحكومات البريطانية المتعاقبة من دول العالمين العربي والإسلامي، عندما احتضنت كل من خرج على بلاده بدعوى الحفاظ على حقوق الإنسان. وكيف تحولت بريطانيا في سنوات معدودة من عاصمة للحرية والديمقراطية إلى قبلة للتطرف والمتطرفين من جميع دول العالم، لينقلب السحر على الساحر ويأتي اليوم الذي تكتوي فيه أوروبا كلها بهذه السياسات، ويظهر من أبنائها من ينادي بدولة الخلافة الإسلامية وينحر في سبيل ذلك أسيرا أمريكيا. والثاني قصة الضباط الأحرار في مصر، التي بدأت في يوليو 1952 بالانقلاب على القصر وتولي السلطة تحت ما يسمى مجلس قيادة الثورة، ومن ثم المشاركة في الحكم مناصفة بين جمال عبدالناصر ورفقاء السلاح. وعندما توفي عبدالناصر بعد تعيينه أنور السادات نائبا له، عانى الأخير لسنوات طويلة من تدخلات أعضاء المجلس، قبل أن ينجح بذكائه وحنكته في تقليم أظافرهم وإيداعهم السجون للانفراد بقيادة البلاد. ما أراه اليوم في قطر أنها خليط من هذا وذاك، فهي لسنوات طويلة احتضنت كل المتناقضات على أراضيها، وبالتالي أصبحت هذه الفصائل تحظى بدعم ورعاية جهات محددة داخل دائرة الحكم، تدفع بها لمناكفة القيادة تارة، ولتنفيذ أجنداتها وسياساتها تارة أخرى. ولعل الطلب القطري الأخير بجدولة المطالب الخليجية لتحقيق المصالحة يصب في هذا الاتجاه، فالرغبة كما يبدو موجودة لدى القيادة ولكن مخاضها ما زال عسيرا. alnowaisir@ [email protected]